في موقف احتجاجي حاد، أعلنت لجنة المعلمين السودانيين بولاية كسلا رفضها القاطع لقرار وزير التربية والتوجيه القاضي ببدء العام الدراسي الجديد يوم الأحد الموافق 21 سبتمبر، معتبرة أن إطلاق الدراسة دون معالجة مستحقات المعلمين المالية يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق العاملين في الحقل التربوي ويقوض الثقة في المؤسسات التعليمية. وجاء في بيان صادر عن اللجنة يوم السبت أن المعلمين في كسلا لم يتسلموا حتى الآن 60% من رواتب شهري أغسطس وسبتمبر لعام 2023، إلى جانب رواتب ثمانية أشهر كاملة من مايو حتى ديسمبر 2024، فضلاً عن مرتبي يوليو وأغسطس من العام الجاري 2025، وهو ما وصفته اللجنة بأنه تراكم غير مسبوق للمتأخرات المالية.
وأضاف البيان أن المعلمين محرومون أيضاً من ست منح للأعياد، وبدل اللبس لثلاث سنوات متتالية، والبديل النقدي للفترة ذاتها، بالإضافة إلى عدم تنفيذ قرار تعديل بدل الوجبة رغم صدوره منذ فترة طويلة. وانتقدت اللجنة في بيانها استشهاد الوزير بما وصفه بـ”حرب الكرامة” وظروف البلاد الاقتصادية لتبرير فتح المدارس دون الوفاء بالحقوق، مؤكدة أن المعلمين لا يزايدون على الوطنية، ولا يقبلون أن يُزايد عليهم أحد، مشيرة إلى أن زملاءهم في ولايات أخرى يتقاضون رواتبهم بانتظام، بينما يُترك معلمو كسلا في مواجهة مباشرة مع المعاناة والديون المتراكمة.
وحذرت اللجنة من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار العملية التعليمية بالكامل، وفقدان الثقة في الجهات الرسمية، داعية إلى مراجعة عاجلة للسياسات المالية تجاه المعلمين. كما قارن البيان بين أوضاع المعلمين في كسلا ونظرائهم في ولاية القضارف، حيث أعلنت وزارة المالية هناك عن صرف بدل وجبة بقيمة 30 ألف جنيه، وبدل سكن يتراوح بين 35 و75 ألف جنيه، إلى جانب صرف المرتبات المعدلة دون تأخير أو تراكم.
وأكدت اللجنة أن حرمان المعلمين من حقوقهم الأساسية دفع بالكثيرين إلى اللجوء لأعمال هامشية مثل البيع الجائل أو العمل كحمالين، بينما اضطر آخرون إلى طلب المساعدة في المساجد، وهو ما اعتبرته اللجنة شكلاً من أشكال الظلم المؤسسي الذي تمارسه الدولة بحق من وصفتهم بصناع الأجيال وسدنة الحروف. وشددت اللجنة على أن التعليم لا يُعد ترفاً بل هو ضرورة حياتية واستثمار طويل الأمد في مستقبل البلاد، متعهدة بمواصلة النضال السلمي من أجل انتزاع الحقوق كاملة، مؤكدة أن المعلمين سيواصلون السير في طريقهم رغم صعوبته، وأن الأرض ستخضر حتماً بصلابة الوعي وإصرارهم على استعادة حقوقهم.
السودان نيوز