آخر الأخبار

مستشفى المناقل التعليمي يتنفس برئة مثقوبة

شارك

بين جدران متصدعة وممرات غارقة في النفايات، يحاول مستشفى المناقل التعليمي أن يبقى على قيد الحياة، شاهدًا على مأساة انهيار القطاع الصحي في السودان، ومعبرًا عن أزمة أعمق خلفتها الحرب المستمرة منذ عامين.

ويعاني مستشفى المناقل التعليمي من انهيار بيئته الصحية والخدمية، في ظل غياب عربات الإسعاف وتكدس النفايات وشح المياه، ليجد أكثر من مليون مواطن أنفسهم أمام مرفق عاجز عن أداء دوره الحيوي.

ويواجه القطاع الصحي في السودان واقعًا كارثيًا بسبب النزاع المُسلح الذي اندلع منتصف أبريل 2023، فقد دمرت الحرب ما بين 70% و80% من المرافق الطبية في السودان، بالإضافة إلى معظم مصانع إنتاج الأدوية الرئيسية في البلاد، وتتعرض المرافق المتبقية للضغط الشديد.

ومن أصل 702 مستشفى أساسية في العاصمة الخرطوم والولايات كانت هناك حوالي 540 تابعة لوزارة الصحة تعمل بشكل كامل أو جُزئي تعرضت للتخريب وسلب ونهب الأجهزة والمعدات الطبية والشبكات.

ووفق وزارة الصحة فقد بلغ إجمالي خسائر قطاع الصحة في السودان نحو 11.04 مليار دولار أمريكي، وتشمل المباني، الأجهزة والمعدات الطبية، الأثاث الطبي، سيارات الإسعاف والمتحركات والأدوية والمستهلكات الطبية.

وخلال الفترة الماضية، إبان استيلاء قوات الدعم السريع، على أجزاء واسعة من الخرطوم، ومدن ود مدني وسنار والدندر وغيرها من المدن واجهت مستشفى المناقل ضغوطًا هائلة بسبب موجات النزوح، وتزايد أعداد طالبي العلاج، مما جعل المرفق الصحي يعمل بأكثر من سعته وبإمكانيات شحيحة ومحدودة.

يُعد مستشفى المناقل التعليمي من أكبر المستشفيات بمنطقة غرب الجزيرة، فهو المستشفى المرجعي الوحيد بالمنطقة، إذ تُغطي خدماته الطبية محليتي المناقل و24 القرشي وبعض المناطق الطرفية من ولايتي النيل الأبيض وسنار.

ويستفيد من خدمات المستشفى أكثر من مليون مواطن ومواطنة، ورغم أن المستشفى من الأهمية بمكان، لكنه يشهد ترديًا كبيرًا في تقديم خدماته التشخيصية والعلاجية، وتدهورًا ملحوظاً في بيئته، وفشلاً إدارياً أنتجته الصراعات الإدارية المتراكمة التي شهدتها محلية المناقل في الأعوام السابقة.

وخلال الأعوام الماضية تدهورت البيئة الصحية داخل المستشفى مما جعلها غير موائمة لمعايير التعقيم والنظافة التي يجب توفرها في المرافق الصحية؛ إذ تتكدس الأوساخ داخل العنابر وفي فناء المستشفى الذي تحول إلى ساحة لانتشار الأمراض بدلًا عن معالجتها، كما يشكو المرضى من الطفح المتكرر للمراحيض وأحواض التخمير (سبتك تنك)، وسوء الصرف الصحي، وتحولت أحواض التخمير إلى مكامن جاذبة للجرذان التي أصبحت أعدادها تفوق أعداد المرضى.

الوضع الصحي داخل مستشفى المناقل، وصل إلى نقطة التلاشي، لكن جهود أهلية لاحت في الأفق لترميم المباني المتهالكة وتأهيل العناية المكثفة والعنابر واستجلاب أجهزة طبية جديدة.

وعند وقوفه على الأوضاع الصحية داخل مستشفى المناقل، تعهد وزير الصحة بولاية الجزيرة د. أسامة عبد الرحمن، بحل مشكلة المياه جذريًا بحفر بئر للمياه وتوفير الخزانات، ومعالجة مشكلة الصرف الصحي.

وفي تصريحات إعلامية رصدتها “أفق جديد”، أعلن الوزير توفير 150 مرتبة، وعربة لإصحاح البيئة.

