كشفت تقارير حديثة مدعومة بصور أقمار صناعية عن استخدام طائرات تركية من طراز “أقنجي” (Akinci) في تنفيذ غارات جوية داخل الأراضي السودانية، انطلاقاً من مطار يقع في دولة مجاورة.
ووفقاً لمصادر متطابقة، استهدفت الضربات مواقع تابعة لقوات الدعم السريع (RSF)، ما يؤكد – بحسب المحللين – انخراط أنقرة المباشر في دعم أحد أطراف الصراع السوداني. وتشير تقارير سابقة إلى أن تركيا زودت حكومة بورتسودان بطائرات مسيّرة وذخائر منذ بدايات الحرب.
تُظهر المعلومات أن أنقرة قدّمت للجيش السوداني ست طائرات “بيرقدار TB2” وثلاث محطات تحكم أرضية بقيمة تُقدّر بـ120 مليون دولار، ما ساهم في تغيير موازين القوة ميدانياً. كما ورد في تقرير للأمم المتحدة أن هذه الطائرات نُقلت عبر وسطاء في مالي وإريتريا للالتفاف على القيود الدولية، في خرق واضح للقانون الدولي.
شهد النزاع السوداني استخداماً واسعاً للطائرات بدون طيار؛ إذ أعلنت قوات الدعم السريع عن إسقاط عدد من المسيّرات التركية، كان آخرها في سبتمبر الماضي فوق جنوب دارفور. كما وثّقت صور ومقاطع مصوّرة تدمير طائرات من طراز “أقنجي” فوق الفاشر وكردفان. وتسببت هذه الغارات في سقوط عشرات المدنيين، أبرزها هجوم على مسجد في الفاشر أوقع نحو 70 قتيلاً.
في مارس الماضي، كشفت صحيفة واشنطن بوست عن صفقة سرية شملت تسليم الجيش السوداني مسيّرات وصواريخ تركية، وأشارت إلى وجود فريق من شركة “بايكار” في السودان للإشراف على العملية.
الصحيفة استندت إلى وثائق وصور تؤكد هوية الوسطاء ومسار الشحن في منطقة نزاع خاضعة للعقوبات الدولية، كما كشفت عن حوافز اقتصادية قدّمتها السلطات السودانية لشركات أجنبية، بينها امتيازات تعدين في النحاس والذهب والفضة وحقوق تطوير ميناء أبو عمامة على البحر الأحمر مقابل الدعم العسكري.
تتنامى مؤشرات تحول الحرب في السودان إلى صراع بالوكالة بين قوى إقليمية، أبرزها تركيا وإيران، اللتان تدعمان الجيش ومليشيات حليفة له، وفق تقارير دولية. وأكد Sudan Conflict Monitor أن إيران بدورها زوّدت الجيش السوداني سراً بطائرات مسيّرة.
ورغم أن مجلس الأمن الدولي مدّد في أكتوبر 2024 حظر السلاح المفروض على دارفور، لم تُتخذ أي إجراءات ضد الدول المتهمة بانتهاكه، بما فيها تركيا وإيران، ما يثير تساؤلات حول ازدواجية المعايير الدولية في التعامل مع النزاع السوداني.
وبذلك، تكشف التقارير الأخيرة عن تشابك المصالح العسكرية والاقتصادية في ساحة الصراع السوداني، وتحول البلاد إلى مسرح مواجهة غير مباشرة بين أنقرة وطهران، في وقت يدفع فيه المدنيون الثمن الأكبر.