في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
طوت الولايات المتحدة الأميركية و إيران صفحة الجولة الثانية من محادثاتهما الصعبة، التي تمثل لحظة فارقة في مسار العلاقات بين الطرفين ومن شأن نجاحها أو فشلها أن يؤدي إلى تأثيرات بالغة تتجاوز حدود المنطقة.
وقد عقدت الجولة الثانية من المحادثات الأميركية الإيرانية في العاصمة الإيطالية روما، بعد أن عقدت الجولة السابقة في العاصمة العمانية مسقط، واستمرت المحادثات التي توسطت فيها سلطنة عمان 4 ساعات متواصلة.
ومحادثات أمس السبت هي ثاني اجتماع رفيع المستوى بين البلدين منذ أن انسحب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، والذي نص على تخفيف العقوبات الدولية عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي .
وأعلنت الخارجية العمانية أن الجولة المقبلة من المباحثات بين طهران وواشنطن ستعقد في مسقط خلال الأيام القليلة القادمة.
يبدو أن المفاوضات ستنتقل في جولتها الثالثة إلى مرحلة جديدة، مما يعني أن الجولتين الماضيتين حققتا تقدما معتبرا كما صرح بذلك أكثر من طرف عقب انتهاء كلتا الجولتين:
ومع التقدم الحاصل في التفاوض فإن مواقف البلدين لا تزال متباعدة بشأن النزاع المستمر منذ أكثر من عقدين، رغم أنهما يؤكدان عزمهما على مواصلة الدبلوماسية.
عقدت الجولة الأولى من المباحثات الإيرانية الأميركية في العاصمة العمانية مسقط، وقد كانت نتائجها محل ترحيب وثناء حذر من الطرفين.
وخلال الفترة الفاصلة بين الجولتين حدث تضارب بشأن مكان انعقاد الجولة الموالية، حيث بدا أن إيران كانت تصر على انعقادها في مسقط، بينما اختارت الولايات المتحدة التزام الصمت تجاه مكان انعقاد ثاني الجولات بين الطرفين.
وأثناء ذلك ظهرت مؤشرات على نقل المحادثات إلى دولة أوروبية، قبل أن تعلن سلطنة عُمان ، الخميس الماضي، أن العاصمة الإيطالية روما ستستضيف الجولة الثانية من المحادثات غير المباشرة بين الولايات المتحدة وإيران، وأنها تواصل وساطتها لتيسير الحوار بينهما.
وقبيل الإعلان الرسمي عن مكان انعقاد الجولة الثانية، انتقد المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي في منشور على منصة "إكس" تغيير مكان انعقاد المحادثات وقال إن ذلك "أشبه بتغيير القواعد لصالحهم"، مؤكدا أن "مثل هذا السلوك قد يُفسّر على أنه مؤشر على انعدام الجدية وغياب حُسن النية"، خصوصا "أننا لا نزال في مرحلة الاختبار".
وكتب بقائي، الأربعاء الماضي، في منشور على منصة إكس ، "في كرة القدم، يُعد تغيير مكان المرمى خطأ احترافيا وتصرفا غير عادل، أما في الدبلوماسية، فإن اعتماد هذا الأسلوب -الذي يروّج له متطرفون يفتقرون للفهم والمنطق ومهارات التفاوض الرشيد- من شأنه أن يُعرّض أي بداية للتخريب".
وخلافا للمرة الماضية، التي تأجل فيها إعلان مكان انعقاد الجولة القادمة، فقد أعلنت وزارة الخارجية العمانية عقب انتهاء محادثات روما أن الجولة التالية ستعقد خلال الأيام القادمة في مسقط.
ويرجع مراقبون تحفظ إيران، بل ورفضها لنقل مكان انعقاد المحادثات إلى القارة الأوروبية إلى استمرار انعدام الثقة في نيات الطرف الأميركي، خصوصا في ظل حالة الانقسام السائدة داخل الإدارة الأميركية بشأن التعامل مع الملف الإيراني بين التفاوض والمواجهة العسكرية.
وبالإضافة إلى ذلك، هناك خشية داخل بعض الدوائر الإيرانية من أن يؤثر نقل المفاوضات إلى دولة أوروبية في طبيعتها ويحولها إلى مفاوضات مباشرة تطرح فيها ملفات لا ترغب إيران في مناقشتها على طاولة المفاوضات.
بات من المؤكد أن الجولة الثالثة ستكون مختلفة إلى حد ما عن الجولتين السابقتين، باعتبار أنها تمثل انتقالا إلى مرحلة جديدة وفق ما جاء في بيان الوسيط العماني وفي تصريحات لوزير الخارجية الإيراني.
ويعتقد مدير مركز الرؤية الجديدة للدراسات والإعلام مهدي عزيزي أن الجولة الثالثة من المحادثات ستختلف من حيث السياق والمضمون، مشيرا -في تصريح خاص للجزيرة نت- إلى احتمالية استمرار المحادثات بشكل غير مباشر، مع وجود أمل في أن تتحول لاحقا إلى محادثات مباشرة.
وبشأن الملفات التي ستكون معروضة على طاولة الجولة الثالثة، قال عزيزي إنها ستركز على الملف النووي وتحديدا مسألة تخصيب اليورانيوم، وهو الموضوع الذي سبق أن حدده الرئيس الأميركي دونالد ترامب بنسبة تقل عن 5%.
وأكد عزيزي أن هناك تسريبات إعلامية من صنع أميركي تتحدث عن نقل ملف تخصيب اليورانيوم الإيراني إلى طرف ثان، وهو ما رفضته إيران بشكل قاطع، معتبرة أن تلك الأنباء لا أساس لها من الصحة.
وأوضح أن الحديث عن تحديد نسبة التخصيب بأقل من 5% هو جزء من تلك الرواية الإعلامية المفبركة، وأن إيران لم تقبل بهذا الطرح.
وتوقع أن تركز الجولة الثالثة من المحادثات بشكل إيجابي على الجوانب الفنية.
وما توقعه عزيزي هو ما أكدته صحيفة نيويورك تايمز اليوم حين ذكرت أن المفاوضات القادمة، ستركز على "التفاصيل الفنية"، وستغطي جوانب رئيسية مثل المستويات القصوى لتخصيب اليورانيوم وحجم المخزون الإيراني.