آخر الأخبار

حرب السودان: هل تنجح مبادرة رئيس الوزراء في وقف الحرب في البلاد؟

شارك
مصدر الصورة

بطلبٍ من الحكومة السودانية، خصّص مجلس الأمن الدولي جلسته المنعقدة في 22 ديسمبر/كانون الأول، لمناقشة تطورات الأزمة السودانية. وكان لافتاً حضور رئيس الوزراء السوداني، كامل إدريس، إلى القاعة المخصصة للجلسة، حيث قدّم خارطة طريق لوقف الحرب في بلاده وتحقيق السلام.

قدّم إدريس، الموظف الأممي السابق، خطاباً مُطولاً أمام أعضاء المجلس، طرح خلاله خارطة طريق جديدة لوقف الحرب المستمرة منذ ألف يوم في تاريخ انعقاد الجلسة.

وقال إن هذه الخارطة لا تختلف كثيراً عن تلك التي قدّمها رئيس مجلس السيادة والقائد العام للجيش، الفريق عبد الفتاح البرهان إلى الأمم المتحدة في وقت سابق من العام الماضي، وتحديداً إلى المبعوث الشخصي للأمم المتحدة رمطان العمامرة، خلال إحدى زياراته إلى مدينة بورتسودان.

" خارطة طريق منقحة"

وكشف رئيس الوزراء السوداني أن المقترح يبدأ بوقف شامل لإطلاق النار، يعقبه انسحاب قوات الدعم السريع من المناطق التي تسيطر عليها إلى نقاط تجمّع يتم الاتفاق عليها مع الأمم المتحدة.

وشرح إدريس تفاصيل الخطوات الأساسية للسلام في مقترحه قائلاً إنه يبدأ أولاً بإعلان "وقف شامل لإطلاق النار تحت رقابة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، على أن يتزامن معه انسحاب المليشيا المتمردة من كافة المناطق التي تحتلها؛ إنفاذاً لإعلان المبادئ الموقّع في مدينة جدة".

كما تشمل مبادرة رئيس الوزراء إجراءات لبناء الثقة بين الأطراف المتقاتلة، وتأمين عودة النازحين واللاجئين، وإيصال المساعدات الإنسانية.

وقال إن المبادرة تتضمن كذلك عقد مؤتمرات محلية ودولية لإعادة ترسيخ السلم الاجتماعي والمصالحة، إضافة إلى انعقاد الحوار السوداني – السوداني، الذي تتفق خلاله القوى السياسية على كيفية إدارة الدولة وحكم البلاد، على أن يعقبه إجراء انتخابات عامة.

مصدر الصورة

"شروط استسلام وليس سلاماً"

وصف تحالف "تأسيس" الموالي لقوات الدعم السريع الشروط التي وضعها رئيس الوزراء السوداني لوقف الحرب بأنها شروط استسلام لا شروط سلام.

وقال المتحدث باسم التحالف، علاء نقد، لبي بي سي، إن الشروط الواردة في خارطة الطريق غير واقعية ولا تحقق السلام، مشيرًا إلى أنها تمثل هروباً من مبادرة الرباعية التي طرحها وسطاء دوليون لوقف الحرب في البلاد.

وقال نقد إن خارطة الطريق التي قدمها إدريس "لا تختلف عما قدّمته جماعة الإخوان المسلمين وجيشها بواسطة الحارث إدريس في شباط / فبراير الماضي. وهي شروط استسلام وليست شروط سلام، كما أنها أحلام غير واقعية، وأعتقد أن ما قام به كامل إدريس هو هروب من مبادرة الرباعية" التي تقود جهود الوساطة لوقف الحرب في السودان.

من جانبه، اعتبر تحالف القوى المدنية، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، أن مبادرة رئيس الوزراء الحالي لا يمكن التعاطي معها كإطار لحل الأزمة السودانية.

وقال التحالف في بيان إن "المبادرة ليست سوى محاولة للهروب من مبادرة الرباعية، التي يمكن أن تشكّل المدخل الصحيح لإيقاف الحرب". وحذر من أن "مثل هذه الأطروحات تمثل محاولة للتهرب من مسار السلام الذي اقترحته خارطة طريق الرباعية، وتفتح باباً جديداً للتبضع في سوق المبادرات، فقط من أجل أن تظهر سلطة بورتسودان كمن تبحث عن السلام، في الوقت الذي تقوم فيه عملياً بوأد المبادرة الأكثر حظاً لإسكات صوت البنادق".

ولا تتوقف ردود الرفض أو التحفظات على الخارطة عند المعسكر المناوئ للحكومة السودانية، بل تتعداه إلى فصائل وتيارات من داخل الحكومة نفسها.

مصدر الصورة

فقد أبدى رئيس حركة تحرير السودان وحاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، رفضه للخارطة التي قدمتها الحكومة السودانية إلى الأمم المتحدة، معتبراً أنها ستؤدي إلى "تقسيم السودان".

وقال مناوي، في مقابلة مع بي بي سي في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، إن المقترح القاضي بتجميع قوات الدعم السريع في إقليم دارفور "يعني ببساطة تقسيم السودان".

وعبر مناوي، الذي تقاتل قواته إلى جانب الجيش السوداني في معظم محاور القتال عن رفضه لأي "مقترح يؤدي إلى تقسيم السودان" مضيفاً: "كما أن الحكومة لم تقم بمشاورتنا قبل تقديم هذه الخارطة إلى الأمم المتحدة".

في المقابل، رحّبت جامعة الدول العربية بالمبادرة في بيان لها ببنود المبادرة وثمن المتحدث باسم الأمين العام للجامعة، المستشار جمال رشدي ما ورد فيها من رسائل سياسية وإنسانية وأمنية التي وصفها بأنها بالغة الأهمية.

ورأى أن المبادرة تقدم إطاراً جاداً وقابلاً للبناء عليه، مما يستدعي التعاطي معها بإيجابية بحسب قوله.

" مبادرة غير قابلة للتنفيذ"

ويشكك متابعون للشأن السوداني في إمكانية تنفيذ شروط خارطة الطريق التي طرحها إدريس، نظراً لعدم وجود توافق دولي حولها، وتعقيدات المشهد المرتبطة بخارطة السيطرة الميدانية.

وشدد رئيس تحرير موقع "سلاميديا"، بهرام عبد المنعم، على ضرورة توحيد المبادرات في مبادرة واحدة تعكس هواجس ومطالب الأطراف المتقاتلة.

ويعتقد عبد المنعم أن "الخارطة المطروحة غير قابلة للتنفيذ على أرض الواقع، خاصة وأن رئيس مجلس السيادة يتحدث عن المبادرة الأولى، وهي مبادرة الرباعية التي تضم كلاً من الولايات المتحدة ومصر والإمارات والسعودية"، مضيفاً: "البلاد تحتاج إلى توحيد الرؤى أولاً، بعيداً عن تعدد المبادرات والتنقيح المستمر، خاصة وأن الوضع متفاقم والمعاناة الإنسانية مستمرة".

مصدر الصورة

وقد طُرحت العديد من المبادرات من قبل وسطاء دوليين وإقليميين لوقف الحرب في السودان، كان آخرها مبادرة الآلية الرباعية.

وتعززت حظوظ هذه المبادرة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عزمه الانخراط في الازمة السودانية، وذلك بإيعاز من ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال زيارة الأخير لواشنطن في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي.

وتنص هذه المبادرة على هدنة إنسانية لمدة تسعين يوماً، يعقبها وقف لإطلاق النار لمدة تسعة أشهر، ثم إطلاق عملية سياسية بمشاركة القوى المدنية، بهدف تشكيل حكومة مدنية لا تكون للأطراف العسكرية سيطرة عليها.

بي بي سي المصدر: بي بي سي
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا