كشف تقرير نشره موقع "إنترناتسيونالي" الإيطالي للكاتب بيير هاسكي "النجاحات الظاهرية" لدونالد ترامب في ولايته الثانية، مشيرا إلى أن هذه الانتصارات تخفي في طياتها تهديدا خطِرا للنظام الديمقراطي والأمن الدولي.
وقال الكاتب إنه يمكن أن نغفر مسبقا لترامب المبالغات الفائقة التي سيستخدمها بلا شك لوصف الأشهر الخمسة الأولى من رئاسته، فالتواضع ليس من نقاط قوته، كما هو معروف، لكن يجب الاعتراف بأنه منذ بداية ولايته الثانية قد راكم عددا من النجاحات، أو على الأقل عددا من "النجاحات الظاهرة".
ووفق الكاتب فقد حقق ترامب انتصاراته الأخيرة على الجبهة الداخلية؛ فتم إقرار ما أطلق عليه اسم "القانون المالي الكبير والجميل"، بالرغم من معارضة بعض "القناصة الأحرار" من الجمهوريين، وكذلك قرار المحكمة العليا الذي يحميه من القضاة المستقلين أكثر من اللازم.
وأخيرا الضربة القاسية التي وجهها إلى شبكة سي بي إس، التي قبلت بدفع 16 مليون دولار لصالح إنشاء المكتبة الرئاسية المستقبلية لترامب، وبذلك حلت قضية قانونية كانت المحطة ستفوز بها بالتأكيد في المحكمة.
وأوضح الكاتب أنه على الصعيد الدولي، يمكن للرئيس الأميركي أن يتفاخر بأنه قصف إيران ثم أوقف الحرب بينها و إسرائيل ، وأنه أخضع الأوروبيين في إطار حلف الناتو ، فارضا زيادة في الإنفاق العسكري (وجاعلا الأمين العام للحلف الأطلسي يناديه بـ "بابينو" أي "بابا الصغير").
وإضافة إلى ذلك، رغم أن القضية لم تحظَ بكثير من الانتباه، فقد تمكن من جعل رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية ، توقعان اتفاقا بشأن النزاع في الجزء الشرقي من جمهورية الكونغو الديمقراطية.
وبيّن الكاتب سبب وصفه نجاحات ترامب هذه بأنها "ظاهرية"؛ حيث أكد ضرورة تحليل هذه الموجة المزعومة من الانتصارات بشكل أعمق، والتي عند التمعن فيها تثير عدة تساؤلات، في الجوهر وفي الشكل.
وذكر الكاتب أن ترامب يحب تعديل قواعد اللعبة لصالحه؛ فبأفعاله، أضعف الرئيس السلطة القضائية وسلطة الصحافة، مواصلا ليّ عنق النظام لتوسيع صلاحياته الشخصية، ومن المؤكد أن هذا ليس خبرا سارا بالنسبة للديمقراطية.
ولفت الكاتب أيضا إلى تغيير الأوراق على الطاولة أيضا في المجال الدولي؛ فاليوم الشعار العالمي هو "أميركا أولا وبمفردها"، أي أميركا في المقام الأول وبمعزل عن الآخرين. ومن هذا المنظور، لا يدفع الحلفاء إلا ثمن حماية واشنطن، وبذلك قد عاد النهج الأحادي، مع إلزامية تحقيق النتائج في أوقات قصيرة.
وفي الوقت الراهن، تبقى القوة الأميركية أساسية في الشرق الأوسط وتثير الخوف لدى الأوروبيين، الذين يخشون فقدان مظلة البيت الأبيض ولا يستطيعون تخيّل أوروبا مستقلة. ولم يعد هناك سوى الصين لتقف نِدّا لواشنطن، الخصم الوحيد في عالم رتّبه ترامب على مقاسه.
ووفقا للكاتب فإن الخطة تعمل، لكن هناك أيضا بعض الحدود، فسياسة ترامب تجاه أوكرانيا تُعد فشلا، وقد زادها سوءا القرار الأخير بوقف بعض شحنات الأسلحة والذخائر، فترامب مهووس بعلاقته بفلاديمير بوتين، الذي لم يمنحه مع ذلك أي نجاح يُذكر.
وإذا تذكرنا الوعد الذي قطعه أثناء الحملة الانتخابية بإنهاء الحرب في أوكرانيا خلال 24 ساعة، فستكون النتائج مؤلمة للغاية.
ومن ناحية أخرى، فإن تملق ترامب لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، جعله يفسح الطريق لإسرائيل لتفعّل ما تشاء دون قيود، رغم أنها تتحمل في غزة مسؤولية مأساة إنسانية وسياسية هائلة.
وسيكون نتنياهو غدا في واشنطن، حيث قد يعلن ترامب أخيرا عن وقف لإطلاق النار في غزة.
سيكون ذلك خبرا عظيما، سواء بالنسبة للمدنيين الفلسطينيين أو للأسرى الإسرائيليين. لكن يجب الانتباه إلى التطورات اللاحقة: فوقف إطلاق النار لا يعني نهاية الحرب، ولا توجد في الكلمات التي نطق بها ترامب خلال الأشهر الخمسة الماضية أي إشارة تبعث على التفاؤل بشأن مستقبل منطقة تبحث عن حل سياسي.
وخلص الكاتب إلى أن ترامب يملك إلى جانبه فاعلية القسوة، لكن العالم الذي يرسمه ليس آمنا على الإطلاق. وفي الأثناء، يتردد صدى دقات القنابل الموقوتة التي يتركها في طريقه.