أفادت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة بأن 1000 أسرة فرت من الفاشر، وأشارت المنظمة إلى أن أحياء الوادي وأولاد الريف ومكركا تأثرت بالاشتباكات الدائرة في المدينة، مما أدى إلى نزوح معظم الأسر التي تقطنها إلى مواقع أخرى داخل محلية الفاشر.
لم يمنع هطول الأمطار بغزارة في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور استمرار المعارك الضارية بين الجيش وقوات “الدعم السريع”، إذ دارت مواجهات عنيفة بين الطرفين في أنحاء عدة من المدينة بخاصة المحور الجنوبي استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، فضلاً عن تبادل القصف المدفعي بصورة مكثفة ومتواصلة، وشنت مسيرات الجيش غارات جوية على مواقع “الدعم السريع”، مما أدى إلى توقف توغل الأخيرة وتراجعها عن مناطق سيطرتها في هذا المحور.
ووفقاً لمصادر عسكرية فإن صوت الرصاص لم يتوقف، ووقعت انفجارات قوية في مواقع عدة بخاصة منطقة الفرقة السادسة – مشاة ومحيط المطار والأجزاء الشمالية والشرقية للمدينة نتيجة القصف الجوي والمدفعي العنيف، مشيرة إلى نجاح سلاح الجو التابع للجيش في تنفيذ عملية إسقاط لإمداد قواته في الفاشر شملت مواد غذائية ودوائية، بجانب أسلحة متنوعة بينها طائرات مسيرة، مما يعد دعماً كبيراً لقوات الجيش في ظل وطأة الحصار الذي تفرضه “الدعم السريع” على المدينة منذ مايو (أيار) 2024.
في الأثناء ذكرت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر أن الجيش ممثلاً في الفرقة السادسة – مشاة مسنوداً بقوات الحركات المسلحة خاض معارك عنيفة ضد “الدعم السريع” في المحور الجنوبي لمدينة الفاشر، وتمكن من تحقيق تقدم نوعي واستعادة عدد من المواقع الاستراتيجية المهمة التي كانت تحت سيطرة الأخيرة. وأكدت التنسيقية، في بيان، أن هذا التقدم يأتي في إطار المعركة المتواصلة “لدحر العدوان واستعادة السيطرة الكاملة على الفاشر بإرادة لا تلين وإيمان راسخ بعدالة القضية”.
وأشارت غرفة طوارئ معسكر أبو شوك للنازحين إلى مقتل ثمانية أشخاص وجرح سبعة آخرين جراء قصف مدفعي شنته “الدعم السريع” على المعسكر أمس الأحد. وبحسب مصادر ميدانية، فإن الجرحى يسقطون بصورة شبه يومية إثر احتدام الاشتباكات المتواصلة في المدينة، في وقت ينعدم وجود الأدوية الأساسية والضرورية لإنقاذ الحياة، فضلاً عن تزايد الأوضاع الإنسانية سوءاً بسبب الانعدام شبه التام للغذاء والدواء ومياه الشرب النظيفة، وتعالت نداءات الاستغاثة من أجل إيصال المساعدات الإنسانية بصورة عاجلة إلى آلاف المواطنين المحاصرين في مدينة الفاشر لمنع تحول الوضع إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة وتفادي فقدان جيل كامل من الأطفال والشباب الذين يعيشون تحت الحصار لأكثر من عامين.
إلى ذلك أعلنت “شبكة أطباء السودان” أن سبعة مدنيين قتلوا وأصيب 71 آخرون في قصف مدفعي نفذته “الدعم السريع” مساء السبت بصورة متعمدة على أحياء سكنية في الفاشر، مما يعد جريمة إبادة جماعية بحق السكان تضاف إلى سجل طويل من جرائم هذه القوات ضد الإنسانية. وبينت الشبكة في بيان أن ما يجري في الفاشر يمثل إبادة جماعية مكتملة الأركان تشمل القصف والحصار والتجويع الممنهج لسكان المدينة في تحدٍّ سافر للقوانين الدولية والأعراف الإنسانية، لافتة إلى أن “صمت العالم على هذه الجرائم يشجع قوات الدعم السريع على التمادي في سفك دماء الأبرياء”، وحث البيان السلطات المحلية والمجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لوقف القصف والحصار وفتح ممرات إنسانية آمنة لإدخال الغذاء والدواء وإجلاء المصابين، مؤكداً أن أي تقاعس أو تجاهل يعد بمثابة تواطؤ مباشراً مع القتلة.
في حين أفادت منظمة الهجرة الدولية التابعة للأمم المتحدة بأن 1000 أسرة فرت من الفاشر، لافتة إلى أن فرق التقييم الميداني التابعة لمصفوفة تتبع النزوح قدرت نزوح نحو 1050 أسرة من مدينة الفاشر في الـ29 من أغسطس (آب) الماضي نتيجة تزايد حدة انعدام الأمن. وأشارت المنظمة إلى أن أحياء الوادي وأولاد الريف ومكركا تأثرت بالاشتباكات الدائرة في المدينة، مما أدى إلى نزوح معظم الأسر التي تقطنها إلى مواقع أخرى داخل محلية الفاشر.
وتشهد مدينة الفاشر التي تؤوي مئات آلاف النازحين من مناطق دارفور الأخرى هجمات واشتباكات متواصلة بين الطرفين للأسبوع الثالث على التوالي مع قصف مدفعي مستمر على الأحياء السكنية والأسواق، ما خلق وضعاً إنسانياً بالغ القسوة نتيجة الحصار، إذ انعدمت الإمدادات الغذائية والطبية وانقطعت طرق الإغاثة. وتعد الفاشر آخر عاصمة ولائية في إقليم دارفور لا تزال تحت سيطرة الجيش، في وقت تواجه فيه هجمات متكررة بالقصف المدفعي والجوي منذ اندلاع الحرب في الـ15 من أبريل (نيسان) 2023.
في المحور نفسه استنكر “محامو الطوارئ” في السودان الهجوم الجوي على أحد المستشفيات في مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور، والذي أسفر عن مقتل عشرات المدنيين. وقالوا في بيان إن “مستوصف يشفين تعرض لقصف بطائرة مسيرة تابعة للجيش، مما تسبب في مقتل عشرات المدنيين والكوادر الطبية داخل المرفق، وسقوط أربع نساء في محيطه، فضلاً عن صابة عدد من الأطفال كانوا يتلقون العلاج داخل المستوصف لحظة الاستهداف”. وأشار البيان إلى أن قصف المستشفيات يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وجريمة حرب، إذ تحظر اتفاقيات جنيف استهداف المرافق الطبية أو المساس بحيادها، مؤكداً أن هذه الجريمة تضيف فصلاً جديداً إلى سلسلة الاعتداءات التي طاولت الأعيان المدنية في البلاد. ودعت مجموعة “محامو الطوارئ” الجيش إلى وقف استهداف الأعيان المدنية، ومحاسبة جميع المسؤولين عن تنفيذ هذا الهجوم، واتخاذ التدابير العاجلة لضمان حماية المستشفيات والكوادر الطبية والمرضى.