آخر الأخبار

من حصار الفاشر إلى قصف مليط: ازدواجية الجيش السوداني تفضح استراتيجيته

شارك

إعداد: فريق تحرير الراكوبة

رواية الجيش للعالم

في ظل حرب مستمرة لم تترك شبرًا في البلاد دون أن تلوثه بالدمار، يواصل الجيش السوداني تقديم رواية موحدة للمجتمع الدولي: أنه الطرف الذي يسعى لحماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية. لأسابيع طويلة، ظل قادته يطالبون بفك حصار قوات الدعم السريع عن مدينة الفاشر، مؤكدين أن هدفهم الأسمى هو إدخال الإمدادات للمدنيين المحاصرين.

مليط تكشف التناقض

لكن ما جرى في مليط، شمال دارفور، فضح زيف هذه الادعاءات. ففي الوقت الذي كان فيه الجيش يرفع صوته مطالبًا بالسماح بمرور المساعدات إلى الفاشر، كانت طائراته الحربية تقصف قافلة إنسانية تحمل الغذاء والدواء، فتحوّلت شاحناتها إلى كتل من النار والرماد.
وهذا يكشف بوضوح أن الهدف من “المساعدات” لم يكن إنقاذ المدنيين، بل استخدامها كورقة ضغط تخدم مصالحه العسكرية. فلو كان الجيش حريصًا على وصول الغذاء والدواء، لما قصف قافلة أممية معروفة الوجهة.

الفاشر: غطاء عسكري لا قضية إنسانية

إن التركيز على حصار الفاشر لم يكن بدافع إنساني، بل لأنه يمس قوات الجيش المحاصرة داخل المدينة. بينما في مليط، حيث كانت القافلة تتجه إلى مناطق خارج سيطرته، اختار الجيش قصفها.
بهذا السلوك، أثبت الجيش أن مطالبه بخصوص المساعدات هي مجرد غطاء عسكري، وأنه يستخدم المعاناة الإنسانية كورقة تفاوض ودعاية سياسية.

التجويع: السلاح المشترك

الجيش السوداني، الذي فشل في تحقيق نصر حاسم على الأرض، يدرك أن السيطرة على الغذاء أقوى من أي معركة عسكرية.
قصف قافلة مليط لم يكن هجومًا ضد الدعم السريع، بل رسالة موجهة مباشرة للمدنيين: لن تصلكم المساعدات ما لم تخضعوا لشروطنا.
هذا يضع الجيش في نفس خانة خصومه، ويجعل التجويع سلاحًا مشتركًا يستخدمه الجميع ضد المدنيين العُزّل.

رسالة إلى المجتمع الدولي

لقد راهن الجيش على أن المجتمع الدولي سينخدع بخطابه عن “حماية المدنيين”، لكن مليط أثبتت أن الحقيقة مختلفة تمامًا. فبينما يتحدث عن الإنسانية في الفاشر، يقصف الإغاثة في مليط. وهذه الازدواجية تضع العالم أمام مسؤولية أخلاقية: إما مواجهة الحقيقة أو الاستمرار في التواطؤ مع الأكاذيب.

قصف قافلة مليط الإنسانية لم يكن خطأ عسكريًا، بل قرارًا سياسيًا مدروسًا ينسجم مع استراتيجية الجيش منذ سنوات: التجويع أولاً، والإنكار ثانيًا. وبينما يرفع شعارات “حماية الشعب”، يختار على الأرض أن يجعل من الخبز والدواء أهدافًا للحرب. إنها جريمة حرب مكتملة الأركان، وفضيحة تفضح عقيدة الجيش بعد أن ابتلعته الحركة الإسلامية.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا