في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
مع التقدم في العمر، تبدأ بعض خلايا الرجال بفقدان كروموسوم Y، وهو الكروموسوم المسؤول عن تحديد الجنس الذكري . هذا الفقدان يحدث غالباً في خلايا الدم البيضاء، التي تلعب دوراً أساسياً في الدفاع عن الجسم ضد العدوى.
ويشير العلماء إلى أنه أثناء إنتاج خلايا دم جديدة قد تحدث أخطاء صغيرة، ما يؤدي إلى زيادة فقدان الكروموسوم بمرور الوقت. وبحلول سن السبعين، يعاني نحو 40% من الرجال من هذه الظاهرة.
عام 2014، أظهرت أبحاث مبكرة أن الرجال الذين يفقدون كروموسوم Y يعيشون في المتوسط أقل بخمس سنوات مقارنة بغيرهم. واليوم، تربط الدراسات الحديثة هذا الخلل بارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب.
اعتمد الباحثون على بيانات مشروع الدراسة السويدية للتصوير القلبي الرئوي (SCAPIS)، الذي يُعد من أضخم الدراسات في مجال صحة القلب والأوعية. وشملت العينة أكثر من 30 ألف مشارك تتراوح أعمارهم بين 50 و64 عاماً.
النتائج كشفت أن الرجال الذين فقدوا كروموسوم Y في نسبة كبيرة من خلاياهم أظهروا معدلات أعلى من:
تضيق الشرايين التاجية.
زيادة عدد المقاطع المصابة من الأوعية.
ارتفاع مستويات التكلس في جدران الشرايين.
ومن اللافت أن هذا التأثير لم يظهر بنفس القوة في الشرايين السباتية بالرقبة، ما يشير إلى اختلاف في طبيعة المرض بين الشرايين التاجية والسباتية. فبينما تتأثر شرايين القلب بتراكم الدهون والكوليسترول والالتهابات، غالباً ما يرتبط مرض الشرايين السباتية بضغط الدم المرتفع وتدفقه المستمر.
أظهرت الأبحاث أن فقدان كروموسوم Y يؤدي إلى اضطرابات في تنظيم الجينات وضعف وظائف الخلايا المناعية. وفي التجارب على الحيوانات، تسبب فقدان Y في تليف أنسجة القلب والرئة عبر نشاط مفرط لمسار إشارات (TGF-β). وعندما جرى تعطيل هذا المسار، تراجعت الأضرار، مما يثبت وجود علاقة مباشرة.
أما لدى البشر، فقد تبيّن أن الرجال الذين يعانون من فقدان Y أكثر عرضة للإصابة بأنماط مرضية مرتبطة بالتليف وأمراض القلب والرئة.
كيف يؤثر هرمون التستوستيرون على صحة الرجال؟
يؤكد العلماء أن فقدان كروموسوم Y ليس مجرد علامة على الشيخوخة ، بل عامل خطر مستقل يزيد من احتمالات أمراض القلب حتى بعد استبعاد عوامل معروفة مثل التدخين أو السمنة أو السكري أو ارتفاع الكوليسترول .
ويقترح الباحثون تطوير اختبار دم بسيط للكشف المبكر عن الرجال الأكثر عرضة. هذا الفحص قد يسمح للأطباء بتحديد الفئات عالية المخاطر ووضع خطط متابعة دقيقة، تشمل مراقبة طبية منتظمة، علاجات موجهة، وتوصيات بنمط حياة صحي.
ويقول الباحث ثيموتيوس سبير:"قد يساعد الاختبار في التعرف على المرضى الذين يمكن أن يستفيدوا بشكل خاص من تدخلات وقائية أو علاجية".
تقدم هذه الدراسة دليلاً قوياً على أن فقدان كروموسوم Y يسهم في ارتفاع معدلات أمراض القلب بين الرجال، ويفتح الباب أمام استراتيجيات جديدة للوقاية والعلاج. ومع تعمق الفهم العلمي لهذه الظاهرة، قد يصبح الكشف عن فقدان Y جزءاً أساسياً من الرعاية القلبية للرجال في المستقبل.