بداية من شهر فبراير 2025، وافقت إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب على فرض رسوم جمركية على السلع القادمة من كل من كندا والمكسيك. وبتصريحاته، طالب دونالد ترامب الكنديين والمكسيكيين بالعمل مع إدارته لمكافحة تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية نحو الولايات المتحدة الأميركية لإلغاء هذه الرسوم الجمركية.
إلى ذلك، سجلت سياسة التجارة الحرة بين الولايات المتحدة الأميركية وكندا ظهورها منذ نحو 170 عاماً قبل أن تتوقف لما يزيد عن 100 عام وتعود مجددا خلال فترة إدارة الرئيس رونالد ريغان.
ومنذ العام 1855، ظهرت سياسة التجارة الحرة بين كندا، التي كانت ما تزال قابعة تحت الحكم البريطاني، والولايات المتحدة الأميركية بفضل معاهدة المعاملة بالمثل التي وقعت سنة 1854 بين الأميركيين والبريطانيين.
وقبل عام واحد من إعلان الاتحاد الكندي، أو ما يعرف بالكونفدرالية الكندية، صوت الكونغرس الأميركي سنة 1866 على قرار بإلغاء هذه المعاهدة التي عرفت نهايتها بعد مضي 11 سنة فقط عن دخولها حيز التنفيذ. ومع استلامه لزمام الأمور كأول رئيس وزراء بتاريخ كندا، حاول جون ماكدونالد (John A. Macdonald)، المنتمي لحزب المحافظين الكندي، إبرام اتفاقية تجارة حرة جديدة مع الأميركيين.
وفي الأثناء، كللت جهوده بالفشل لتدخل بذلك كندا في نوع من سياسة الانعزال الاقتصادي. وبالداخل الكندي، أيد عدد كبير من السياسيين فكرة خفض التبادل التجاري مع الجانب الأميركي حيث تخوف هؤلاء حينها من إمكانية ارتباط الاقتصاد الكندي بشكل وثيق بنظيره الأميركي وهو ما قد يقود لاحقاً لضم كندا للولايات المتحدة الأميركية.
وعلى مدار عقود، تواصل الصراع بالداخل الكندي حول التجارة الحرة مع الجانب الأميركي. فبينما رفض المحافظون ذلك، أيد الحزب الليبرالي الأمر وعدد فوائده على الاقتصاد الكندي. وفي انتخابات العام 1911، مثّلت سياسة التجارة الحرة مع الجانب الأميركي أهم نقاط الخلاف بين الليبراليين والمحافظين. وفي هذه الانتخابات، خسر الليبراليون لصالح المحافظين لتنتهي بذلك سنوات حكم ويلفريد لورييه (Wilfrid Laurier).
وما بين عامي 1935 و1980، أبرم الكنديون والأميركيون العديد من الاتفاقيات لخفض نسبة الرسوم الجمركية بين البلدين. وقد جاءت اتفاقية تجارة منتوجات السيارات التي وقعت سنة 1965 لتمثل أهم خطوة نحو اعتماد سياسة التجارة الحرة بين البلدين حيث ساهمت هذه الاتفاقية حينها في إلغاء الرسوم الجمركية المفروضة على السيارات والشاحنات والحافلات وقطع السيارات.
وخلال ثمانينيات القرن الماضي، باشرت كندا والولايات المتحدة الأميركية بإجراء مفاوضات حول إمكانية اعتماد نظام التجارة الحرة بين البلدين. وعقب جملة من النقاشات، أبرم يوم 2 يناير 1988 اتفاق التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة الأميركية. وبموجبه، تم إلغاء جميع الحواجز والعقبات أمام تجارة السلع والخدمات بين الجانبين الأميركي والكندي كما تعهد الطرفان بتسهيل شروط المنافسة العادلة داخل منطقة التجارة الحرة التي تم إنشاؤها تزامنا مع تحرير شروط الاستثمار. لاحقا، وقعت سنة 1992 اتفاقية التبادل الحر لشمال أميركا، المعروفة أيضا بنافتا (NAFTA)، التي تم من خلالها إنشاء منطقة تجارة حرة بين كندا والمكسيك والولايات المتحدة الأميركية.
بكندا، أثارت هذه الاتفاقيات غضب العديد من السياسيين من أمثال الليبرالي جون تورنر (John Turner) حيث تحدث هؤلاء حينها عن إمكانية تآكل السيادة الكندية وتحول كندا للولاية الأميركية رقم 51.