آخر الأخبار

المترجم يحيى مختار: رحلة أكثر من 30 كتابًا للأدب الصيني بنبض عربي

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

ليس من السهل أن تعبر من لغة إلى أخرى حاملا معك الروح والإيقاع وملامح الثقافة بكل تعقيداتها، قليلون من يملكون هذه القدرة، ومن أبرزهم في عالمنا العربي اليوم هو المترجم والأكاديمي المصري يحيى محمد مختار، الذي فتح له شغفه باللغة الصينية أبوابا واسعة، فحوّل النصوص من مجرد كلمات إلى حكايات تنبض بالحياة في وجدان القارئ العربي.

مختار حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في الأدب العالمي والأدب المقارن باللغة الصينية من جامعة بكين للغات والثقافة، ويعمل أستاذا مشاركا في تخصص الأدب الصيني والترجمة بقسم اللغة الصينية في جامعة السويس المصرية، وعلى مدى سنوات، ترجم أكثر من 30 كتابا في مختلف الفروع المعرفية والأدبية من الصينية إلى العربية، من أبرزها: سلسلة أساطير قصص الأطفال الصينية، تأثير الثقافة الشرقية على النهضة الأوروبية، الموسوعة الإسلامية الصينية، رواية بكين.. بكين، ديوان الحصان الأسود، نهر الزمن، طلاق على الطريقة الصينية، قاموس العمارة الصينية المصور، المسيرة الكبرى، وغيرها الكثير.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 تأثير الدومينو في رواية "فْراري" للسورية ريم بزال
* list 2 of 2 "تاريخ العطش".. أبو شايب يشيد ملحمة غنائية للحب ويحتفي بفلسطين "الأخرى" end of list

لم تقتصر جهوده على الترجمة التحريرية، بل شارك أيضا في الترجمة الفورية والأنشطة الثقافية المشتركة بين مصر والصين، كما حضر مؤتمرات وورشا مع عدد من كبار الأدباء العرب والصينيين، بينهم الكاتب الصيني مويان الحائز على جائزة نوبل في الآداب، كما عمل مدرسا للغة العربية بجامعة بكين، ونشر مقالات في مجلات أدبية وأكاديمية بالصين، وشارك في أنشطة نظمتها السفارة والمركز الثقافي الصيني في مصر، فضلا عن عضويته في لجنة تحرير النسخة العربية من مجلة أدب الشعب الصينية.

وقد نال خلال مسيرته عددا من الجوائز المرموقة: جائزة "الطالب المثالي من جامعة بكين" عامي 2012 و2013، جائزة "فنغ تزي كاي" للكتابة الأدبية بالصينية (2017)، جائزة "وانغ تزنغ تشي" (2018)، جائزة "المجلس الوطني الصيني للمنح الدراسية" (2018)، جائزة "أفضل كتاب مترجم من وزارة الثقافة المصرية والمركز القومي للترجمة" (2022)، وأخيرا جائزة الحكومة الصينية للإسهام المتميز في مجال الكتاب (2025).

إعلان

أكثر من 30 كتابا مترجما، وجوائز رفيعة من الصين ومصر، ومشاركات ممتدة في مؤتمرات وفعاليات عربية ودولية، جعلت من يحيى مختار شاهدا حيّا على عمق التبادل الثقافي العربي الصيني، وفاعلًا في إعادة صياغة صورة كل طرف لدى الآخر.

عن هذه التجربة ومساره بين ضفتي النهر الثقافي، كان لـ "الجزيرة نت" هذا الحوار معه.

مصدر الصورة حظيت رواية "نهر الزمن" للمترجم يحيى مختار بإعجاب عدد كبير من القراء في العديد من الدول العربية (الجزيرة)
*

ما العمل الذي كانت ترجمته بطاقة تعريف بك لدى الجمهور العربي؟

العمل الذي كانت ترجمته بطاقة تعريف بي لدى الجمهور العربي هو رواية ترجمتها تحت عنوان "نهر الزمن" للروائي الصيني الشهير "يو هوا"، فقد حظيت هذه الرواية بإعجاب عدد كبير من القراء في العديد من الدول العربية، ونالت أيضا استحسان عدد لا بأس به من الكُتّاب والمؤلفين والنقاد، وانتشرت على نطاق واسع، فهي الرواية الصينية الوحيدة التي صدرت لها أكثر من طبعة حتى الآن، بل صار اسمي مقترنا بها في كثير من الأحيان.


*

هل لديك معايير بعينها لقبول ترجمة عمل ما؟ وهل يتقيد المترجم بطقوس على غرار طقوس الكتابة؟

في الحقيقة، وعلى خلاف المعمول به في كثير من اللغات الأخرى، فمساحة اختيارنا للأعمال التي نترجمها من الصينية إلى اللغة العربية محدودة للغاية بسبب الكثير من العوامل، أهمها عدم الانتشار الكافي للأدب الصيني مقارنة بالأدب اللاتيني أو الروسي مثلا، أو حتى آداب شرق آسيا مثل الأدب الياباني والكوري، ومن ثم لا يزال الإقبال عليه ضعيفا من الناحية التجارية، الأمر الذي يجعلنا نعمل -في معظم الأحيان- وَفق مشاريع لدعم الترجمة عن طريق جهات صينية في الأغلب.

بالتالي نكون مقيدين بالاختيار ضمن قوائم الكتب المدرجة في هذه المشاريع، وإذا توفرت مساحة للاختيار، فغالبا ما أحرص على ترجمة الأعمال التي تحمل مضمونا إنسانيا مشتركا، وتكون سهلة في التلقي عند القراء من ذوي الخلفيات والثقافات المختلفة.

وأحاول تجنب الأعمال ذات الخلفيات التاريخية والثقافية المعقدة، فهي عادة محملة بالأحداث التاريخية والفلسفات القديمة، وغالبا ما تكون غارقة في المحلية، وهذا النوع من الأعمال إما أن يتسبب في تشويش القارئ وعدم استيعابه تفاصيل العمل بالشكل المطلوب، أو في أن يضطر المترجم إلى إضافة كثير من الشروحات، وهو ما يتنافى مع طبيعة وروح الترجمة الأدبية.

وأفضل ترجمة الروايات القصيرة أو "النوفيلات" لأنه يمكن اعتبارها وجبة دسمة متكاملة، سهلة وسريعة الهضم في الوقت نفسه، وهناك عامل آخر لاختيار "النوفيلات" يتعلق بطبيعة الكتابة والتعبير في اللغتين العربية والصينية، فالأعمال الأدبية الصينية غالبا ما يتضاعف حجمها بعد ترجمتها إلى العربية، ولو كان العمل كبيرا في الأصل، سيتسبب حجمه المتضاعف بعد الترجمة إلى عزوف القارئ العربي عن قراءته.

أما بخصوص طقوس الترجمة، فلا أعتقد أن هناك فرقا كبيرا بين طقوس الترجمة والكتابة، ومن الطبيعي أن يكون لدى المترجم طقوس يلتزم بها خلال عملية الترجمة، فقبل الشروع في الترجمة أطالع كل ما يخص الكاتب سواء سيرته الذاتية أو أسلوبه ومكانته وما إلى ذلك، بعد ذلك أقرأ العمل كاملا قراءة متأنية، وأحاول قراءة ما كتبه النقاد عنه وآراء القراء حوله، وأيضا أطالع بعض الدراسات التي أجريت عن هذا العمل.

إعلان

من ضمن الطقوس أيضا أنني أجهز جميع أدواتي سواء الكمبيوتر أو القواميس وما إلى ذلك، أحب العمل في أجواء هادئة، وأحب أيضا أن أعمل في الصباح الباكر على خلاف معظم المترجمين، وألزم نفسي خطةَ عمل يومية لا بد من إنهائها.


*

ما الخصوصية التي تتمتع بها اللغة الصينية؟ وما الصعوبات المترتبة على ذلك في الترجمة إلى العربية؟

اللغة الصينية واحدة من أعرق وأصعب اللغات على مستوى العالم، وهي لغة ذات طبيعة مختلفة، حيث لا توجد بها حروف أبجدية، بل تتكون من آلاف الرموز التي تتكون بدورها من خطوط، والاختلافات البسيطة بين الخطوط تحدث فرقا كبيرا في معنى الرمز، كما أن نظامها الصوتي يعتمد على النغمات التي تحدث فرقا كبيرا في المعنى المنطوق أيضا، وبالطبع هذه صعوبات تشكل تحديات كبيرة لدارسي اللغة الصينية.

لكن الجانب الأصعب يتعلق بثراء المعنى والخلفيات الثقافية والتاريخية والدلالات المعنوية المختلفة للرمز، والدلالات التي تحملها بعض المصطلحات أو المفردات وتؤثر بدورها في المعنى المقصود، وهناك بعض الصعوبات التي تتعلق بالأقوال المأثورة والأمثال والتعبيرات الدارجة، كل هذه عوامل تصعّب من عملية الترجمة، أضف إلى ذلك ندرة الأدوات المساعدة كالقواميس المتخصصة بالعربية أو النصوص الاسترشادية والذخائر اللغوية التي يمكن اللجوء إليها.

وكغيرها من اللغات، لا يعد الإلمام باللغة الصينية وإتقانها كافيا للمترجم كي يقدم عملا جيدا، فهناك كثيرون ممن يتقنون اللغة لكنهم لا يجيدون الترجمة، بل على العكس هناك من يقول إن "إتقان اللغة لا يعني أبدا إتقان الترجمة".

وفي رأيي أن الترجمة هي فن بالأساس، تدعمه الدراسة وتصقله الممارسة، وبدون الممارسة الدائمة والتعرض للنصوص المختلفة مثل النصوص الصحفية والسياسية والعلمية والاقتصادية والقانونية والأدبية فلن ينجح المترجم في الوصول إلى المستوى الذي يجعل منه مترجما محترفا، وخاصة عند الحديث عن الترجمة الأدبية.


*

ما أبرز المشكلات التي تواجه الترجمة من الصينية إلى العربية والعكس؟

اعتقد أن أبرز المشكلات التي تواجه الترجمة من الصينية إلى العربية والعكس هي قلة الدعم وضعف دور المؤسسات الرسمية المعنية، حيث يعد دور المؤسسات الثقافية المصرية الحكومية والخاصة في دعم حركة الترجمة بين مصر والصين ضعيفا للغاية، ويقتصر على بعض المشروعات المحدودة من بعض الجهات الحكومية مثل المركز القومي للترجمة، كما أن هناك بعض المؤسسات الخاصة على رأسها مجموعة بيت الحكمة للثقافة التي تنشط في الحصول على حقوق ودعم العديد من الكتب والأعمال الأدبية والصينية ونشرها في مصر والوطن العربي.

يوجد أيضا قصور واضح في مبادرات دعم الترجمة في مصر تحديدا، لكنها تزداد بشكل لافت في دول الخليج العربي، حيث نلاحظ وجود العديد من مشروعات الترجمة في هذه الدول، وأيضا دورها الكبير الذي تمارسه من خلال جوائز الترجمة القيمة التي تمنحها للكفاءات من العاملين في مجال الترجمة.

هناك أيضا مشكلة أخرى تتمثل في طرق تدريس الترجمة في السياق الأكاديمي، حيث إن معظمها لا يزال معتمدا على الجوانب النظرية والقوالب القديمة، ويفتقر إلى الجوانب العملية والتحديث، الأمر الذي يجعل الدارسين ينفرون من الترجمة التحريرية، ويعزفون عن الانخراط في ممارستها بعد التخرج.

مصدر الصورة مجموعة من ترجمات المترجم المصري يحيى محمد مختار (الجزيرة)
*

إن شئنا التعبير -ولو مجازا- عن عصر ذهبي للترجمة من الصينية إلى العربية.. ما الفترة التي ينطبق عليها ذلك؟ ولماذا؟

تعود بدايات ظهور الترجمة عن الصينية في عالمنا العربي إلى تسعينيات القرن الماضي، وهي بداية متأخرة كثيرا مقارنة باللغات الأخرى، ولم تزدهر إلا مع نهاية العقد الأول من القرن الحالي، لذا أعتقد أننا نعيش حاليا في العصر الذهبي للترجمة من الصينية للعربية.

إعلان

ولكن في الوقت نفسه أخشى أن يتبدل الحال في المستقبل، فالجيل الحالي من المترجمين المصريين -وهم بالمناسبة القوام الأساسي للمترجمين العرب عن الصينية- يمكن أن يطلق عليه جيل الوسط، هذا الجيل تتلمذ على يد الرعيل الأول من أساتذة الترجمة عن الصينية الذين رحل بعضهم عن عالمنا، وبالرغم من عدد المترجمين المحدود لأبناء هذا الجيل، سواء من الأكاديميين أو غيرهم، إلا أنه يضطلع بالمهمة الأكبر في عملية الترجمة عن الصينية، حيث أثرى المكتبة العربية بأعداد كبيرة من الترجمات عن الصينية في مختلف فروع العلوم.

لكن من منظور آخر، لا توجد هناك بوادر لجيل أصغر يمكن القول إنه سيحمل الراية مستقبلا، فأجيال الشباب من الخريجين لا يتحلون بالصبر الكافي لممارسة الترجمة، فترجمة الكتاب الواحد قد تستغرق شهورا، وبعض الكتب قد يستغرق سنوات، الأمر الذي لا يتماشى مع طبيعة أجيال الخريجين وإيقاع الحياة السريعة لديهم.

كما أن الترجمة ليست بالمجال المربح في نظر هذا الجيل، خاصة في ظل ازدهار الأعمال التجارية مع الصين، التي تعد الخيار الأول كمجال عمل لدارسي اللغة الصينية، هذا بالإضافة إلى إقبال كثيرين منهم على العمل في مجال السياحة فهو من المجالات المربحة أيضا.

بالرغم من كل هذه العوامل، أعتقد أن مستقبل الترجمة من الصينية في العالم العربي مستقبل واعد، لكنه يحتاج إلى بذل المزيد من الجهود لإعداد أجيال جديدة من المترجمين الواعدين، والتوعية بأهمية الترجمة، وأيضا إلى دعم من الجهات المعنية بالترجمة في مصر خاصة والعالم العربي بشكل عام.


*

كيف أسهمت الجائزة في تعزيز حضورك بمجال الترجمة؟

على المستوى الشخصي تمثل جائزة "الصين للإسهام المتميز في مجال الكتاب" تقديرا وتكريما من الصين، فهي الدولة التي عشت ودرست بها، وأترجم عن لغتها، وأيضا أعمل في تدريس لغتها بالجامعة، أما على المستوى المهني، فهي بمنزلة اعتراف بالمجهود الكبير الذي بذلته على مدار سنوات في مجال الترجمة، وهي الجائزة الأرفع على الإطلاق التي تمنحها الحكومة الصينية للأجانب المتخصصين في مجال الترجمة والدراسات الصينولوجية على مستوى العالم.

يسلم الجائزة للفائزين وزير الدعاية الصيني شخصيا، وهو أحد أرفع وأهم المناصب في الحكومة الصينية، تقدمت للترشح لهذه الجائزة 5 مرات من بعد حصولي على الدكتوراه، وكان رصيدي من الكتب المترجمة حينها حوالي 20 كتابا، وبالفعل وصلت إلى القائمة القصيرة آخر دورتين، ونجحت في الحصول عليها هذه الدورة أخيرا.

الترشح للجائزة يكون بتزكية من الملحقية الثقافية بسفارة الصين بالقاهرة ، وأيضا بترشيح واحدة من دور النشر الصينية، وقد أطلقت هذه الجائزة في عام 2005، وتمنح سنويا لـ5 مترجمين و5 كُتّاب و5 ناشرين على مستوى العالم، وهذه هي الدورة 18 للجائزة، وبلغ عدد الحاصلين عليها منذ إطلاقها حتى اليوم 215 فائزا، ولي عظيم الشرف أن أكون واحدا منهم.

وبالطبع، ستفتح لي هذه الجائزة آفاقا جديدة في التعامل مع دور النشر الصينية والعربية، وأيضا وستؤدي دورا كبيرا في تسهيل الحصول على حقوق نشر الأعمال الرائجة لمشاهير الكتّاب، أو تسهيل التقديم على مشروعات دعم الترجمة وغيرها من الأمور التي ستعزز من حضوري في مجال الترجمة.


*

ماذا عن آلية تعامل المترجم مع دور النشر؟ وما رأيك في ثقافة المحرر الأدبي؟

بالحديث عن تعامل المترجم مع دور النشر، فالأمر مختلف بعض الشيء في حالة الترجمة عن الصينية، ذكرت سابقا أننا عادة ما نعمل وَفق مشروعات لدعم الترجمة تطرحها المؤسسات الرسمية الصينية، هذا الدعم يشتمل على مقابل الترجمة ودعم للناشر، وبالتالي لا يوجد هناك ما يمكن أن نسميه مغامرة من الناحية التجارية.

فبخصوص الناشر -على الأقل- لا توجد هناك خسارة مادية حال عدم رواج مبيعات العمل المنشور، وبديهي أن العمل في هذا الإطار يسهّل كثيرا من التعامل بين المترجم والناشر، إذ لا توجد تعاملات مادية، ويقتصر الأمر فقط على متابعة ما يخص مرحلة ما بعد الترجمة كالتحرير والتدقيق والتصميم وحتى الطباعة.

أما المحرر الأدبي، ففي رأيي أنه يضطلع بدور لا غنى عنه، وبصفتي مترجما، أرى نفسي مرآة عاكسة، فأنا ناقل دقيق للمعنى، ووسيط محترف بين اللغتين، ربما وصلت إلى مستوى عالٍ من إتقان اللغة التي أترجم عنها، ومستوى عالٍ أيضا من اللغة التي أترجم إليها، لكنني لست بمستوى الكاتب، وما زلت بعيدا عن ذائقة الكتابة الأدبية التي تجذب القارئ، وبالتالي لا بد من وجود محرر أدبي للتدخل في تحسين صياغة بعض العبارات، ويجري هذا بالاتفاق مع المترجم بالطبع بما لا يخل بروح النص الأصلي.


*

حين يعمد بعض المؤلفين إلى ابتكار ونحت مصطلحات جديدة ليست في قواميس لغتهم.. ماذا يتعين على المترجم حينها؟

إعلان

أعتقد أن الحرص على التواصل المباشر مع المؤلفين هو أحد العوامل المهمة التي تساعد على إخراج العمل المترجم في أفضل صورة ممكنة، فأحيانا قد تواجه المترجم بعض العوائق أو الاستفسارات التي يحتاج إلى سؤال الكاتب عنها، كأن يعمد الكاتب إلى ابتكار أو نحت مصطلحات جديدة.

وفي حال تعذر التواصل مع الكاتب يمكن أيضا اللجوء إلى بعض الأصدقاء المتخصصين من أهل اللغة، كما أن طرق البحث المتنوعة المتاحة حاليا قد توفر إجابات وافية في كثير من الأحيان، ولتجنب مثل هذه الحالات قدر الإمكان يتعين على المترجم أن يكون متابعا جيدا لكل ما يدور في مجتمع اللغة التي يترجم عنها.

على سبيل المثال متابعة الجوانب الثقافية والرياضية والفنية وغيرها، ومتابعة الموضوعات الساخنة، والمصطلحات الدارجة الحديثة، وغيرها مما يشغل الرأي العام هناك، أي أن يحرص المترجم على متابعة كل ما يخص اللغة ومجتمعها وكأنه يعيش وسط هذا المجتمع.

مصدر الصورة يحيى مختار: "دراسة اللغة تشبه الاعتناء بالزرع، كلما اعتنيت به جيدا أزهر وأثمر، وأن الاجتهاد في تحصيلها حتما سيؤتي ثماره"
*

نصيحة تقدّمها للطلاب في كلية الألسن -وما في حكمها- على صعيد اللغة والثقافة وغير ذلك.

نصيحتي للطلاب دارسي اللغات أن يتحلوا بالشغف والإقبال على دراسة اللغة، وعدّها هواية ممتعة وليست مهمة دراسية يجب الانتهاء منها، وألا يجعلوا دراستها قاصرة على الجانب الأكاديمي، فالتعلم الذاتي في ظل وفرة الموارد التعليمية حاليا مهم للغاية.

وأن يعلموا جيدا أن دراسة اللغة تشبه الاعتناء بالزرع، كلما اعتنيت به جيدا أزهر وأثمر، وأن الاجتهاد في تحصيلها حتما سيؤتي ثماره، وعليهم أن يعلموا أيضا أن دراسة اللغة لا تقتصر على الجوانب اللغوية فقط، بل تشمل الجوانب المعرفية والثقافية والتاريخية الأخرى، وأن يهتموا برفع مستوى لغتهم الأم، فالتمكن من لغة أجنبية في ظل وجود قصور في اللغة الأم واحدة من المشكلات الكبيرة التي يواجهها دارسو اللغات عموما.

وأخيرا أقول لهم ألا تستعجلوا النجاح، أو يقارنوا أنفسهم بمن سبقوهم في تحصيلها وبلغوا مستويات متقدمة، حتى لا يشعروا بالإحباط عند المقارنة، فالمهم هو التحلي بروح التنافس مع من هم في مستوياتهم، لأن اللغة طريق يحتاج اجتيازه إلى السير بخطوات محسوبة، وهذه هي الوسيلة الأفضل والأسرع للوصول إلى النجاح.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار