أنتجت دار السكّ في فيلادلفيا، الأربعاء، آخر دفعة من عملات "البنس"، لتطوي بذلك صفحة من تاريخ النقد الأمريكي الذي بدأ بعد عام واحد فقط من إقرار الكونغرس قانون سك العملات. وأعلن المسؤولون أن الدفعات الأخيرة ستُطرح في مزاد علني لهواة الجمع، في حين ستبقى العملات القديمة صالحة للتداول دون إصدار نسخات جديد منها.
خلال الحدث، ضغط أمين الخزانة الأمريكي براندون بيتش على الزر الذي أطلق آخر قطعة نقدية من فئة "البنس" قائلاً: "ليبارك الله أمريكا، وسنوفر على دافعي الضرائب 56 مليون دولار سنويًا". وأوضح أن آخر عملة توقفت البلاد عن إنتاجها كانت فئة الـ"نصف سنت" عام 1857.
جاء القرار تنفيذًا لأمر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بعد ارتفاع تكلفة إنتاج القطعة الواحدة إلى نحو 4 سنتات، أي أكثر من قيمتها الفعلية بأربع مرات.
وكتب ترامب في منشور إلكتروني في شباط/ فبراير الماضي: "لقد واصلت الولايات المتحدة إنتاج عملات الـ"البنس" لفترة طويلة، رغم أن كلفتها لا تعادل قيمتها. هذا أمر في غاية الهدر!".
ورغم أن مليارات من هذه العملات ما زالت قيد التداول، إلا أن الحاجة إليها تراجعت في اقتصاد القرن الحادي والعشرين، حيث أصبحت معظم المعاملات رقمية أو تتم عبر بطاقات الدفع.
أبدى تجار التجزئة قلقهم من تأثير القرار على المعاملات النقدية اليومية، خاصة مع غياب توجيهات حكومية واضحة حول كيفية التعامل مع الأسعار بعد نفاد الكميات المتبقية.
قرّرت متاجر عدّة تعديل الأسعار لتجنّب الإشكالات الحسابية، فيما طلبت أخرى من الزبائن إحضار المبالغ الدقيقة. أما المتاجر الأكثر ابتكارًا، فاستحدثت عروضًا رمزية مثل تقديم مشروب مجاني مقابل كمية من عملات "البنس".
وفي هذا السياق، قال جيف لينارد من "الرابطة الوطنية لمتاجر البقالة": "لقد طالبنا بإلغاء هذه العملة منذ 30 عامًا، لكن هذه لم تكن الطريقة المثلى لتحقيق ما أردناه".
في الوقت نفسه، بدأت بعض المصارف بتقنين توزيع هذه العملات رغم وجود فائض هائل منها. وتشير الأرقام إلى أن عملات الـ"البنس" شكّلت خلال القرن الماضي نحو نصف إجمالي النقود التي أنتجتها دار سكّ العملة في فيلادلفيا.
في عام 1793، كانت هذه العملة تشتري قطعة خبز أو شمعة أو حلوى، أما اليوم فهي تُركن في الأدراج أو تجمع في أوعية زجاجية وتُنسى. ورغم قيمتها الزهيدة، ما زال كثيرون يرون في عملة "البنس" رمزًا يتجاوز البعد الاقتصادي، فقد عبّر كثيرون عن حنينهم لها ذلك أنهم يعتبرونها جالبة للحظ أو جزءًا من التراث الأمريكي.
وبالنسبة لجامعي العملات والمؤرخين، تمثّل هذه القطعة الصغيرة سجلًا بصريًا لهوية الولايات المتحدة على مدى أكثر من 200 عام. يقول فرانك هولت، أستاذ التاريخ المتقاعد في جامعة هيوستن: "لقد نقشنا عليها شعاراتنا وهويتنا، وقررنا من هم الأشخاص الذين يستحقون أن نخلّدهم. فهي تعكس سياستنا وديننا وفنّنا وصورتنا عن أنفسنا، ومثلنا وطموحاتنا".
المصدر:
يورو نيوز
مصدر الصورة
مصدر الصورة