تمكن فريق بحثي بقيادة علماء من جامعة فيينا في النمسا من إثبات أن الأفيال تستخدم إيماءات بهدف واضح وهو إيصال طلباتها، مثل الرغبة في تفاحة، تماما كما يفعل البشر.
وفي تجاربهم، قدم الباحثون صينية (وعاء لحمل الأطعمة) فيها تفاح (6 تفاحات) وأخرى فارغة، إلى 17 فيلا في زيمبابوي، وسجلوا استجابات الفيلة بـ3 حالات: عندما تحصل على كل التفاح، وعندما لا تُلبّى رغبتها مطلقا، وعندما تُعطى تفاحة واحدة فقط.
وبحسب الدراسة ، التي نشرها الفريق في دورية رويال سوسايتي أوبن، فإن الأفيال قامت بإيماءات فقط تجاه شخص منتبه بصريا أو تجاه الصينية التي تحوي الطعام، ولم تبد أي حركة عشوائية تجاه أشياء أخرى، ما يعني أن الإيماءات متعمدة.
وعندما لم تتحقق رغبتها، لم تكرر الأفيال نفس الإيماءة، بل اخترعت حركات جديدة للفت الانتباه، ولو حصلت على جزء فقط من الطعام، استمرت بالإيماء لتأكيد رغبتها بالكامل.
وبحسب الدراسة، فقد رصد الباحثون 38 نوعا مختلفا من الإيماءات عبر 313 حالة إيمائية من 17 فيلا، مما يدل على تعقيد وتنوع لغة جسدهم.
وبناء على تلك النتائج، يشير الباحثون إلى أن الأفيال تمتلك سمة ظن العلماء أنها سابقا كانت حصرية في الرئيسيات، وهي "القصدية من الدرجة الأولى"، والتي تعني
أن يكون لدى الكائن الحي (إنسان أو حيوان) فكرة أو اعتقاد أو رغبة تجاه شيء في العالم الخارجي.
يعني ذلك أن الكائن الحي يقوم بفعل معين وهو مدرك أنه يريد تغيير سلوك الطرف الآخر لتحقيق هدف محدد، أي أن الفعل ليس عشوائيا أو رد فعل غريزي، بل يحمل نية واعية تجاه شخص أو كائن آخر.
ومثلا إذا أشرت لصديقك إلى كوب ماء وأنت عطشان، فأنت لا تتحرك بلا سبب، بل لتجعله يفهم أنك تريد الماء وتريد أن يقدمه لك. هذه إيماءة مع قصدية من الدرجة الأولى، وعندما ينظر قرد إلى موزة على الشجرة لأنه يريد أكلها، فهذه أيضا قصدية من الدرجة الأولى، لأنها تمثل رغبة في الموز.
وتسمى هذه الحالة "قصدية من الدرجة الأولى" لأنها تعبر عن فكرة واحدة فقط تجاه شيء خارجي، ولا تتعلق بأفكار أو نوايا الآخرين، وإذا كان الكائن يفكر: "أنا أظن أن القرد الآخر يريد الموز" فهذه تسمى "قصدية من الدرجة الثانية".
ووجود القصدية من الدرجة الأولى عند الأفيال يعني أن أدمغتها قادرة على تخطيط الفعل وإدراك الطرف الآخر كمستمع متفاعل، ظهر ذلك عبر سلوك واضح يتضمن التوجه نحو جمهور منتبه، واستمرار الإيماء حتى تتحقق الرغبة، واستخدام إيماءات مختلفة في حال فشل البعض منها.