قالت الممثل المقيم للأمم المتحدة بالسودان، دينيس براون، إن عدم حصول الأمم المتحدة على الضمانات الأمنية لم يمكنها من إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور المحاصرة منذ مايو 2024.
وأكدت دينيس في تصريحات لـ “سودان تربيون” أن الأمين العام للأمم المتحدة دعا إلى وقف إطلاق النار في الفاشر، التي هي تحت الحصار، حيث لم تستطع المنظمات الوصول إلى الناس هناك منذ أكثر من عام.
وأفادت أن الأمم المتحدة للأسف لم تتلق الاستجابة الإيجابية التي كانت تنتظرها من قوات الدعم السريع.
وتابعت قائلة: “إن القوات المسلحة السودانية وافقت، وقوات الدعم السريع لم توافق. هذه هي الصعوبة التي نواجهها الآن، وآمل أن يُسمح لنا بأداء عملنا”.
وذكرت المسؤولة الأممية التي تولت منصبها هذا الشهر وتزور الخرطوم للمرة الأولى، أنه بدون ضمانات أمنية من الصعب جداً على عمال الإغاثة الدخول، مشيرة إلى فقدهم بعض الأشخاص بالفعل؛ وأضافت: “أنتم فقدتم سودانيين، ونحن فقدنا عاملين في المجال الإنساني. نحن بحاجة إلى تلك الضمانات، هذا عائق أمامنا”.
وأكدت دينيس براون أنه حتى الآن لا تصل أي مساعدات إلى الفاشر، رغم مناشدة الأمين العام للأمم المتحدة من أجل الشعب السوداني ومن أجل دخول الفرق والقيام بعملها بالاهتمام بالناس الذين لم يستطيعوا الخروج وبالنظام الصحي بتوفير الغذاء والمياه النظيفة والصرف الصحي.
وقالت: إن “الخطوة واضحة جداً. الأمين العام للأمم المتحدة دعا قبل ستة أسابيع على الأقل إلى وقف إطلاق النار. دعوا المجتمع الإنساني يدخل، دعوا المجتمع الإنساني يؤدي عمله”.
وشددت على أن الأمم المتحدة لا تمارس السياسة، بل تمارس العمل الإنساني – حسب تعبيرها -.
وبشأن التنسيق مع قوات الدعم السريع، قالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة إن الأمم المتحدة قادرة على إدخال شاحناتها عبر معبر أدري على الحدود بين السودان وتشاد بدون عوائق، ما يشكل دفعة كبيرة لعملياتها لجلب الإمدادات الأساسية وهو أمر بالغ الأهمية.
وأوضحت قائلة: “هناك خبر جيد فيما يخص المعبر، لكن بالنسبة لوقف إطلاق النار والسماح بدخول المساعدات إلى الفاشر لا. للأسف ليس هناك أخبار جيدة، وهذا يظل مشكلة كبيرة بالنسبة لنا”.
الاستجابة الإنسانية
وقالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة إنه فيما يتعلق بالاستجابة الإنسانية، فإن الأمم المتحدة تتحدث عن 30 مليون شخص في حاجة للمساعدات، في حين لم تتلق المنظمة الدولية سوى 25% مما تحتاجه.
وأقرت بوجود فجوة، وأن الأمم المتحدة بحاجة إلى التمويل لسدها، وهي بعيدة جداً عما تحتاج إليه – طبقا لقولها -.
وأضافت: “مع ذلك، فإن خطة الاستجابة الإنسانية للسودان هي الأفضل تمويلاً في العالم مقارنة بكل العمليات الأخرى التي نديرها. هذا جانب إيجابي، لكنه غير كافٍ. هذه رسالتي البسيطة: غير كافٍ”.
وذكرت أن من المهم أن يُفهم أن الأمم المتحدة والمجتمع الإنساني يعتمدان على التمويل الذي يأتي من المجتمع الدولي المانح خارج السودان لنتمكن من القيام بمهامنا، مؤكدة ضرورة أن يُمنح السودان المزيد من الاهتمام، وأن يعرف العالم ما حدث في السودان ولشعب السودان، وتأثير الحرب على حياتهم، ويجب الحصول على ما يكفي لتقوم الأمم المتحدة بالمزيد من أعمالها.
وزادت بالقول: “لذلك من التزاماتي أن أرفع الصوت عالمياً بأقصى ما أستطيع حول ما حدث هنا لشعب السودان. هذه الأموال يجب أن تأتي”.
العودة إلى الخرطوم
وقالت دينيس براون إنها ناقشت في زيارتها للخرطوم كيفية التعاون مع الفرق الفنية في الوزارات لفهم الأولويات. ونبهت إلى أنها عرضت أن يأتي فريق فني من الأمم المتحدة ويمكث في الخرطوم، موضحة أن للأمم المتحدة الآن أكثر من 40 موظفاً بولاية الخرطوم.
وذكرت أنها زارت مكتبها بولاية الخرطوم، مبدية أملها في أن تعود في أكتوبر للعمل من المكتب لأسبوع أو أسبوعين على الأقل.
ورأت المسؤولة الأممية أنه من الضروري جداً – حيثما أمكن – أن ننتقل من العمل الإنساني المباشر، الذي يركّز على مساعدة الفرد وأسرته، إلى العمل على إصلاح الأنظمة، موضحة أنه إذا لم يتم ذلك، فإن الناس يموتون وسيواصلون الموت بسبب أوبئة الكوليرا وحمى الضنك، والتايفويد.
وتعهدت بإرسال فريق أممي للعمل مع الفريق الوزاري لتحديد الأولويات ومراجعتها معاً، لأن الصحة مرتبطة بالمياه وبالصرف الصحي.
وأفادت أن هذا المقترح لاقى قبولاً جيداً وسيجري تنفيذه، مع الوضع في الاعتبار أن الأمم المتحدة لا تملك أموالها الخاصة، بل تأتي من المانحين.
الوضع الوبائي
وبشأن تفشي الوبائيات، قالت دينيس إنها وصلت السودان قبل عشرة أيام، وهذا الأسبوع هي في الخرطوم، حيث التقت وزير الصحة الاتحادي، ووزير الصحة بولاية الخرطوم.
ونوهت إلى أن الأمم المتحدة تقدم المساعدات الإنسانية قدر المستطاع، استناداً إلى الموارد التي تتلقاها، لكنها تدرك أيضاً أن تفشيات الأمراض مثل حمى الضنك والكوليرا مرتبطة بما حدث لشبكات المياه والصرف الصحي والنظافة.
وأبانت أن إحدى مهامها ستكون رفع الصوت عالياً حول ما جرى لشعب هذا البلد، وأن تضمن القدرة على العمل لدعم وزارة الصحة الاتحادية ووزارات الصحة الولائية.
وأكدت أنها لمست أيضاً أهمية قضايا أخرى لدى زيارتها لمستشفى النو بأم درمان، كأهمية صحة الأمهات والأمراض المزمنة.
وأضافت أن مستشفى النو بقي مفتوحاً طوال فترة الحرب بجهود السودانيين العاملين فيه، حتى أنهم في أوقات لم يتقاضوا فيها أجوراً. وقالت: “لذلك فإن واجبنا أن نكون هنا ونقدّم الدعم”.
التسهيلات الحكومية
وبشأن التسهيلات التي يمكن أن تحظى بها منظمات الأمم المتحدة بالسودان، قالت دينيس إنها منذ وصولها قبل عشرة أيام، كانت لقاءاتها تركز على هذا الأمر، وأشارت إلى لقائها وزير الخارجية الجديد محيي الدين سالم.
وذكرت أن الأطراف جميعاً رأت أنها تأقلمت على العمل معاً منذ بداية الحرب. “نعم، كانت هناك بعض التعقيدات والمشاكل، لكنني أعتقد أن الحوار الجيد والاعتراف بأن المجتمع الإنساني، وأنا أمثل جانبه الدولي، موجود هنا فقط للقيام بمهمة واحدة، وهي دعم الناس، ساعدنا في التفاهم بشكل أفضل وإحراز بعض التقدم”.
وتابعت: “أنا ممتنة جداً لذلك، وكذلك الأمين العام ممتن جداً”.
سودان تربيون