يعد تساقط الشعر من الظواهر الشائعة التي تشغل اهتمام الباحثين في مجالات الطب والتجميل، إذ لا تزال آلياته الدقيقة وسبل تحفيز نمو الشعر الطبيعي محل دراسة مستمرة.
ورغم احتواء فروة الرأس لدى المصابين بالصلع على بصيلات شعر سليمة، إلا أنها غالبا ما تكون في حالة خمول، ما يؤدي إلى إنتاج شعر أضعف وأرق يتوقف عن النمو تدريجيا. وتشير دراسات سابقة إلى أن هذه البصيلات تحتوي على خلايا جذعية خاملة يمكن نظريا إعادة تنشيطها.
وفي هذا السياق، أجرى باحثو جامعة تايوان الوطنية بالتعاون مع فريق من تايوان والولايات المتحدة، دراسة متقدمة لفهم العلاقة بين الخلايا الدهنية في الجلد والخلايا الجذعية لبصيلات الشعر، بهدف تحديد كيفية تأثير الأنسجة الدهنية على تجدد الشعر بعد الإصابة أو الالتهاب.
ويتميّز الجلد بكونه عضوا غنيا بالدهون، إذ تلعب الأنسجة الدهنية دورا وقائيا وغديا مهما، وتفرز عوامل تؤثر في نشاط بصيلات الشعر. كما ربطت أبحاث سابقة بين الالتهاب الخفيف الناتج عن إصابات الجلد وبين تحفيز نمو الشعر، إلا أن الدور المحدد للخلايا الدهنية في عملية التجدد ظلّ غامضا.
وفي الدراسة، استخدم الباحثون نماذج فئران تعرضت لإصابات جلدية مختلفة، بما في ذلك التهيج الموضعي بكبريتات دوديسيل الصوديوم (SDS) والإصابة بالليزر، لمتابعة التغيرات الخلوية والجزيئية في الجلد والأنسجة المحيطة ببصيلات الشعر.
واختيرت إناث الفئران في اليوم التاسع والأربعين بعد الولادة، وهي مرحلة يُعرف فيها الشعر بدخوله حالة راحة (التيلوجين) تستمر نحو ستة أسابيع.
واستخدم الباحثون تقنيات تحليل متقدمة مثل الفحص النسيجي ووسم EdU واختبارات الدهون والتلوين المناعي والتحليل النسخي المكاني والكمي لتتبع التغيرات الخلوية والجزيئية.
النتائج:
أدى تحفيز الجلد بمادة SDS إلى ظهور احمرار وتقشّر وزيادة في سمك البشرة، أعقبها نمو شعر جديد بعد عدة أيام.
تبيّن أن الدهون البيضاء تحت الجلد دخلت في حالة تحلل دهني نشط، إذ انكمشت قطرات الدهون داخل الخلايا، وانخفضت الدهون الثلاثية، وارتفعت الأحماض الدهنية الحرة ومستويات PLIN1 المفسفر.
عند تثبيط إنزيم ATGL المسؤول عن بدء تحلل الدهون، سواء دوائيا أو بالحذف الجيني، توقف تجدد الشعر بالكامل.
وأشارت النتائج إلى أن الخلايا البلعمية كانت المحفز الرئيس لتحلل الدهون؛ إذ أظهرت التحليلات النسخية تسلّلها إلى الأنسجة الدهنية الجلدية.
وخلص الباحثون إلى أن هناك محورا خلويا جديدا يربط بين الخلايا البلعمية والخلايا الدهنية والخلايا الجذعية، حيث تُحوّل إشارات الإصابة والالتهاب إلى تفاعلات أيضية محلية تعيد تنشيط الخلايا الجذعية لبصيلات الشعر.
كما أظهرت التجارب أن تطبيق الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة موضعيا عزّز نمو الشعر لدى الفئران، ما يشير إلى إمكانات علاجية واعدة لمشكلات تساقط الشعر في المستقبل.
ورغم أن النتائج واعدة، إلا أن الباحثين يؤكدون ضرورة إجراء دراسات إضافية على الجلد البشري لفهم مدى تطابق الآليات الحيوية بين الإنسان ونماذج الفئران، خصوصا أن بعض العوامل البروتينية تختلف بين النوعين.
نشرت الدراسة في مجلة Cell Metabolism.
المصدر: ميديكال إكسبريس
المصدر:
روسيا اليوم