آخر الأخبار

المرأة السودانية تجسد ألمها فوق مسرح الحرب

شارك
عثمان الأسباط  صحفي سوداني

ملخص

“الشعوب تتعلم بالألم أكثر من أية طريقة أخرى، وهذا عملياً يحدث لنا منذ ما يقارب 29 شهراً من الحرب، وما تعلمناه بوصفنا فنانين ومثقفين وكمجتمع كامل في هذه الفترة يفوق ما تعلمناه خلال أعوام طويلة”.

لدعم النساء والفتيات اللائي تعرضن لصور متعددة من الانتهاكات الجسيمة في حرب السودان ، نشط عدد من نجوم الدراما في تقديم عروض مسرحية تهتم بقضايا زواج القاصرات وتعليم البنات والمرأة والعمل، وكذلك تمكين النساء اقتصادياً وسياسياً واجتماعياً، وتهدف تلك الأعمال الفنية إلى التوعية والتعريف بالحقوق وزيادة الثقة بالذات.

الأعمال التي قدمت على مسارح مدن ومناطق عدة في شرق السودان تناولت قصصاً حقيقية عن أوضاع النساء  والفتيات، إذ يشارك الممثلون في تجسيد شخصيات تعكس التحديات التي تواجههن، وتقديم نماذج ملهمة لصمودهن ونضالهن من أجل العدالة والمساواة، وكذلك تشجيع المجتمع على إعادة النظر في الصور النمطية والعادات المقيدة لمسار المرأة وتعزيز حضورها في الفضاء العام.

قضايا اجتماعية ورسائل

وشهدت مراكز إيواء النازحين في مدن كسلا وحلفا والقضارف مبادرة نظمها ممثلون سودانيون، إذ قدموا مسرحيات وأعمالاً فنية ناقشت قضايا تفشي خطاب الكراهية بسبب الحرب ومشكلات دور النزوح والثقافة البيئية، إضافة إلى التحرش والأمراض النفسية والأوبئة الناتجة من تداعيات الصراع المسلح.

ولا يقتصر عمل الدراميين على تقديم الأعمال الفنية، بل يتعداه إلى اكتشاف المواهب من خلال الورش التدريبية عن المسرح التفاعلي لتقديم صورة عن واقع القتل ورعب البنادق لدى الفارين من جحيم الاشتباكات المسلحة.

واعتبر المخرج غدير ميرغني أن “المسرح التفاعلي واحد من أدوات المقاومة التي تستخدمها الجماهير في التنوير، فضلاً عن توظيف فن الحوار في مواجهة العنف الاجتماعي، وقد عملنا على تقديم أعمال عدة حول واقع النساء والفتيات وهمومهن وأزماتهن وأمنياتهن على خشبة المسرح”.

وقال “ركزنا من خلال العروض على قضايا تعليم البنات وزواج القاصرات، وكذلك مشاركة النساء في المجتمع، ونهدف من خلال هذا الطرح على خشبة المسرح لتحويل هذه المشكلات الصامتة إلى مواضيع للنقاش المجتمعي الجاد، كما أن المسرح يمنح النساء أنفسهن منصة للتعبير عن تجاربهن، ويعزز وعي الجمهور بحقوق المرأة ودورها المحوري في التنمية”.

وأوضح ميرغني أن “نجوم الدراما نظموا ورشة تدريبية عن المسرح والمسرح التفاعلي، وتلقى الشباب من الجنسين تدريبات نظرية حول كيفية صناعة العرض وتوظيف الحكايات والأدوات والإيقاعات المحلية في المسرح”.

من جهته أشار مدير مسرح العرائس السودانية الهادي سراج النور إلى أن “الأطفال وجدوا حظهم من الأعمال عبر مسرحيات تفاعلية هادفة باستخدام الدمى والعرائس والشخصيات الكرتونية، من أجل التركيز على محاكاة عقول الصغار وغرس القيم الأخلاقية في نفوسهم، فضلاً عن مخاطبة مشاعرهم وإثارة معارفهم وحسهم الحركي ونزع الخوف من قلوبهم الصغيرة، تأكيداً على أن الفن ليس ترفاً وإنما يقوم بدور أصيل في المجتمع ويهدف إلى تعزيز ثقافة السلام وإيقاف الحرب”.

ولفت إلى أن “الفرقة قدمت عروضاً تشمل رسائل تعليمية للأطفال من خلال تصميم عرائس لها علاقة بمناطق شرق السودان، بخاصة الشكل والأزياء، فضلاً عن مسرحيات تحفز الصغار على أهمية الثقافة البيئية ومكافحة الأمراض وطرق الوقاية”.

وتابع سراج النور أن “الأعمال الفنية التي ناقشت قضايا زواج القاصرات وتعليم البنات وجدت تفاعلاً كبيراً من المجتمعات المحلية، خصوصاً النساء والرجال، وحاولنا قدر الإمكان دفع الفتيات إلى المشاركة ومعرفة رؤية الشباب حول هذه القضايا”.

مكاشفة بالواقع والتحديات

ورأت نجلاء بشير، إحدى المشاركات في الأعمال الفنية أن “مشاركتها في تقديم أعمال مسرحية للمرة الأولى خطوة ناجحة ومحفزة لأن هناك فراغاً قاتلاً داخل مراكز الإيواء، وعندما تقل فرص العمل تصبح الأنشطة الفنية وسيلة جيدة للاستفادة من الوقت على نحو مثمر وخلاق”.

ونوهت بأن “العروض المسرحية التي تتناول قضايا النساء تعد من أهم الوسائل التوعوية والتثقيفية في المجتمعات، فهي لا تقتصر على الترفيه وإنما تعمل على الكشف عن التحديات التي تواجهها المرأة، وتسليط الضوء على أصوات كثيراً ما همشها الواقع في زمن الحرب”.

وقالت “مع أن النشاطات الفنية ليست بديلاً عن العلاج النفسي والرعاية، فإن مجرد المشاركة في تقديم عروض مسرحية يسهم في التنفيس عن الشعور بالألم والتعبير عن مشاعر الفرحة للتصدي للذكريات القاسية وإيجاد طريقة للتخلص من الأعباء.

اندبندنت عربية

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا