في ظل استمرار النزاع المسلح في السودان، يؤكد نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني خالد عمر أن الحرب الحالية لا تخدم إلا قلة محددة من الأطراف، مستفيدة من استمرار الصراع لتحقيق مصالحها الخاصة.
وأوضح عمر خلال حديثه لـ”سكاي نيوز عربية” أن هذه الجهات استخدمت الحرب كوسيلة للصعود إلى السلطة، وأخرى راكمت مكاسب اقتصادية على حساب معاناة السودانيين في مناطق النزوح وبلدان اللجوء.
وأضاف أن استمرار المناورات من قبل حكومة الفريق عبد الفتاح البرهان لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الحرب، مشيرا إلى أن ما جرى خلال الأشهر الثلاثة الماضية لم يقدم أي جديد سوى تعميق الأزمة وازدياد معاناة المدنيين.
وأكد أن هذه المناورات “عديمة القيمة” لن تساهم في وقف النزيف الدموي أو توفير الحلول الإنسانية العاجلة.
حرب بلا أفق.. ومن يستفيد من استمرارها
يرسم نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني خالد عمر، تشخيصاً سياسياً حاداً لأسباب استمرار الحرب في السودان، منطلقاً من فرضية مركزية مفادها أن الصراع لم يعد مجرد مواجهة عسكرية، بل بات ساحة مفتوحة لشبكات مصالح ضيقة تستفيد من إطالة أمده.
ويؤكد أن هناك قلة لا ترى في نهاية الحرب مصلحة لها، سواء لأنها استخدمت الحرب “سلما للصعود إلى السلطة” أو لأنها “اغتنت من ورائها”، ما يجعل إنهاء الصراع يتعارض مباشرة مع حساباتها السياسية والاقتصادية.
معاناة السودانيين خارج حسابات الحرب
ويشدد خالد عمر على أن هذه الشبكات لا تبالي بحجم الكارثة الإنسانية التي يعيشها السودانيون، سواء في مناطق النزوح داخل البلاد أو في دول اللجوء، حيث تتفاقم المعاناة اليومية في ظل غياب أي أفق سياسي جاد.
ويرى أن إطالة أمد الحرب خلال الأشهر الماضية، عبر ما وصفه بـ”مناورات عديمة القيمة”، لم تسفر سوى عن مزيد من الدمار، مستشهداً بما جرى خلال 3 أشهر من تعطيل المبادرات، وما تزامن معها من تحركات في مجلس الأمن، لم تؤدِّ عملياً إلى كبح الأزمة.
المبادرة الرباعية.. فرصة مهدورة
في المقابل، يلفت خالد عمر إلى وجود فرصة حقيقية تمثلت في المبادرة التي ترعاها “الرباعية”، والتي طرحت خارطة طريق واضحة ومفصلة منذ سبتمبر 2025، تتضمن آليات وأدوات رقابة ومراحل تنفيذ محددة.
ويعتبر أن التعامل الجدي مع هذه المبادرة يقتضي مناقشتها وتطويرها أو تعديلها، لا القفز فوقها بطرح مبادرات جديدة ومختلفة كلياً، الأمر الذي يعكس – برأيه – غياب الإرادة الحقيقية لإنهاء الحرب.
الاشتراطات المسبقة وإطالة الصراع
ينتقد نائب رئيس حزب المؤتمر السوداني ما سماه “قوائم الاشتراطات المسبقة”، التي تبدأ بالانسحاب وتسليم السلاح وتنتهي بالتجميع في معسكرات، معتبراً أن مثل هذه الشروط، في سياق صراع دموي بهذه الضراوة، لا يمكن أن تنتج سلاماً.
ويؤكد أن فرض اشتراطات مسبقة من أي طرف، من دون الجلوس إلى طاولة تفاوض حقيقية، لا يعني سوى إطالة أمد الحرب، ويكشف عملياً عن انعدام الإرادة السياسية للسلام.
ويضع خالد عمر مسألة “الجيش الواحد” في صلب أي حل سياسي جاد، مؤكداً أنه لا يمكن الحديث عن سلام في ظل وجود جيشين أو استمرار انفلات السلاح.
لكنه في الوقت ذاته يربط الوصول إلى جيش وطني موحد بمفاوضات واقعية ومفصلة، تستفيد من تجارب السودان السابقة، وعلى رأسها اتفاق السلام الشامل عام 2005، حيث سبقت القضايا العسكرية مفاوضات مطولة حول وقف العدائيات وضمان وصول المساعدات الإنسانية.
وقف فوري للعدائيات دون شروط
ويستحضر المتحدث تلك التجربة ليؤكد أن المطلوب اليوم هو وقف فوري للعدائيات من دون اشتراطات، يتيح تدفق المساعدات الإنسانية ووقف نزيف الدم، قبل الدخول في نقاش معمق حول القضايا السياسية والعسكرية المعقدة.
ويرى أن أي مقاربة تتجاوز هذا التسلسل لن تفضي إلى سلام حقيقي، بل ستعيد إنتاج الأزمة بصيغ مختلفة.
خلل الإرادة وتعدد المسارات
في تشخيصه للمشهد السياسي الراهن، يتحدث خالد عمر عن “خلل في الإرادة والنوعية”، معتبراً أن سلطة بورتسودان مخترقة بعناصر النظام السابق، التي تجيد – بحسب وصفه – التنقل بين المنابر والمبادرات، بهدف خلق مسارات موازية تفرغ أي مبادرة جادة من مضمونها.
ويحذر من أن تعدد المسارات يؤدي في النهاية إلى عدم الالتزام بأي منها، داعياً إلى الالتفاف حول مسار الرباعية باعتباره الإطار الأكثر جدية.
ويختم خالد عمر حديثه بتوسيع زاوية النظر، معتبراً أن حرب 15 أبريل ليست معزولة عن تاريخ طويل من الحروب التي عرفها السودان منذ 1955، والتي انتهت بتقسيم البلاد ووقوع إبادة جماعية في دارفور.
ويشدد على أن جعل هذه الحرب “آخر حروب السودان” يتطلب معالجة الأسباب الجذرية، وفي مقدمتها إدارة التنوع السوداني عبر صيغة جامعة، ترفض الحكم العسكري والأيديولوجي الضيق، وتؤسس لانتقال مدني ديمقراطي كامل، باعتباره الطريق الوحيد نحو سلام مستدام، لا مجرد تهدئة مؤقتة سرعان ما تنفجر من جديد.
المصدر:
الراكوبة