آخر الأخبار

فورين أفيرز: لهذا فشلت محادثات السلام في أوكرانيا عبر السنوات الماضية

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

في مقال مشترك مطول نشرته مجلة فورين أفيرز الأميركية، تناول خبيران في العلوم السياسية والدراسات الدولية الأسباب التي حالت دون نجاح محادثات السلام السابقة لإنهاء الصراع في أوكرانيا، والدروس المستخلصة من الحرب التي تدور رحاها هناك منذ أكثر من 3 سنوات.

ويقدّم هذا التحليل العميق الذي يسبق اجتماع القمة المقرر انعقاده اليوم الجمعة في ولاية ألاسكا بين الرئيسين الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين ، قراءة شاملة لأسباب إخفاق المفاوضات بين موسكو وكييف.

فبعد مرور أكثر من 3 سنوات على اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ، ما زال طريق السلام مسدودا رغم محاولات التفاوض التي جرت في محطات مختلفة، أبرزها محادثات إسطنبول في مارس/آذار 2022، وذلك بعيد اندلاع الحرب في فبراير/شباط من العام ذاته.

ويقول الكاتبان -صامويل تشاراب رئيس قسم روسيا وأوراسيا في مؤسسة راند، وأستاذ العلوم السياسية فيها، وسيرغي رادشينكو الأستاذ في كلية الدراسات الدولية المتقدمة في أوروبا التابعة لجامعة جونز هوبكن- إن ترامب يواجه اليوم "خصما ماكرا ذا خبرة" هو بوتين، الذي يأمل في استغلال نفاد صبر الرئيس الأميركي إزاء الحرب لإجبار أوكرانيا على التنازل عمّا فشلت روسيا في الحصول عليه بالقوة على أرض المعركة.

ويضيف الخبيران الدوليان في مقالهما أنه لا يوجد ما يشي بأن ترامب سيقبل قائمة مطالب بوتين، بل على العكس، فقد عبّر مرارا عن إحباطه من غياب التقدم في المحادثات وهدّد بالانسحاب منها، في حين تواصل روسيا التقدم ببطء شديد في حرب استنزاف دموية طويلة بلا نهاية واضحة.

محادثات إسطنبول

ووسط سيل من المقترحات والمقترحات المضادة، والتهديدات والتهديدات المضادة، سعى الكاتبان إلى استخلاص دروس من آخر محاولة حقيقية لإنهاء هذه الحرب بالتفاوض لعلها تفيد الجهود الحالية.

إعلان

والمحاولة الأخيرة كانت في إسطنبول، حيث بدا أن الطرفين المتحاربين قاب قوسين أو أدنى من اتفاق مبدئي يقوم على انسحاب القوات الروسية إلى خطوط ما قبل الهجوم الروسي، والتزام أوكرانيا بحياد دائم يحول دون انضمامها إلى حلف شمال الأطلسي ( الناتو )، مقابل ضمانات أمنية دولية صارمة.

لكن التقدم ما لبث أن انهار مع إصرار أوكرانيا على استعادة شبه جزيرة القرم وأراضي دونباس، ورفض روسيا أي انسحاب كامل أو المساس بمكاسبها الميدانية. وكان العامل الميداني حاسما، فكل طرف كان يراهن على تحسين موقعه العسكري قبل تقديم تنازلات سياسية.

وأظهرت إسطنبول أن الغرب لم يكن مستعدا لتقديم الضمانات الأمنية التي تراها كييف أساسية. فالغرب -برأي تشاراب و رادشينكو- لم ينأ بنفسه فقط من "بيان إسطنبول" بسبب استبعاده من المحادثات، بل أيضا لأن الضمانات الأمنية التي وردت في تلك الوثيقة تجاوزت ما كانت واشنطن وحلفاؤها يرغبون في تقديمه.

مصدر الصورة المقال أكد أن غياب زيلينسكي عن طاولة المفاوضات قد يقوض نجاح اجتماع قمة ألاسكا بوقف الحرب الروسية الأوكرانية (رويترز)

شروط التوصل إلى سلام

ووفقا لهما، يجب أن يجلس جميع الأطراف المعنية إلى طاولة المفاوضات منذ البداية، إذ إن غياب أي طرف قد يجعله قادرا على تقويض الاتفاق. ويؤكدان أن الاتفاقات التي تصاغ دون مشاركة جميع الأطراف المعنية مصيرها الفشل.

ويرى الاثنان أن عدم رغبة الغرب في تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا يشكِّل عقبة كبرى أمام الوصول إلى تسوية، وما يزال يمثل عائقا. كما أن تفاؤل أي طرف إزاء فرصه العسكرية في ساحات القتال قد يقلل من اهتمامه بعقد اتفاق.

وأخيرا، فإن آليات وقف إطلاق النار ليست أقل أهمية من السياسات الكبرى لتحديد نظام ما بعد الحرب، بل يجب السعي فيهما معا لوقف الحرب الدموية المدمرة.

على أن الكاتبين يعتقدان أن التوصل لاتفاق سلام غير ممكن دون معالجة مخاوف أوكرانيا وروسيا تجاه بعضهما على المدى الطويل. فكما حدث في إسطنبول عام 2022، ستظل المخاوف الأمنية لكلا الطرفين في مقدمة أجندة أي محادثات قادمة، بينما ستبقى قضايا أخرى -مثل وضع الأراضي المتنازع عليها، ورفع العقوبات عن روسيا، وتمويل إعادة إعمار أوكرانيا- ثانوية رغم أهميتها.

مصدر الصورة القوات الأوكرانية في شرقي أوكرانيا تعاني من تركيز القصف الجوي والمدفعي الروسي (رويترز)

أسباب فشل التفاوض

ويربط المقال بين محادثات إسطنبول ومفاوضات سابقة وحالية، مشيرا إلى أن النمط يتكرر، حيث دأبت واشنطن وحلف الناتو على وضع اعتبارات الردع الإستراتيجي في مواجهة روسيا فوق أي تسوية سريعة، بينما ترى موسكو أن الحرب جزء من صراع أوسع مع الغرب، وليس مجرد نزاع حدودي مع كييف.

واستعرض الكاتبان بعض العوامل التي يعتقدان أنها أجهضت مساعي السلام السابقة، والتي تمثلت في الآتي:


* تباين الأهداف: تريد أوكرانيا استعادة كل أراضيها المعترف بها دوليًا، بينما روسيا تريد اعترافا بضم القرم وبسيطرتها على أجزاء من شرق البلاد.
* انعدام الثقة: يشك كل طرف في نية الآخر الالتزام بأي اتفاق.
* تأثير الحلفاء: لقد أفضى الدعم العسكري الغربي لكييف إلى تعزيز موقفها التفاوضي، بينما كان لدعم بكين وطهران الفضل في منح موسكو القدرة على الصمود.
* تصعيد نبرة الخطاب السياسي: كان هذا أحد العوامل التي جعلت أي تنازل من أحد الطرفين يبدو وكأنه خيانة وطنية.
إعلان

بوادر مرونة

وبحسب المقال، فإن محادثات إسطنبول أثبتت أن بوتين ونظيره الأوكراني فولوديمير زيلينسكي قادران على تقديم تنازلات مهمة، رغم ما عُرف عنهما من تشدد. فالرئيس بوتين وافق على مناقشة وضع شبه جزيرة القرم، بل وأقر بحق أوكرانيا في السعي للانضمام للاتحاد الأوروبي، فيما تخلى زيلينسكي عن فكرة الانضمام للناتو ودعا لمحادثات مباشرة مع نظيره الروسي.

وفي تقدير تشاراب ورادشينكو فإن المواقف المعلنة اليوم ليست بالضرورة خطوطا حمراء ثابتة، بل قد تكون مجرد بدايات تفاوضية. غير أن فشل المفاوضات الحالية، كما حدث في إسطنبول، قد يعني سنوات أخرى من الحرب المستنزِفة لقدرات البلدين، على حد تعبير الكاتبين.

ويخلص التحليل إلى أن أي محادثات مستقبلية لن تنجح ما لم تُصمم على معالجة جذور الأزمة، بما في ذلك الوضع الأمني الإقليمي وعلاقة أوكرانيا بالناتو، إلى جانب ضمانات متبادلة جدية.

على أن الدرس الأبرز المستخلص من محادثات إسطنبول 2022 هو أن فرص السلام لا تدوم طويلا في الحروب الكبرى، فهي نوافذ قصيرة تُغلق بسرعة إذا لم تُستغل، خاصة عندما يعتقد كل طرف أن بإمكانه تحقيق المزيد بالسلاح لا بالدبلوماسية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا