تأتي احتفالات عيد الميلاد المجيد هذا العام على مسيحيي المشرق في ظل ظروف سياسية وإنسانية صعبة، تختلف حدّتها من بلد إلى آخر.
ففي مناطق تشهد نزاعات مستمرة أو آثار حروب حديثة، تتراجع مظاهر الاحتفال التقليدية، لتحلّ مكانها طقوس دينية مختصرة وتركيز أكبر على البعد الروحي للعيد.
وبين غزة والضفة الغربية وسوريا والعراق، يحاول المسيحيون الحفاظ على تقاليدهم الدينية والاجتماعية رغم التحديات الأمنية والاقتصادية وتغيّر الواقع العام في المنطقة.
في قطاع غزة، يأتي عيد الميلاد بعد الإعلان عن اتفاق وقف إطلاق النار، وبدء تنفيذ مرحلته الأولى، عقب أشهر من العمليات العسكرية الواسعة.
ووفق مصادر كنسية محلية، تقتصر الاحتفالات هذا العام على إقامة الصلوات والقداديس داخل الكنائس، من دون تنظيم فعاليات عامة أو مظاهر احتفال خارجية.
وتشير المصادر إلى أن الأوضاع الإنسانية، وحجم الدمار، وفقدان عدد من أبناء الطائفة خلال الحرب، دفعت إلى اعتماد طابع ديني هادئ للعيد، مع التركيز على الصلاة من أجل الضحايا وتحسّن الأوضاع المعيشية في القطاع.
في مدن الضفة الغربية، ولا سيما بيت لحم، تشهد احتفالات عيد الميلاد تراجعا مقارنة بالسنوات السابقة، في ظل القيود الأمنية وتراجع حركة السياحة الدينية.
وأفادت جهات كنسية بأن قداديس العيد ستُقام وفق البرنامج المعتاد، لكن من دون فعاليات جماهيرية واسعة أو احتفالات فنية.
ويؤكد مسؤولون محليون أن استمرار إقامة الشعائر الدينية يمثل أولوية للحفاظ على الطابع الديني والتاريخي للمناسبة، رغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها المنطقة.
في سوريا، يأتي عيد الميلاد هذا العام بعد مرور عام على سقوط نظام بشار الأسد، في ظل مرحلة انتقالية تشهد تغيرات سياسية وأمنية. وتقام الاحتفالات في عدد من المدن السورية بطابع محدود، مع تعزيز الإجراءات الأمنية في محيط الكنائس.
وخلال الفترة التي سبقت العيد، أثار حادث حرق شجرة عيد الميلاد في إحدى المناطق السورية ردود فعل واسعة، حيث أدانت الكنائس وفعاليات مدنية الحادث، واعتبرته اعتداء على الحريات الدينية.
وأُعيد نصب الشجرة لاحقا، وسط دعوات رسمية وشعبية للحفاظ على التعايش بين مختلف المكونات الدينية.
وعقب حادث حرق شجرة عيد الميلاد، أعلنت الحكومة السورية فتح تحقيق في الواقعة، وأكدت في بيانات رسمية التزامها بحماية دور العبادة والمناسبات الدينية لجميع المكونات.
في المقابل، وجّهت جهات كنسية وناشطون حقوقيون انتقادات للحكومة، معتبرين أن الحادث يعكس تحديات أوسع تتعلق بقدرة الدولة على ضمان الحماية الفعلية للأقليات الدينية ومنع تكرار مثل هذه الانتهاكات.
ودعت تلك الجهات إلى إجراءات عملية تتجاوز الإدانات، تشمل تعزيز سيادة القانون ومحاسبة المسؤولين، بما يرسّخ الثقة ويضمن حرية ممارسة الشعائر الدينية دون مخاوف أمنية.
في العراق، تُقام احتفالات عيد الميلاد في بغداد، وإقليم كردستان، وعدد من مناطق سهل نينوى، وسط مشاركة محدودة مقارنة بفترات سابقة، نتيجة تراجع أعداد المسيحيين بسبب الهجرة خلال السنوات الماضية.
وتشير مصادر كنسية إلى أن الكنائس تركز هذا العام على إقامة الصلوات والأنشطة الاجتماعية المرتبطة بالمناسبة، مع التأكيد على أهمية الاستقرار الأمني ودعم عودة العائلات المسيحية إلى مناطقها الأصلية.
وتشهد الطائفة المسيحية في العراق تراجعا ملحوظا في أعدادها خلال السنوات الماضية، نتيجة موجات متتالية من الهجرة المرتبطة بالأوضاع الأمنية والاقتصادية.
ووفق تقديرات كنسية ومحلية، دفعت سنوات العنف الطائفي، وسيطرة تنظيمات مسلحة في فترات سابقة، إضافة إلى محدودية فرص العمل والخدمات، أعدادا كبيرة من العائلات المسيحية إلى مغادرة البلاد، خصوصا من بغداد وسهل نينوى.
ورغم تحسّن الوضع الأمني نسبيا في بعض المناطق، لا تزال وتيرة العودة محدودة، في ظل استمرار المخاوف المرتبطة بالاستقرار، وغياب الضمانات الاقتصادية طويلة الأمد.
على الرغم من اختلاف السياقات بين الدول، تجمع مسيحيي المشرق ظروف متشابهة تتعلق بعدم الاستقرار السياسي، وتداعيات النزاعات المسلحة، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية.
ويعكس طابع الاحتفالات هذا العام واقعا يتسم بالحذر، مع تمسّك المجتمعات المسيحية بممارسة شعائرها الدينية ضمن الإمكانات المتاحة.
وتحتفل الطوائف المسيحية التي تعتمد التقويم الغربي بعيد الميلاد في قداس منتصف ليل 24-25 ديسمبر/ كانون الأول، بينما تحتفل الطوائف التي تتبع التقويم الشرقي في 7 يناير/ كانون الثاني.
برأيكم
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 26 ديسمبر/ كانون الأول
خطوط الاتصال تُفتح قبل نصف ساعة من موعد البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة بالصوت والصورة عبر تقنية زووم، أو برسالة نصية، يرجى التواصل عبر رقم البرنامج على وتساب: 00447590001533
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم المشاركة بالرأي في الحوارات المنشورة على نفس الصفحة، وعنوانها: https://www.facebook.com/NuqtatHewarBBC
أو عبر منصة إكس على الوسم @Nuqtat_Hewar
يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب
المصدر:
بي بي سي
مصدر الصورة