نيروبي: محمد أمين ياسين
تسارعت التطورات في السودان مؤخراً، عقب الإعلان عن حكومة انتقالية موازية في البلاد، بقيادة قائد «قوات الدعم السريع»، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، عاصمتها نيالا، كبرى مدن إقليم دارفور في غرب البلاد، وهي خطوة عُدت تحولاً كبيراً في مسار الحرب المتواصلة في البلاد منذ ما يزيد عن عامين.
وتسلم حميدتي، مساء السبت الماضي، رسمياً رئاسة المجلس الرئاسي الذي يمثل المرجعية السياسية الأعلى لـ«حكومة تأسيس»، وأدى أمامه أعضاء المجلس الـ15 اليمين الدستورية، أبرزهم رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، عبد العزيز آدم الحلو، نائب رئيس المجلس، والطاهر أبو بكر حجر، والهادي إدريس، وجقود مكوار مرادة، وفارس النور، وحمد محمد حامد.
واعتمد مجلس الرئاسة في أول اجتماع له مساء الأحد، ترأسه حميدتي، تعيين محمد حسن التعايشي، رئيساً لمجلس الوزراء، كما أجاز الاجتماع هيكلة المجلس، والخطط الاستراتيجية لحكومة تحالف «تأسيس» في المرحلة المقبلة.
وكان حميدتي قد صرح عقب إعلانه رئيساً للمجلس بأن أهداف «حكومة تأسيس» هي وقف الحروب، والحفاظ على وحدة التراب السوداني، لكن حديثه لا يُهدئ الهواجس من احتمالات تمزيق السودان إلى دويلات.
من اجتماع نيروبي لتشكيل حكومة موازية بالسودان في 18 فبراير 2025 (أ.ب)
وفي حين لم يصدر أي تعليق من الحكومة السودانية، أو من قيادة الجيش تعقيباً على هذه الخطوة، عزا حاكم إقليم دارفور، مني أركو مناوي، في تدوينة على منصة «إكس» إعلان حكومة «تأسيس» في مدينة نيالا، نتيجة لتقصير الحكومة السودانية في إبطال هذه الخطوة في أوانها، رغم توفر الآليات لذلك.
وفي وقت سابق طالبت الحكومة السودانية كل المنظمات الدولية والحكومات بإدانة خطوة تشكيل الحكومة الموازية، وعدم الاعتراف بها، معتبرة أي تعامل معها تعدياً على السودان، وسيادة أراضيه. ولا يستعبد كثيرون أن استمرار وجود حكومتين، في ظل غياب حل سياسي في الأفق، قد يخلق واقعاً جديداً في السودان، يُعقد فرص التوصل إلى تسوية لوقف الحرب في وقت قريب.
وقال المتحدث الرسمي باسم التحالف المدني (صمود)، جعفر حسن، لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان سلطة موازية في نيالا للحكومة التي يقودها الجيش من مدينة بورتسودان شرق البلاد لن يكسبهما أي شرعية، مضيفاً أن السلام لن يأتي من حكومات تأسست إبان الحرب.
وتابع أن «الحكومتين تسعيان لإضفاء الشرعية على الاقتتال، والاستمرار في الحرب إلى أقصى درجة لتحقيق أهداف خاصة».
وقال حسن: «موقفنا واضح، أن يذهب الطرفان المتحاربان إلى طاولة المفاوضات لوضع حد للحرب، والحفاظ على وحدة السودان، وأراضيه، وشعبه».
ورأى المتحدث باسم تحالف «صمود»، الذي يقوده رئيس الوزراء السابق عبد الله حمدوك، أن النتيجة الحتمية لوجود حكومتين متنازعتين على الشرعية في بورتسودان ونيالا، ستؤدي إلى تفتيت البلاد، وتفتح الباب أمام زيادة التدخلات الخارجية، وبالتالي تحويل السودان إلى ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية والدولية على حساب الشعب السوداني.
حميدتي يشهد تأدية اليمين الدستورية لأعضاء المجلس الرئاسي في 30 أغسطس 2025 (المجلس الرئاسي لـ«تأسيس»)
وتمضي «قوات الدعم السريع» والفصائل المتحالفة معها في إكمال تشكيل هياكل حكومتها الموازية للحكومة التي يقودها الجيش، الذي يتخذ من مدينة بورتسودان مقراً لها، وذلك رغم التحذيرات الإقليمية والدولية التي ترفض انزلاق السودان إلى سيناريو «الحكومتين»، ومخاوف جدية تسيطر على السودانيين من سيناريو تكرار انفصال الجنوب.
وتسيطر «قوات الدعم السريع» على 4 ولايات في دارفور، وتحاصر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال الإقليم، المعقل الأخير للجيش السوداني، كما تحكم سيطرتها على مناطق شاسعة في غرب وشمال كردفان.
وتأسس «تحالف تأسيس» في العاصمة الكينية، نيروبي، يوم 22 فبراير الماضي (شباط)، من «قوات الدعم السريع»، وحركات مسلحة وأحزاب سياسية وقوى مدنية، أبرزها: «الحركة الشعبية لتحرير السودان»، بقيادة عبد العزيز الحلو، الذي تسيطر قواته على مناطق في جنوب كردفان وجبال النوبة، و«الجبهة الثورية» التي تضم عدداً من الحركات المسلحة في دارفور، وأجنحة من حزبي «الأمة» و«الاتحادي الديمقراطي»، بالإضافة إلى شخصيات مستقلة.
الشرق الأوسط