آخر الأخبار

السعودية في معرض فرانكفورت: تحد لصورة نمطية لكن بأي محتوى؟

شارك
قادت هيئة الأدب والنشر والترجمة مشاركة المملكة العربية السعودية في هذه الدورة من معرض فرانكفورت بصورة مؤسسية واضحةصورة من: Majda Bouazza/DW

ضمن الدول المشاركة خلال فعاليات الدورة السابعة والسبعين لمعرض فرانكفورت الدولي للكتاب ، كان جناح المملكة العربية السعودية ، قبلة لزوار من مختلف الجنسيات، منهم من يسعى لاكتشاف الإصدارات، ومنهم من يرغب في اكتشاف ثقافة بعيدة عن السياق الغربي، خاصة وأن العارضين ضمن الجناح، لم يغفلوا استحضار الثقافة الشعبية والموروث الثقافي عبر لباسهم التقليدي ومشروباتهم الأشهر.

من الإثنين 15 وحتى الأحد 19 أكتوبر/ تشرين الأول، تقود هيئة الأدب والنشر والترجمة مشاركة المملكة العربية السعودية في هذه الدورة من المعرض بصورة مؤسسية واضحة، حيث شاركت أكثر من 10 جهات، منها الحكومية ومنها التي تعنى بالنشر، حسب ما يشرح بسام البسام مدير عام الإدارة العامة للهيئة في تصريحه لـ DW.

ويقول البسام إن "الهدف من المشاركة هو اللقاء بنظرائنا في الجمهورية الألمانية لعقد الصفقات والاتفاقيات. وقد حرصنا في مشاركتنا على أن نقدم برنامجا ثقافيا متنوعا للزوار بمدينة فرانكفورت ، بمشاركة نخبة من الأدباء والمثقفين السعوديين الذين يتناولون عددا من المواضيع التي تهم كل القراء".

بسام البسام مدير عام الإدارة العامة لهيئة الأدب والنشر والترجمةصورة من: Majda Bouazza/DW

التكنولوجيا والرقمنة.. هل تغير صورة نمطية؟

من أكثر ما يلفت انتباه الزوار في جناح المملكة حضور التقنية والتكنولوجيا، عبر وجود ثلاثة آلات، لكل منها دور في عرض محتوى ثقافي بطريقة مختلفة.

وبهذا الخصوص يوضح المهندس البسام أن "الهيئة تقدم لزوار المعرض العديد من البرامج التي تعنى بتنمية القراءة وتسهيل الوصول إلى الكتاب، ومنها قصة قصيرة". وهي مبادرة جديدة لا يتجاوز عمرها 3 سنوات، جهازها تم تعميمه بالعديد من المناطق الحيوية لمنح زوارها فرصة لملء الوقت بالقراءة باللغات المختلفة (العربية والإنجليزية والفرنسية) "ونحن بصدد تطوير لغات أخرى. كما أننا نوزع ضمن مشروع تطوير القراءة، أيضا آلات بيع ذاتية للكتب لتسهيل شراء الكتاب"، يضيف مدير عام هيئة الأدب والنشر والترجمة السعودية.

ويؤكد البسام أن "وزارة الدعوة والإرشاد تقدم لزوار الجناح أيضا تجارب وبرامج مدعومة بالذكاء الاصطناعي لاكتشاف تجربة الحج والعمرة عبر تقنية الـ VR أو تسهيلها عبر تطبيق خاص، وأيضا برامج تعنى بالقرآن الكريم والحديث الشريف وهو ما نعتبره واجبنا في المملكة العربية السعودية ، أي تعريف الزوار بتاريخ المملكة".

"قصة قصيرة" جهازها تم تعميمه بالعديد من المناطق الحيوية لمنح زوارها فرصة لملء الوقت بالقراءة باللغات المختلفة (العربية والإنجليزية والفرنسية).صورة من: Majda Bouazza/DW

وشرح أحد المشاركين في حديثه لـ DW أن "تقنية الـ VR تمنح الزوار إمكانية تجربة زيارة الحرم المكي" ، أما عن التطبيق، فاعتبر أنه "ييسر على الحاج والمعتمر كل الخطوات بمختلف اللغات العربية والفرنسية والإنجليزية والأوردو بطريقة بسيطة وسهلة ومع شرح بطريقة 3D، مما جعله يحوز جوائز وطنية وعالمية".

من بين المتوافدين على الجناح من الزوار، كان عدد الألمان وغير العرب لافتا، ومنهم بيرند (اسم مستعار)، الذي عبر في حديثه عما أسماه "انبهارا بالتقنيات الجديدة"، التي جربها للمرة الأولى هنا، معتبرا أنها جعلته يعيش "رحلة روحانية بصيغة حديثة".

أما صباح ديبي، المترجمة والمؤلفة الفلسطينية المتخصصة في أدب الطفل والناشئة، فوجدت تقنية VR، "نوعية وهي الأولى من نوعها بين العارضين العرب في فرانكفورت "، معتبرة أنها "سهلت على الأجانب خاصة، التعرف على السعودية من الداخل وخوض تجربة التواجد داخل أشهر أزقتها". مشددة على أن "الجناح يعكس صورة المملكة العربية السعودية الحديثة على مستوى المضمون، وشكلا أيضا عبر الاستعانة بالتكنولوجيا".

عبر تقنية الـ VR تمنح الزوار إمكانية تجربة زيارة الحرم المكيصورة من: Majda Bouazza/DW

حضور لافت للمرأة

من أكثر ما يشد زوار الجناح، تواجد مكثف لنساء سعوديات يرتدين زيا تقليديا، لكنهن كما وصفهن بيرند، "أكثر انفتاحا على مستوى المظهر من الصورة التي رُسمت في ذهني، إذ يتحدثن لغات مختلفة وحجابهن عصري".

لكن حضور المرأة السعودية بالجناح، لا يتوقف عند تمثيل الجهات الرسمية المشاركة، بل يتجاوزها لحضور على مستوى الأعمال الأدبية المعروضة والترجمات أيضا، ثم على مستوى المحاضرات المبرمجة من الوفد السعودي خلال أيام المعرض.

لقد قدمت الأكاديمية منيرة الغدير ندوة حول التعريف بكرسي اليونسكو لترجمة الثقافات، وبرمجت لها ندوة ثانية يوم الأحد حول قصائد بدر بن عبد المحسن في رحلتها إلى اللغات الأخرى، بينما قدمت آيات الضاحي اليوم السبت ندوة بعنوان: الحرف اليدوية السعودية.. الهوية الثقافية والإبداع الفني.

ويرى بسام البسام، أن " رؤية المملكة 2030 ، لها عناية خاصة بالمرأة في المملكة، وهو ما يترجم داخل الهيئة، فنسبة العنصر النسائي بين فريق العمل يناهز 50 أو 60 بالمئة".

حضرت المرأة السعودية في جناح المملكة عبر إصداراتها ومن خلال وحوه نسائية ممثلة للمؤسسات وعبر أكاديميات قدمن ندوات.صورة من: Majda Bouazza/DW

ما هو المحتوى الذي قدمه الناشر السعودي؟

قد يعتبر الزائر للوهلة الأولى أن مضامين الكتب دينية فحسب، فما يزين الرفوف بشكل بارز هي نسخ من القرآن الكريم بمختلف اللغات، إضافة لمخطوطات قديمة تعرض في خزانات زجاجية تظهر قيمتها التاريخية.

لكن صباح ديبي، التي زارت جناح المملكة لاكتشاف ما يعرضه من جديد على مستوى الكتب وأيضا للقاء بالقائمين على المبادرات والمؤسسات، اعتبرت أن "الجناح يعرض خدمات المؤسسات الحاضرة"، معبرة عن اهتمامها بالمؤسسات التي تعنى بالترجمة.

وأضافت ديبي أن هناك "تنوعا من حيث المحتوى شكلا ومضمونا، على اعتبار أن الترجمة ساهمت في ذلك". وقالت: "لم يوفر جناح المملكة فقط المخطوطات التاريخية والمعلقات، بل أيضا إنتاجات فكرية وأدب الأطفال والرواية والمجلات الإعلامية والرواية بمختلف اللغات"، مما جعلها تشعر بغنى المنتوج حسب تعبيرها. مضيفة أن "ما يمكن التفكير فيه مستقبلا كإضافة على مستوى المحتوى، هو ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي".

الترجمة.. جسر للتواصل بين الثقافات

كل المؤسسات التي حضرت في الجناح السعودي تذكر الترجمة كمهمة من مهامها أيا كان تخصصها، لكن ما يميز بعض المبادرات أنها تركز على الترجمة فقط.

ويشرح بسام البسام أن مبادرة "ترجم" التي أطلقتها هيئة الأدب والنشر والترجمة ضمن جهود دعم الحراك الترجمي في السعودية، "تعيننا على أن نروي قصصنا للشعوب بلغات مختلفة، كما تمنح الشعوب فرصة ليرووا قصصهم باللغة العربية أيضا، لنمد جسور التواصل الثقافي بين شعوب العالم وشعب المملكة".

"مبادرة ترجم"، تدعم دور النشر السعودية لترجمة الكتب من جميع اللغات للغة العربية والعكس أيضا، وتقدم منحا مالية لدور النشر السعودية، وتغطي حقوق الملكية الفكرية والطباعة والترجمة.صورة من: Majda Bouazza/DW

وأضاف البسام: "نحن نؤمن داخل الهيئة أن الترجمة من أهم الجسور التي تمتد بين الشعوب، ونعتبر أننا هنا لنروي قصة المملكة العربية السعودية وتاريخها وتراثها من خلال الكتب والمنشورات في جناحنا".

ملاك القحطاني، عن قسم العمليات التشغيلية لقطاع الترجمة ضمن الهئية، شرحت في حديثها لـ DW أن "مبادرة ترجم"، تدعم دور النشر السعودية لترجمة الكتب من جميع اللغات إلى اللغة العربية والعكس أيضا، وتقدم منحا مالية لدور النشر السعودية، وتغطي حقوق الملكية الفكرية والطباعة والترجمة. وفي حال كانت دور النشر أجنبية، فيتم ربطها بوكيل أدبي للتقديم والاستفادة من المبادرة.

وقالت المتحدثة إن المبادرة "تمكنت من دعم 2500 كتاب منذ 2021، وتستهدف دعم ترجمة أكثر من 700 كتاب في عامها الخامس".

مرحلة انتقالية في انتظار تغير المحتوي

ويرى متابعون أن صورة مشاركة السعودية في معرض فرانكفورت للكتاب 2025، تظهر أن المملكة تسير في طريق التغيير الثقافي، لكنها ربما لا تزال في مرحلة انتقالية. كما أن الصورة النمطية عن المملكة ليست دقيقة تمامًا، رغم ذلك فإنها من وجهة نظرهم، تعكس جوانب من الواقع الذي يحتاج إلى تطوير، ومن أهم ركائز هذا الأخير أن يتغير المحتوى لا الشكل فقط .

ومنذ تولي الأمير محمد بن سلمان ولاية العهد؛ شهدت السعودية انفتاحا ثقافيا ملحوظا، بما في ذلك الأدب والفنون. ورغم وجود جهود لإضفاء التنوع الثقافي، إلا أن هناك قيودا لا تزال قائمة .

في الجناح السعودي في فرانكفورت تم استخدام تقنيات الواقع الافتراضي بشكل ملحوظ، إلا أن المحتوى لا يزال غالبا تقليديا. وهناك حاجة لإعادة التفكير في الرسالة الثقافية، التي تريد أن تقدمها المملكة للعالم، حتى يتم تعديل الصورة النمطية للبلاد، التي يتم تداولها منذ عقود .

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار