في دراسة أُجريت في مدينة ساو جوزيه دوس كامبوس بالبرازيل، قام فريق من الباحثين بتحليل بيانات امتدت بين عامي 1998 و2005 حول حالات دخول المستشفى بسبب النوبات القلبية (احتشاء عضلة القلب).
الفكرة كانت بسيطة لكنها جريئة، تتضمن مقارنة معدلات حدوث هذه الحالات مع اضطرابات المجال المغناطيسي الأرضي، تلك الاضطرابات التي تشتعل عندما تقذف الشمس بجسيماتها في اتجاه الأرض مسببة عواصف جيومغناطيسية.
اعتمد الباحثون على ما يُعرف بـ "مؤشر كيه بي"، وهو مقياس عالمي يحدد درجة استقرار أو اضطراب المجال المغناطيسي الأرضي.
وبحسب النتائج، التي نشرها الباحثون في دراسة بدورية "نيتشر كوميونيكيشنز"، وُجد أن النساء، وبخاصة في الفئة العمرية بين 31 و60 عاما، أكثر عرضة لزيادة واضحة في خطر الإصابة بالنوبات القلبية خلال الأيام المضطربة مغناطيسيا. بل وفي بعض الحالات، تضاعفت النسبة 3 مرات مقارنة بالأيام الهادئة.
أما الرجال فقد ظلّت أعداد إصاباتهم أعلى بشكل عام، لكن التأثير النسبي للاضطراب المغناطيسي لم يكن بنفس القوة التي ظهرت لدى النساء.
ويعتقد العلماء أن السبب قد يتعلق بطرف ثالث في هذه العلاقة، فقد لا تتسبب العواصف الشمسية في مشكلات قلبية مباشرة، لكنها قد تغير الإشارات الكهربائية أو الكهرومغناطيسية في الأنسجة، مما قد يسبب تضيّقا أو توسعا في الأوعية الدقيقة، ويؤثر على تدفق الدم إلى عضلة القلب.
كما أن العواصف الشمسية قد تؤثر على الساعة البيولوجية للجسم، مما يعطل التوازن الهرموني والتنظيم اليومي (كهرمونات مثل الكورتيزول والأدرينالين) التي تلعب دورا في الاستجابة للإجهاد وصحة القلب.
وترى فرضيات أخرى أن تغيرات المجال المغناطيسي قد تحفز حالات التوتر التأكسدي أو الالتهابات في الأنسجة، مما قد يضعف بطانة الشرايين أو يهيّئها للنوبة القلبية في المواقف المضافة (مثل الإجهاد وارتفاع ضغط الدم).
لذلك، ورغم إثارة النتائج، يشير الباحثون إلى أن هذه دراسة رصدية وليست تجربة محكمة. أي أن العلاقة المكتشفة قد تكون ارتباطا لا سببيا.
كما أعلن الباحثون عن وجود حدود للدراسة، منها أن العينة مقتصرة على مدينة واحدة، وأن حجم العينة قد لا يكون كافيا لتعميم النتائج.
وجدير بالذكر أن هذه ليست الدراسة الأولى التي تفحص هذه العلاقة، ففي 2019، أجريت دراسة أخرى على 263 مدينة أميركية على مدى نحو 30 عاما، وقام العلماء بمقارنة سجلات الاضطراب الجيومغناطيسي مع أمراض القلب.
و أظهرت ا لنتائج وجود "ارتباط" بين ازدياد الاضطرابات الجيومغناطيسية وارتفاع معدلات الوفيات الكلية، إضافة إلى الوفيات الناتجة عن أمراض القلب، بما في ذلك احتشاء عضلة القلب.
واللافت أن هذه العلاقة كانت أكثر وضوحا في بعض الفصول، خصوصا الشتاء والخريف، حيث ارتبطت الزيادة في الاضطرابات المغناطيسية بارتفاع ملحوظ في نسب الوفيات.
مع ذلك، أشار الباحثون في هذه الدراسة أيضا أن النتائج لا تعني وجود علاقة سببية مباشرة، إذ إن الدراسة رصدية وتعتمد على ارتباطات إحصائية.
وتكمن أهمية هذه الدراسات في البعد المستقبلي، فإذا تأكدت هذه العلاقة عبر دراسات أوسع وأكثر تنوعا جغرافيا، فقد يصبح من الممكن تطوير أنظمة إنذار صحي مبكر، يخطر الأطباء والمرضى عند توقع عواصف مغناطيسية قوية، بحيث يتخذ مرضى القلب احتياطات إضافية أو يلتزموا بمتابعة أدق في تلك الأيام.