أثارت تحذيرات متتالية لطلاب الثانوية العامة في مصر بشأن الالتحاق بكليات "طب الأسنان" جدلا واسعا خلال الأيام الماضية، خاصة مع تزامنها مع إعلان نتائج الثانوية، وقبيل بدء مرحلة التنسيق للقبول بالجامعات.
ودعا نقيب أطباء الأسنان بالإسكندرية، الدكتور وليد الديب، طلاب الثانوية العامة إلى مراجعة النقابة قبل اتخاذ قرار التقدم لكليات طب الأسنان.
وقال الديب: "خريجو طب الأسنان الجدد بلا تكليف، وبلا تدريب، وبلا فرصة في العيادات، وبلا فرصة للسفر إلى الخارج، وبلا فرصة للدراسات العليا.. بلاش تختار كلية طب أسنان، لو مصمم يبقى طب بشري".
وعلى وقع تلك التحذيرات، تفاعل الكثيرون مع الموضوع، خاصة من لجنة قطاع "طب الأسنان" بالمجلس الأعلى للجامعات، التي قررت مخاطبة النقابة العامة لأطباء الأسنان للتحقيق مع "نقيب الإسكندرية"، بسبب ما أثاره من "لغط وبلبلة للأسر المصرية في وقت شديد الحساسية".
"الرهان الخاسر"
من جانبه اعتبر الطبيب خالد منتصر أن الالتحاق بكليات طب الأسنان حاليا بمثابة "الرهان الخاسر"، في ظل التكدس الكبير و سوق العمل المشبع.
وانتقد منتصر التوسع في إنشاء كليات طب الأسنان، مشيرا إلى تجاوز عدد هذه الكليات 80 كلية، في حين بلغ عدد المقيدين في النقابة أكثر من 110 آلاف طبيب أسنان، مع توقعات ببلوغ العدد 180 ألفا خلال 5 سنوات فقط.
قلق الطلاب
ووسط هذا الجدل، يتابع طلاب الشعبة العلمية للثانوية العامة تلك التطورات بقلق والارتباك، خاصة أولئك الذين تتناسب نتائجهم مع كليات الأسنان المنتشرة على مستوى الجمهورية، والراغبين في الالتحاق بها.
ومن بين هؤلاء الطلاب، محمد شكري، الحاصل على 93.3 بالمئة في الشهادة الثانوية، والذي يطمح إلى الالتحاق بكلية طب الأسنان، حيث قال لـ"سكاي نيوز عربية": "سأضع طب الأسنان في المرتبة الثانية برغبات التنسيق، باعتبارها الأقرب إلى المجال الذي أحبه، ولا تزال تحتفظ بمكانة اجتماعية محترمة".
وأضاف شكري: "أعلم أن هناك الكثير من التحذيرات حول صعوبة فرص العمل بعد التخرج، وأن السوق أصبح مزدحما، لكنني مؤمن بأن الاجتهاد يصنع الفارق، وإذا طورت من نفسي، سأتمكن من إثبات وجودي".
دراسة رسمية
وشكلت لجنة قطاع "طب الأسنان" بالمجلس الأعلى للجامعات، لجنة لدراسة احتياجات سوق العمل في مصر من أطباء الأسنان، والتي رصدت زيادة أعداد الأطباء الحاليين بما يفوق العدد الذي يستوعبه سوق العمل الحكومي والخاص، في الوقت الذي رصدت وزارة الصحة المصرية قرارًا ينص على أن "تكليف الأطباء" سيكون "حسب الاحتياج" اعتبارا من العام الجاري، ما يعد "إقرارا من الدولة بوجود فائض في تخصصات مثل الأسنان والصيادلة والعلاج الطبيعي".
واقترحت اللجنة، عددا من التوصيات من بينها وقف اعتماد أي كليات جديدة لطب الأسنان، وتحديد أعداد المقبولين سنويا من خريجي الثانوية العامة.
تعليق نقيب أطباء الأسنان
وفي تصريحات لـ"سكاي نيوز عربية"، قال نقيب أطباء الأسنان في مصر، الدكتور إيهاب هيكل، إن سوق العمل يشهد حالة تشبّع غير مسبوقة من أطباء الأسنان، محذرا من استمرار التوسع في القبول بكليات طب الأسنان رغم المؤشرات السلبية.
وشدد نقيب أطباء الأسنان على ضرورة تنبيه الطلاب وأولياء الأمور إلى طبيعة الواقع الحالي، فالسوق حاليا لا يحتاج لكل هذه الأعداد من الخريجين.
وأضاف هيكل: "أرسلنا العديد من الدراسات الرسمية إلى وزير التعليم العالي والمجلس الأعلى للجامعات، لتوضيح الوضع الراهن والتحديات التي يواجهها الخريجون، في ظل تكدس السوق، سواء في القطاع الخاص أو الحكومي".
وأوضح أن " سوق العمل الخاص بات مكتظا تماما، بينما القطاع الحكومي لا يوفر فرص تكليف للخريجين، وهو ما يفاقم الأزمة، كما أن القطاع الخاص كما أن القطاع الخاص نفسه بات غير قادر على استيعاب هذه الأعداد المتزايدة، ما أدى إلى انخفاض فرص التشغيل الحقيقي"