أكد رئيس وزراء غرينلاند ميوتي إيجيدي -مساء أمس الجمعة- استعداده للتحدث مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، وذلك في خضم الأزمة التي فجرها ترامب بإعلانه الرغبة في السيطرة على جزيرة غرينلاند الواقعة في القطب الشمالي.
وفي مؤتمر صحفي جمعه مع رئيسة الوزراء الدانماركية مته فريدريكسن في كوبنهاغن، قال إيجيدي إنه لم يتحدث مع ترامب لكنه منفتح على المناقشات حول ما "يوحدنا".
وأكد إيجيدي أن "غرينلاند لشعب غرينلاند. لا نريد أن نكون دانماركيين، ولا نريد أن نكون أميركيين. نريد أن نكون غرينلانديين" مشيرا إلى أنه مع ذلك يتفهم اهتمام ترامب بالجزيرة نظرا لموقعها الإستراتيجي وأنه منفتح على مزيد من التعاون مع واشنطن.
واعترف بأن غرينلاند جزء من قارة أميركا الشمالية و"مكان يراه الأميركيون جزءا من عالمهم".
يشار إلى أن إيجيدي كان يدعو إلى استقلال غرينلاند، ويصور الدانمارك على أنها قوة استعمارية وأنها لم تعامل السكان الأصليين من عرقية الإنويت (الإسكيمو) بشكل جيد دائما.
من جهتها قالت رئيسة الوزراء الدانماركية في المؤتمر الصحفي ذاته إنها طلبت عقد اجتماع مع ترامب، لكنها لا تتوقع حدوث ذلك قبل تنصيبه.
وذكرت وسائل إعلام محلية في الدانمارك أن الحكومة اقترحت شراء سفينتين جديدتين لإجراء مهام تفتيشية في القطب الشمالي، وزيادة دوريات الزلاجات التي تجرها الكلاب من أجل تعزيز وجودها العسكري في غرينلاند.
وذكرت هيئة البث العامة في الدانمارك "دي آر" وقناة "تي في 2" أمس أن الحكومة اقترحت أيضا تطوير مطار كانغرلوسواك، وهو قاعدة عسكرية أميركية سابقة غرب غرينلاند، وذلك لاستيعاب طائرات مقاتلة من طراز "إف-35".
وقد خصصت الدانمارك بالفعل 400 مليون دولار لنشر طائرات مسيرة بعيدة المدى في القطب الشمالي وشمال الأطلسي.
ووصف ترامب -الذي يتولى منصبه في 20 يناير/كانون الثاني الجاري- سيطرة بلاده على غرينلاند -وهي منطقة دانماركية شبه مستقلة- بأنها "ضرورة تامة". ولم يستبعد الاستخدام المحتمل للوسائل العسكرية أو الاقتصادية التي تتضمن فرض رسوم جمركية على الدانمارك.
وغرينلاند ليست مجرد جزيرة ذات مساحة شاسعة تفوق مساحة المكسيك والسعودية، بل أيضا بوابة إستراتيجية تقع بين المحيط الأطلسي الشمالي وأميركا الشمالية.
وتُعد هذه الجزيرة مركزا للمصالح العالمية بسبب احتياطاتها الهائلة من المعادن والوقود الأحفوري، كما أنها تستضيف القاعدة الجوية الأميركية "ثول" التي تُعتبر الأهم في أقصى الشمال لمراقبة التهديدات الصاروخية وتتبع الأجسام الفضائية.
وفي حديثه عن أهمية غرينلاند، أشار ترامب إلى أنها "ضرورية للأمن القومي الأميركي" وسبق أن وصفها -خلال ولايته الأولى- بأنها "صفقة عقارية كبيرة" يمكن أن تخفف من الأعباء المالية للدانمارك.
ووفق تقرير بلومبيرغ، يبلغ الناتج المحلي الإجمالي لغرينلاند 3.2 مليارات دولار (وفقا لإحصاءات البنك الدولي لعام 2021) وتدعمها الدانمارك سنويا بنحو 600 مليون دولار. ورغم ذلك، فإن هذه الجزيرة تواجه تحديات اقتصادية كبيرة، معتمدة بشكل كبير على الصيد والصناعات الأولية.
وعلى الرغم من أن غرينلاند "ليست معروضة للبيع" فإن أي تقدير لسعرها قد يعتمد على النظر في هذه الأرقام.
وللمقارنة، بلغت تكلفة شراء الولايات المتحدة ولاية ألاسكا من روسيا عام 1867 مبلغا قدره 7.2 ملايين دولار، أي ما يعادل نحو 150 مليون دولار حاليا.