آخر الأخبار

مستشار سابق بالأمم المتحدة يدعو لتشكيل قوات من ( الرباعية) لحماية المدنيين بالفاشر

شارك

تقرير: سليمان سري
دعا المستشار القانوني السابق في الامم المتحدة، و نائب رئيس الشبكة الأفريقية للخبراء الدستوريين في أفريقيا د. سامي عبد الحليم سعيد إلى نشر قوات من الدول الأربع التي تمثل الآلية الرباعية لفتح مسارات إنسانية وتأمين خروج المدنيين في مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور.

عبر عبدالحليم في حديث مع “راديو دبنقا” عن اعتقاده بأن الآمال معقودة حالياً على المبادرة التي يقودها مسعد بوليس، مستشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشؤون الأفريقية، في إطار التحالف الرباعي الذي يضم إلى جانب الولايات المتحدة كل من السعودية ومصر والإمارات، باعتباره قد يشكل إرادة جماعية بديلة تفرض آليات على الأرض خارج إطار الأمم المتحدة. وأضاف قائلاً: مثل نشر قوات من الدول الأربع لفتح مسارات إنسانية وتأمين خروج المدنيين.

وعبر عن اعتقاده بأن هذه الدول الأربع تتمتع بقدر من الاعتراف والتواصل مع طرفي النزاع في السودان، الأمر الذي قد يجعل هذه الآلية “نشر القوات” أكثر قبولاً وفعالية.

ورأى عبدالحليم أن هذه الآلية ينبغي أن تُطبق في أكثر من جبهة داخل السودان، وليس في الفاشر فقط، بحيث يمكن أن تساهم في فتح ممرات إنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش أيضاً، لتوفير ملاذات آمنة للمجموعات السكانية التي تتعرض للاضطهاد أو تواجه ظروفاً صعبة.

ضعف الإرادة الدولية:

وأنتقد المستشار القانوني السابق في الأمم المتحدة د. سامي عبدالحليم ضعف الإرادة الدولية في حسم النزاعات وعزا ذلك إلى أنه يعود إلى الانقسامات العميقة داخل المجتمع الدولي، حيث بات من الصعب التوصل إلى قرارات جماعية بسبب تضارب المصالح بين القوى الكبرى.

وأوضح أن أي مقترح أو مبادرة باتت تُقابل بالرفض أو العرقلة من طرف مقابل، ما يجعل مجلس الأمن عاجزاً عن التعامل مع قضايا السلم والأمن الدولي. وضرب مثالاً بأزمات أوكرانيا، غزة، النيجر، بوركينا فاسو ومالي، فشل المجلس في اتخاذ قرارات مؤثرة، وانسحبت في النهاية قوات الأمم المتحدة نفسها من مالي بعد عجزها عن القيام بدورها”.

وأكد أن انقسام الآليات الدولية وانقسام المجتمع الدولي قادا إلى فشل المنظومة الأممية في التعامل مع الأزمة السودانية، حيث يعمل كل جهاز بمعزل عن الآخر؛ وتابع قائلاُ: مجلس حقوق الإنسان بشكل منفرد، ومجلس الأمن بشكل منفصل، والأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه الخاص دون قدرة على فرض حلول.

تصريحات فولكر وبولس:

وأشار الخبير القانوني عبدالحليم إلى أن التصريح الذي أطلقه فولكر تورك في الثاني من أكتوبر 2025 حول الأوضاع في الفاشر وحصار المدنيين وتوصيل المساعدات الإنسانية، وقال إنه أشار في الجزء الأخير من تصريحاته إلى أهمية مواصلة الدول ذات التأثير للضغط على الأطراف.

ودعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الخميس، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لمنع ارتكاب هجمات واسعة وجرائم فظيعة ذات دوافع إثنية في مدينة الفاشر، مع تكثيف قوات الدعم السريع هجماتها للسيطرة على عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة لفترة طويلة.

وقال إن هذا الأمر، أيضاً، برز خلال اليومين السابقين، حينما صرّح، مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الأفريقية مسعد بوليس، لقناة العربية بأن الاتصالات جارية مع قوات الدعم السريع والجيش بشأن التوصل إلى اتفاق للجلوس والتفاوض من أجل وقف إطلاق النار وضمان وصول المساعدات الإنسانية.

وقال عبدالحليم إنَّه في الوقت الذي يؤكد فيه مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك أن الأوضاع في مدينة الفاشر سيئة وأن المساعدات لا تصل إلى المدنيين، يعلن مستشار الرئيس الأمريكي للشؤون الإفريقية مسعد بولس أن الأمور تسير في اتجاه تنفيذ عمليات الإغاثة، معتبراً أن ذلك ما يكشف وجود خلل في المعلومات التي تصل إلى الأطراف الدولية المعنية بالشأن الإنساني في السودان.

وأضاف عبدالحليم، أن بوليس أكد أن اجتماعات كبيرة عُقدت في هذا السياق، وأن هناك جهودًا لتحقيق ممرات آمنة للمواطنين وتسهيل وصول المساعدات للعاملين في مجال الإغاثة، بل وأكد أن حملة لتوصيل الإغاثة ستنطلق بعد ساعات.

ولفت عبدالحليم إلى أنه لا يمكن القول إن فولكر تورك أكثر علمًا من مسعد بوليس، “لكن الانطباعات الخاطئة عن الوضع في الفاشر والتضليل الواضح من الأطراف المتحاربة للمجتمع الدولي يجعلان الصورة ضبابية، بينما الحقيقة المؤكدة أن الوضع سيئ للغاية، مع انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني ولحقوق الإنسان، وهو ما يستدعي المجتمع الدولي التدخل بصورة أكثر فاعلية لضمان سلامة المدنيين في الفاشر وفي عموم السودان”.

دارفور ومجلس الأمن:

وأكد المستشار القانوني السابق في الأمم المتحدة د.سامي عبدالحليم في حديثه لـ”راديو دبنقا” أن الوضع في دارفور بشكل خاص يخضع لقرارات مجلس الأمن، وأهمها القرار رقم 1593 الصادر في عام 2005، الذي أحال أوضاع الإقليم إلى المحكمة الجنائية الدولية، مما يتيح إمكانية تحريك آليات أكثر فاعلية لضمان وصول المساعدات الإنسانية وفك الحصار وضمان سلامة المدنيين.

وأشار إلى أن هذه الأوضاع تتطلب التوصل إلى وقف إطلاق نار عاجل وملزم للأطراف، يشمل وقف قصف المدن وخاصة الفاشر وضمان سلامة المدنيين، وهو إجراء يحتاج إلى قرارات دولية ملزمة تستند إلى القانون الدولي.

وشدد عبدالحليم على أن التوصل إلى وقف إطلاق النار ما زال يراوح مكانه، في ظل غياب مقترحات قوية أو اتفاقيات واضحة بين الأطراف، الأمر الذي يفاقم خطورة الجرائم المرتكبة ضد المدنيين في معظم أنحاء السودان، لا سيما في الفاشر.

و قال إن المجتمع الدولي، بما في ذلك الآليات المرتبطة بحقوق الإنسان، لا يزال يستخدم أدوات أضعف بكثير من مستوى الجرائم والانتهاكات المتواصلة، حيث يقتصر التحرك على التصريحات والآليات الضعيفة التي لا ترتقي إلى حجم الفظائع المرتكبة.

المنظومة الدولية أمام أمتحان:

وأكد نائب رئيس الشبكة الأفريقية للخبراء الدستوريين د. سامي عبدالحليم على أن الحرب المستمرة منذ 15 أبريل 2023 تسببت في تدهور مريع وانتهاكات جسيمة وموثقة، ورغم تداولها على نطاق واسع في الإعلام، فإن التحرك الدولي ظل ضعيفًا، وهو ما يعكس ضعف وفقر الآليات الدولية المتاحة للتعامل مع الأزمات في أفريقيا وفي مناطق نزاع أخرى.

وأشار عبدالحليم إلى أن النزاع في السودان وضع المنظومة الدولية أمام امتحان عسير واختبار عملي لنظرية الأمم المتحدة في حفظ السلم والأمن الدوليين، وهو اختبار أثبت عدم جدوى هذه النظرية في ظل الانقسامات الدولية الراهنة والتحشيد المضاد بين القوى العظمى الدائمة العضوية في مجلس الأمن، حيث لم يعد هناك توحد حول عمليات حفظ السلام والأمن في العالم.

وعبر عن استنكاره لأن المجتمع الدولي في كثير من الحالات يستطيع التعامل مع حصار المدن وتقديم المساعدات الإنسانية بآليات لا تعتمد على الأطراف المتحاربة، مشددًا على أن عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات لا يمكن أن تتم عبر طرف من الأطراف لأن ذلك يثير الشبهات حول دعم أحدهما عسكريًا أو لوجستيًا.

ونفذت القوات المسلحة السودانية، الثلاثاء، بالتنسيق مع الأمم المتحدة أول عملية إسقاط جوي منذ أبريل الماضي في مدينة الفاشر “المحاصرة” عبر طائرة “أنتنوف”. عقب إسقاط قوات الدعم السريع طائرة “أنتنوف”.

قوة محايدة:

ورأى عبدالحليم أن مثل هذه العمليات الحساسة “الإسقاط الجوي” تحتاج إلى قوة محايدة تحظى باحترام الطرفين، بحيث تقوم بالإسقاط من خلال مؤسسات مشهود لها بالحياد مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر وبرنامج الغذاء العالمي، بما يضمن وصول المساعدات إلى المدنيين وليس إلى المقاتلين.

وشدد عبدالحليم على أن المطلوب في الوقت الراهن هو توفير ثقة قوية وواقعية تضمن خروج المدنيين عبر ممرات آمنة تشرف عليها منظومة دولية، بما في ذلك قوات رمزية لحفظ الأمن تراقب وتساعد المدنيين في الخروج، إضافة إلى عمليات إسقاط تتم بشكل محايد وفعّال، وبصورة كافية تلبي احتياجات المتضررين. وأكد أن هذه المساعدات يجب أن تكون كافية وليست مجرد “قطرة في البحر”، معتبرًا أن ذلك هو السبيل الوحيد للتعامل بجدية مع الأزمة الإنسانية الراهنة.

وأوضح الدكتور سامي عبدالحليم أن الآليات الدولية المعنية بحقوق الإنسان والأمن مرتبطة ومتكاملة، ولا يمكن أن تكون فعّالة ما لم تعمل معاً.

وأشار إلى أن آلية المفوض السامي لحقوق الإنسان تعتبر جزءاً من منظومة الأمم المتحدة، وإذا لم تُدعَم تقاريرها وقراراتها بآليات قانونية وسياسية ودبلوماسية قوية تُنفذها، فإنها تظل مجرد تصريحات دون أثر عملي. ولهذا السبب يتكرر الانطباع بأن الأمم المتحدة تكتفي بالإدانة أو التعبير عن الأسف.

وانتقد غياب الآليات الفعّالة، والمتمثلة أساساً في مجلس الأمن، يجعل تقارير حقوق الإنسان والبعثات الدولية لتقصي الحقائق محدودة الجدوى، إذ أنها كانت تُستخدم في السابق كجزء من عملية صناعة القرارات داخل المجلس.

وذكر أن القرار 1593 الصادر في عام 2005 بإحالة الوضع في دارفور إلى المحكمة الجنائية الدولية جاء نتيجة لعمل بعثات لتقصي الحقائق، والتي خلصت إلى وجود انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم إبادة جماعية.

وأضاف هذه التوصيات استخدمها مجلس الأمن ليصدر قرارات ملزمة، لكن اليوم لا تُترجم مثل هذه التقارير إلى قرارات فعّالة، ما يعطّل الجهود الدولية ويجعلها عالقة في الفراغ.

دبنقا

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

الأكثر تداولا دونالد ترامب اسرائيل حماس

حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا