آخر الأخبار

احتجاجات المغرب.. أرقام تلخص أزمة الصحة والتعليم

شارك

الرباط- نظم متظاهرون وقفات احتجاجية في مدن مغربية أيام السبت والأحد والاثنين الماضية، رفعوا أثناءها شعارات تطالب بإصلاح منظومتي الصحة والتعليم، منها: "الصحة أولا ما بغيناش كأس العالم " و"لا صحة لا تعليم، هذا مغرب الله كريم".

ودعت إلى هذه الاحتجاجات مجموعة شبابية ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي، تطلق على نفسها اسم حركة "Genz 212" (جيل زد 212).

وأصدرت السلطات قرارات استباقية تمنع الاحتجاجات، بدعوى عدم الترخيص لها، وفرقتها عناصر الأمن بالقوة، واعتقلت عددا من المحتجين وأطلقت سراحهم بعد ساعات.

واستنكرت عدد من الجمعيات الحقوقية والأحزاب السياسية في بيانات منع الاحتجاجات وتفريقها بالقوة، داعية إلى الاستماع لمطالب المحتجين واحترام الحق في التظاهر السلمي.

وضع اجتماعي مقلق

واعتبر رئيس الحكومة السابق سعد الدين العثماني، أن الاحتجاجات التي شهدتها عدد من المدن المغربية "مؤشر على ضرورة تغيير الحكومة لمسار عملها وخطابها".

وقال العثماني في تدوينة له إن هذه الاحتجاجات "مؤشر على أن الوضع الاجتماعي مقلق للغاية بسبب تزايد البطالة ، داعيا إلى تدارك الأمور واتخاذ إجراءات فعالة وسلوك أسلوب الصراحة والتواصل الجيد مع المواطنين".

أما رئيس مجلس النواب والقيادي في حزب التجمع الوطني للأحرار -الذي يقود الحكومة- رشيد الطالبي العلمي، فقال إن "قطاع الصحة لم يعرف إصلاحا هيكليا منذ الاستقلال مثل الذي يشهده اليوم".

وأضاف في لقاء حزبي بمدينة خنيفرة (شمال وسط) أن إعادة ترتيب هذا القطاع وهيكلته تتطلب وقتا قبل ظهور النتائج، مشيرا إلى "وجود لوبيات وأصحاب مصالح يقفون وراء الضجة".

وقبل أسبوع صرح رئيس الحكومة عزيز أخنوش في تجمع حزبي أن حكومته قامت بعمل كبير في قطاع الصحة، سواء تعلق الأمر بإعداد القوانين أو الموازنة.

وأقر -بعد احتجاجات في مدينة أغادير (جنوب) أعقبت وفاة 8 نساء حوامل في المستشفى- بوجود مشاكل في قطاع الصحة، مؤكدا أن حكومته ستعمل على حلها قدر المستطاع.

مصدر الصورة جانب من مظاهرات خرجت في مدينة وجدة (الصحافة المغربية)

قطاعا الصحة والتعليم في أرقام

شملت الاحتجاجات مدنا عدة من بينها الرباط والدار البيضاء وطنجة ومراكش وفاس وتطوان ووجدة وأغادير وغيرها، ودعا المتظاهرون إلى توجيه الإنفاق الحكومي نحو المستشفيات والمدارس وتوفير فرص العمل، معتبرين أن الصحة والتعليم هما أبرز الأولويات الوطنية.

إعلان

ونستعرض هنا عددا من الأرقام والمؤشرات عن قطاعي التعليم والصحة في المغرب

1- قطاع التعليم


* بلغت ميزانية قطاعي الصحة والتعليم نحو 118 مليار درهم (نحو 11.5 مليار دولار)، أي 16.4% من موازنة عام 2025 التي وصلت إلى نحو 721 مليار درهم (72.1 مليار دولار).
* شهدت موازنة قطاع التعليم تطورا في السنوات الثلاث الأخيرة، إذ زادت من 69 مليار درهم (6.7 مليارات دولار) في 2023 إلى 74 مليارا (8.1 مليارات دولار) في 2024، ثم 86 مليارا (8.2 مليارات دولار) في 2025، وهو ما يمثل 12% من الموازنة العامة.
* تكشف مؤشرات قطاع التعليم الحكومي أن عدد تلاميذ التعليم الأساسي يبلغ 8 ملايين و271 ألفا، في حين يبلغ عدد الأساتذة 299 ألفا و129، أي نحو 36 معلما لكل ألف تلميذ.
* اعتمدت وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي هذا العام حدا أقصى لعدد التلاميذ في الأقسام، بواقع 30 تلميذا في السنة الأولى من الابتدائي و36 في باقي المستويات، إلا أن 1% من أقسام الابتدائي و12% من الأقسام الإعدادية والثانوية ما تزال تشهد اكتظاظا في تلاميذ الفصل الدراسي الواحد خاصة في ضواحي المدن المكتظة بالسكان.
* يبلغ عدد طلبة التعليم العالي مليونا و159 ألف طالب، موزعين على 162 مؤسسة تعليمية حكومية ضمن 12 جامعة، ويعمل بها 17 ألف أستاذ جامعيا، في حين بلغ عدد خريجي الجامعات 135 ألفا، يمثلون 75% من مجموع الخريجين.
* صنف المنتدى الاقتصادي والاجتماعي (دافوس) المغرب في الرتبة 101 عالميا والتاسعة عربيا في جودة التعليم، في حين وضع مؤشر المعرفة العالمي المغرب في المرتبة 98 عالميا من أصل 141 دولة. مصدر الصورة مستشفى الأطفال التابع للمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط (الجزيرة)

2- قطاع الصحة


* ارتفعت ميزانية قطاع الصحة من 28 مليار درهم (3 مليارات دولار) في 2023 إلى 30 مليار درهم (3.2 مليارات دولار) في 2024 ثم 32.6 مليار درهم (3.5 مليارات دولار) في 2025، وهو ما يمثل نحو 4% من الموازنة العامة.
* يشمل قطاع الصحة الحكومية 6 مستشفيات جامعية و3078 مؤسسة للرعاية الصحية الحكومية، منها 2186 في القرى.
* يبلغ عدد الأطباء 15 ألفا و600 طبيب، أي 0.43 طبيب لكل ألف نسمة، وهو أقل بكثير من المعدل العالمي الذي يبلغ 1.72 طبيب لكل ألف نسمة.
* يبلغ عدد الممرضين 41 ألفا و600 ممرض، أي 1.1 لكل ألف نسمة، في حين يصل المعدل العالمي 3.86 لكل ألف نسمة.
* احتل المغرب الرتبة 94 من أصل 99 دولة في مؤشر الرعاية الصحية العالمي لعام 2025 الصادر عن موقع (نامبيو) المتخصص في تحليل البيانات والإحصاءات.

البطالة والفقر في المغرب

قال رئيس المركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة، رشيد ساري إن خروج الشباب للاحتجاج في الشارع يعكس المشاكل العميقة التي تعيشها البلاد في الصحة والتعليم، مشيرا إلى أن الأمر لم يعد يقتصر على الطبقات الفقيرة، بل امتد للطبقة المتوسطة أيضا التي باتت تئن من غلاء المعيشة وتطالب بتحسين الخدمات العمومية المجانية.

وأضاف في حديث للجزيرة نت أن تجاهل الحكومة الاختلالات التي تعيشها منظومتا الصحة والتعليم وارتفاع معدلات البطالة، دفع الشباب للخروج إلى الشارع للتعبير عن الغضب.

وزادت مؤشرات البطالة والفقر من حدة الاحتقان الاجتماعي، إذ بلغ معدل البطالة 12.8% على المستوى الوطني، وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط (جهاز حكومي) في الفصل الثاني من سنة 2025.

إعلان

ورغم تراجع عدد الفقراء إلى 2.5 مليون شخص في 2024 من 4 ملايين في 2014، استمرت الفروق العميقة بين المناطق، إذ تركزت معظم حالات الفقر في المناطق الريفية.

وأشار تقرير حديث للمركز الأفريقي للدراسات الإستراتيجية والرقمنة إلى أن ظاهرة "نقص الشغل" أو العمل الجزئي غير المرغوب فيه تشمل نحو 1.25 مليون شخص، في حين يهيمن القطاع غير الرسمي على ثلثي العمالة، ما يعني غياب الحماية الاجتماعية والعمل اللائق.

وأوضح التقرير أن 35% فقط من خريجي التعليم العالي يعملون في مجال دراستهم، مقابل 40% في مجالات غير متصلة بدراستهم وتدريبهم، و25% يبقون في حالة بطالة مما يعكس ضعف ملاءمة الدراسة والتدريب الأكاديمي مع متطلبات سوق العمل.

مصدر الصورة مدرسة في إحدى قرى مدينة وزان شمال المغرب (الجزيرة)

ميزانيات ضخمة بدون نتائج

من جانبه، قال الخبير في التعليم خالد الصمدي، إن الحكومة تعاملت مع التعليم باعتباره قطاعا جزئيا، وليس سياسة إستراتيجية، مشيرا إلى أن الدولة اعتمدت رؤية إستراتيجية للفترة (2015-2030)، حولتها إلى قانون إطار سنة 2019 ليكون ملزما للحكومات المتعاقبة ولضمان استمرارية الإصلاحات.

وأضاف الصمدي للجزيرة نت أن الحكومة الحالية، اختارت العمل بصورة جزئية بدلا من اتباع الإستراتيجية، إذ تم فصل التعليم الأساسي عن التعليم العالي والتدريب المهني، مشيرا إلى أن ضخ ميزانيات ضخمة لم ينعكس على المنظومة التربوية، في غياب الاستمرارية والتراكم.

وأكد الصمدي -الذي كان وزيرا سابقا في التعليم العالي- أن الوضع الحالي في قطاع التعليم "يعكس ارتباكا وفقدانا للبوصلة"، وأن "تداركه يتطلب تعاملا شاملا مع إصلاح التعليم"، مضيفا أن احتجاجات الشباب تعبر عن رغبتهم في "تحول" حقيقي في المدرسة العمومية وليس مجرد إصلاح جزئي.

من جهته، يرى رشيد ساري أن بعض التصريحات الصادرة عن مسؤولين في الحكومة وفي الحزب الذي يقودها "زادت منسوب التوتر"، وقال إنه "في الوقت الذي يواجه فيه المواطنون وضعا اقتصاديا صعبا يتحدث فيه مسؤولون حكوميون وحزبيون بلغة الإنجازات والأرقام، ويقدمون أنفسهم على أنهم أفضل حكومة في التاريخ".

واعتبر أن حديث هؤلاء عن إنجازات حكومية في ظل معدل بطالة يقارب 13% وارتفاع الأسعار وأجور ثابتة "يُعد بمثابة استفزاز للمواطنين".

ودعا ساري إلى فتح نقاش وحوار مجتمعي حول النقائص والاختلالات التي تعرفها القطاعات الحيوية في البلاد لتجاوزها مستقبلا.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار