في نهاية عام مثقل بالرسوم والتهديدات المتبادلة، تدخل الولايات المتحدة والصين عام 2026 على إيقاع هدنة تجارية هشة، تبدو قائمة شكليًا على وقف التصعيد الجمركي، لكنها محاطة بملفات خلافية قابلة للاشتعال في أي لحظة.
ووفقًا لتقرير حديث لوكالة بلومبيرغ، فإن التفاهم الذي توصل إليه الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الصيني شي جين بينغ في أكتوبر/تشرين الأول الماضي أوقف مؤقتًا موجة الرسوم، لكنه لم يبدد الشكوك العميقة في استدامة هذا الترتيب خلال العام المقبل.
وتشير بلومبيرغ إلى أن واشنطن وبكين أنهتا 2025 بوقف إطلاق نار تجاري لا يزال قائمًا، غير أن مسارات عدة تُضعف فرص صموده.
فالصين، بحسب مشاركين في السوق نقلت عنهم الوكالة، ما زالت تفرض قيودًا على تصدير عناصر الأرض النادرة التي تحتاجها أميركا لإنتاج المغناطيسات الدائمة ومنتجات صناعية متقدمة، رغم الاتفاق المعلن على تخفيف القيود.
وفي موازاة ذلك، انتقدت بكين ما وصفته بمحاولات أميركية "غير مسؤولة" للإضرار بعلاقاتها مع الهند.
ويتغذى التوتر أيضًا من الملف الأمني، فقد أعلنت الصين عقوبات وصفتها بلومبيرغ بـ"الرمزية" على 20 شركة دفاع أميركية و10 مسؤولين تنفيذيين، تعبيرًا عن غضبها من أحدث صفقات السلاح الأميركية لتايوان، من دون الذهاب إلى تصعيد واسع.
وفي قطاع أشباه الموصلات، اتهمت الولايات المتحدة الصين بممارسات تجارية غير عادلة، لكنها امتنعت عن فرض رسوم إضافية على واردات الرقائق حتى منتصف 2027 على الأقل.
وردًا على ذلك، عارضت بكين نتائج تحقيق "القسم 301" ورفضت أي تعريفات على منتجات الرقائق الصينية، وفق تصريحات رسمية نقلتها الوكالة.
وعلى الجانب الصيني، تستعد بكين لتعزيز الدعم المالي لشبكة لوجيستية تربط غرب الصين بجنوب شرقي آسيا عبر مسارات سكك حديدية-بحرية، بحسب إشعار مشترك صادر عن البنك المركزي الصيني وهيئات أخرى، في خطوة تهدف إلى تحصين سلاسل الإمداد وتقليل الاعتماد على المسارات الخاضعة للضغوط الجيوسياسية.
وتزامن ذلك مع نقاشات أوسع داخل الولايات المتحدة حول "الكلفة الحقيقية" للحرب التجارية، كما عكسته مقابلات بلومبيرغ مع شركات أميركية واجهت الرسوم في المتاجر والمحاكم على حد سواء.
وتخلص بلومبيرغ إلى أن الهدنة الحالية تُبقي التعريفات مجمدة، لكنها لا تعالج جذور النزاع المرتبطة بالتكنولوجيا المتقدمة، والأمن الإقليمي، والمواد الإستراتيجية.
وبينما يراقب المستثمرون وصانعو السياسات مسار 2026، يبقى السؤال مفتوحًا: هل تصمد الترتيبات المؤقتة أمام ضغوط تايوان والأرض النادرة وأشباه الموصلات، أم أن العام الجديد سيشهد عودة تدريجية للاهتزاز في أكبر علاقة تجارية في العالم؟
المصدر:
الجزيرة
مصدر الصورة
مصدر الصورة