وقال المدير العام لمستشفى المناقل التعليمي د. معاوية فضل المولى، إن المستشفى يشهد حاليًا استقرارًا كبيرًا، ويقدم كافة الخدمات الصحية والعلاجية في أقسام الجراحة العامة والعظام والباطنية والمسالك البولية.

وأشار فضل المولى في حديثه لـ”أفق جديد”، إلى البدء في بناء وتشييد أقسام النساء والتوليد التي توقفت لفترات طويلة لتعود وتقدم خدمات متكاملة في المستقبل القريب.

ونبه إلى استكمال العمل بقسم المناظير والجهاز الهضمي والكبد ومركز أبحاث البلهارسيا الذي يعتبر أكبر مركز أبحاث على مستوى السودان، إضافة لمحطة الأكسجين التي تنتج حوالي 4 آلاف طن في اليوم لتغطي حاجة المستشفيات على مستوى الولاية والولايات المجاورة.

وأوضح فضل المولى، أن قسم الطوارئ والحوادث يحتاج إلى تأهيل بسبب زيادة السعة، والأمر يتطلب إنشاء مجمع عيادات محولة لحل المشكلة.

لافتًا إلى حاجة المستشفى إلى إضافات جديدة بدخول أخصائيّ المسالك البولية وجراحة العظام والأطفال، خاصة وأن الحرب أثرت على المستشفى خاصة الصرف الصحي وانعدام الأسرة لتنويم المرضى.

وأضاف: “نحتاج إلى حلول جذرية لكل مشاكل المستشفى، خاصة حل مشكلة الإسعاف لاسيما وأن المستشفى يعمل بعربة واحدة”.

من جهته يقول مشرف مبادرة “أسود المناقل” لتأهيل وصيانة مستشفى المناقل، فياض محمود، إن المبادرة نشأت استشعارًا للخطر الداهم والمقيم المتمثل في الصحة العامة داخل المستشفى في تردي واضح للخدمات، ابتداء بالأسرة والإضاءة والتهوية وإعادة ترميم العنابر.

وأوضح محمود في حديثه لـ”أفق جديد”، أن المبادرة الأهلية التطوعية نجحت في إعادة تأهيل وصيانة قسم الباطنية رجال (قسمين) والجراحة رجال (قسمين)، والجراحة نساء (قسمين) وقسم العناية المكثفة والتوليد والمسالك البولية والعظام والحوادث والمستشفى العسكري.

وأشار محمود إلى أن عملية إصحاح البيئة داخل مستشفى المناقل التعليمي شملت رفع مكبات النفايات الطبية المتجذرة، وشراء عدد ألف كيس للنفايات الطبية، خاصة وأن المستشفى ينتج حوالي 2 طن ونصف الطن يوميًا من النفايات الطبية التي تحتاج إلى عربة نقل خاصة للتدخل السريع.

وأكد أن المستشفى يعمل بعربة إسعاف واحدة لتغطية مساحة تمتد من جنوب الخرطوم وحتى الشارع الرابط بين مدينتي ربك وسنار، والمنطقة من مدينة الحوش وحتى النيل الأبيض، والمنطقة من مدينة أبو قوتة حتى ولاية النيل الأبيض جنوبًا، وكل ثقل تلك المناطق يصب في مستشفى المناقل الذي يحتاج إلى أكثر من 6 عربات إسعاف.

ونبه محمود إلى أن مستشفى المناقل يسبح في بركة من الصرف الصحي دون تصريف وعدم وجود “سبتك تنك” وعملية التخمير تكتمل داخل المواسير والمصارف القديمة المتهالكة.

وأكد محمود، أن “ميز” الأطباء يحتاج إلى تأهيل أيضًا من أجل راحة الأطباء والكوادر الطبية، خاصة وأن العائد المادي ضعيف الأمر الذي يتطلب مراعاة المرتبات والحوافز.

وشدد رئيس المبادرة الأهلية، على ضرورة التدريب والدورات التأهيلية للقابلات باعتبارها تلامس المجتمع ولا بد من تطوير الفكرة إلى ورش عمل وسمنارات للتعامل مع النساء الحوامل والمواليد.

كما أكد رئيس المبادرة على ضرورة تأهيل “بنك الدم” الذي يحتاج إلى ثلاث ثلاجات باعتبار أن البنك يعمل حاليًا بثلاجة واحدة لا تكفي الغرض.

وأوضح أن المبادرة نجحت في تأهيل 180 سريرًا، وتوفير 130 مرتبة طبية، وإضاءة كاملة للعنابر، وإعادة طلاء كل الأقسام.
بهرام عبد المنعم- أفق جديد

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا