آخر الأخبار

آمن على الصحة.. جزائريون يعودون لاستعمال النحاس

شارك
آنية من نحاس (آيستوك)

لطالما كان النحاس المعدن المفضل للجزائريين، فعدا استعمالاته في صناعة مختلف الأدوات، وفي الزينة، فقد كانت الأواني النحاسية جزءاً لا يتجزأ من حياة الناس، مثل المزهريات والشمعدانات.

غير أن هذا المعدن، أهمل في السنوات الأخيرة لأسباب عزاها مختصون إلى ارتفاع ثمنه مقارنة بمعادن ومواد أرخص، وإلى التصدير الفوضوي وغيرها، لكن كثيرا من الجزائريين ظلوا متمسكين بالنحاس والتحق بهم آخرون لدواع صحية، بعد انتشار أمراض ناجمة أساسا عن التعليب غير الصحي وتخزين المواد الاستهلاكية في البلاستيك.

قصة الجزائريين مع النحاس

وتعود قصة الجزائريين مع النحاس إلى قرون سابقة، حسب المؤرخ عبد الحق شيخي، وهي فترة العهد الزياني (13-16 قرن ميلادي)، حيث كانت هذه الفترة معلماً للحرف اليدوية والتقنيات الصناعية المتقدمة في الجزائر ومنطقة المغرب الأوسط".

وحسب المؤرخ في تصريحه لـ"العربية.نت"/"الحدث.نت"، فقد "استُخدم النحاس في صناعة الأواني المنزلية، والأدوات الزراعية، والديكورات، وخلال العهد العثماني شهدت حرفة النحاس في الجزائر فترة ازدهار بفضل اهتمام الحكومة العثمانية بهذه الصناعة".

ومن بين الأسباب التي جعلت صناعة النحاس تزدهر، هي "قدوم مورسكيين من الأندلس، والذين كانوا غالبًا مجموعات تجارية وحرفية".

وحسب تقسيم المناطق الجزائرية الحالي، أضاف شيخي "ازدهرت صناعة النحاس في مدن مثل العاصمة الجزائر، قسنطينة، المدية، بوغار، الأغواط، تندوف، وغرداية وغيرها".

تعبيرية ايستوك

وعليه، قال شيخي إن "الأواني النحاسية في الجزائر لا تمثل فقط قطعًا جمالية، بل تحمل أيضًا قيمة تاريخية وثقافية تعبر عن الهوية والتراث، حيث إنها تتميز بالنقوش الفنية التي تعبر في الجزائر عن الهوية الوطنية والثقافية، حيث تحمل الأنماط التقليدية والرموز التي تحكي تاريخ وتقاليد الشعب الجزائري، كما أن تلك النقوش تعبر عن الأحداث المختلفة التي شهدتها الجزائر، مثل الحقب الاستعمارية والحركات الثورية".

لكن هذه الصناعة، اصطدمت، بحسب شيخي، بالتحديات الحالية، ومنها استبدال النحاس بمعادن أخرى أقل تكلفة، واستيراد مواد نحاسية جاهزة تسببت في ركود وتراجع هذه الصناعة، مثلما هو الحال في حارة النحاسين بولاية قسنطينة والتي اندثرت بها تجارة النحاس".

صناعة الأواني النحاسية (آيستوك)

معدن صحي يجلب اهتمام الجزائريين

لكن هل يعتبر النحاس فعلا معدنا صحيا؟ خاصة بالمقارنة مع المعادن الأخرى المستعملة في بيوت الجزائريين لحفظ المواد الغذائية أو السوائل أو في التعليب؟

رد المختص في الصحة العمومية، محمد كواش بالقول إن " .. الحالة الصحية للجزائريين في السنوات الأخيرة تدهورت، بفعل انتشار أمراض مثل سرطانات القولون والمعدة، ومن أكبر الأسباب تغير النمط الغذائي، الذي صار مبنيا على الوجبات السريعة والتي تحفظ بطريقة غير صحية".

وأضاف المتحدث لـ"العربية.نت"، قائلا إن "أغلبية الأمراض المرتبطة بالجهاز الهضمي، مرتبطة بالمعادن التي يستعملها الإنسان من خلال حفظ المواد الغذائية بطريقة غير صحية، سواء تلك المصنعة بالمواد الحافظة والمواد الملونة، والتي تسبب سرطان الدم، الكلى، الأمعاء، أو بحفظ المواد الاستهلاكية في العلب البلاستيكية أو الزجاجية أو حتى ورق الألمنيوم، الذي يتفاعل مع الأغذية ويصبح مسرطنا".

النحاس

وحسب كواش، فإن "البلاستيك المستعمل في حفظ مختلف المواد، ومنها السوائل كالماء، يتفاعل مع الحرارة، ويلتصق بالأغذية ويسبب السرطانات".

ومن الحلول، أضاف المختص في التغذية، هي المعادن التي أثبتت صحيتها، مثل الطين، الفخار أو النحاس".

والسر وراء صحية النحاس، حسب كواش هو أنه لا يتفاعل مع الحرارة، حيث كانت العائلات الجزائرية لا تستبدله في الطهي أو تقديم الشاي والقهوة، كما أثبت هذا المعدن أهميته في حياة المجتمعات كونه يستعمل أيضا "لإزالة الطاقة السلبية، وفي العلاج النفسي كونه مضادا للخمول والاكتئاب".

الاستيراد حطم صناعة النحاس

من جهته أرجع المنسق الوطني للمنظمة الوطنية لإرشاد وحماية المستهلك، فادي تميم، تراجع صناعة واستعمال النحاس في حياة الجزائريين، إلى عدة عوامل، منها الاقتصادية وعلى رأسها "الاستيراد غير المنظم خلال العشرين سنة الماضية، والذي جعل المنتوج التقليدي المحلي لا يقدر على المنافسة في السوق الوطنية، وصارت الكثير من المنتجات تعلب في البلاستيك وحتى ذلك الذي لا يحمل وسما غذائيا".

وأضاف المتحدث في تصريحه لـ"العربية.نت"، إن "الأواني ذات النوعية السيئة غزت السوق الجزائرية، والشركات الكبرى المصنعة للسوائل تبيع منتوجها في علب وقارورات بلاستيكية عوض المصنوعة من المعادن".

وعليه قال تميم "المعادن مثل النحاس وكذا الطين والفخار والخشب هو من يجب أن يلامس طعامنا، وهو ما يجعلنا نعود إلى تاريخنا وثقافتنا القديمة".

العربيّة المصدر: العربيّة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار