قصفت قوات «الدعم السريع»، مستشفى في مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، ليصبح ضمن قائمة مرافق صحية تعرضت لنحو 174 هجوما، أسفرت عن 1171 حالة وفاة، و362 إصابة منذ بداية الحرب في منتصف أبريل/ نيسان 2023.
وأدانت شبكة أطباء السودان أمس الثلاثاء، القصف المباشر الذي تعرض له المستشفى الجنوبي في الفاشر، والذي أدى إلى تدمير قسم الحوادث والإصابات، وإخراجه عن الخدمة بالكامل.
وأكدت أن هذا «الاعتداء ليس حادثة فردية، بل يأتي ضمن سلسلة من الهجمات المتكررة التي استهدفت المنشآت الصحية والطبية في المدينة، ما يشكل وفقاً للشبكة «جريمة حرب مكتملة الأركان».
ووصفت الشبكة هذا الاستهداف بأنه «انتهاك صارخ لكل الأعراف والقوانين الدولية والإنسانية».
وحذرت من أن «الاستمرار في هذه الممارسات سيؤدي إلى حكم بالإعدام الجماعي على آلاف المرضى والجرحى من المدنيين العزل».
كما طالبت الشبكة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية بإدانة استهداف المستشفيات والمدنيين في الفاشر، والضغط على قيادات الدعم السريع لوقف هذه الانتهاكات.
كما شددت على ضرورة إدراج الاعتداءات على المرافق الطبية ضمن قائمة الجرائم التي تستوجب الملاحقة والمساءلة الدولية.
وأشارت إلى خروج المرفق الصحي عن الخدمة في وقت تعيش المدينة أوضاعًا إنسانية وصحية كارثية في ظل تصاعد العنف، وانعدام شبه تام للمعينات الطبية، واستهداف ممنهج للمنشآت الصحية.
وأطلقت نداءً عاجلاحذرت فيه من تدهور غير مسبوق في الوضع الصحي في مدينة الفاشر، نتيجة الانعدام الكامل للأدوية الأساسية والمنقذة للحياة.
وأوضحت أن المستشفيات العاملة خرجت عن الخدمة تمامًا، مع عجز الكوادر الطبية عن تلبية الاحتياجات المتزايدة للمرضى والمصابين.
وحملت الشبكة قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن انهيار النظام الصحي في المدينة، مشيرة إلى أن الحصار الذي تفرضه هذه القوات أعاق دخول الإمدادات الطبية، وأسفر عن وقوع العديد من الوفيات، خاصة بين المرضى المزمنين والجرحى الذين لم يتلقوا الرعاية المناسبة.
174 هجوماً على المرافق الصحية منذ اندلاع الحرب
وطالبت بتدخل فوري من المنظمات الإنسانية الدولية والإقليمية لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية الضرورية، وفتح ممرات إنسانية آمنة لإيصال الدعم الطبي دون عراقيل. كما ناشدت بضرورة دعم الكوادر الطبية العاملة تحت ظروف توصف بـ«القاسية للغاية»، في ظل نقص حاد في الإمكانيات والخدمات.
بالتزامن، قالت منظمة الصحة العالمية إن المرافق الصحية في السودان تعرضت لنحو 174 هجوما، أسفرت عن 1171 حالة وفاة، و362 إصابة منذ بداية الحرب في السودان في منتصف أبريل/ نيسان 2023. فيما تعرضت المستشفيات العاملة في البلاد إلى 38 هجوما خلفت 933 حالة وفاة و148 إصابة خلال العام الجاري.
يأتي ذلك في وقت يتزايد فيه القلق من تفشي المجاعة وسوء التغذية، وسط حصار خانق تفرضه قوات الدعم السريع، ما يهدد حياة عشرات الآلاف من المدنيين، خاصة المرضى والنازحين. وحذرت المنظمة الدولية من أن المجاعة التي كانت قد رصدت في وقت سابق في معسكر زمزم للنازحين، قد بدأت تمتد إلى مناطق واسعة من مدينة الفاشر، نتيجة لانقطاع الدعم الإنساني وتوقف المطابخ الجماعية.
وأكدت تنسيقية لجان المقاومة في الفاشر، في بيان صادر عن مطبخ حي الزيادية، أن معظم المطابخ التي كانت تقدم وجبات العلف «الأمباز» قد توقفت تمامًا عن العمل بسبب انعدام الدعم. وأضافت أن استمرار القصف على أحياء المدينة والمطابخ المجتمعية أدى إلى تفاقم الجوع، في ظل انهيار الأسواق المحلية وتدمير البنية التحتية.
وأشارت إلى أن المواطنين يواجهون الجوع اليومي، مع فقدان شبه كامل للحاجات الأساسية، من غذاء ودواء ومأوى. ورغم ذلك فإن العاملين في هذه المطابخ ما زالوا يواصلون العمل تحت القصف «لأن الجوع لا ينتظر»، حسب تعبيرهم.
وفي خضم هذه الأزمة المتصاعدة، دعت الأمم المتحدة إلى إعلان هدنة إنسانية عاجلة في الفاشر، تسمح بإيصال الإمدادات الغذائية والطبية إلى المدنيين المحاصرين.
واعتبرت المنظمة أن الأوضاع في المدينة وصلت إلى مستوى «الكارثة»، مع تفشي المجاعة وتزايد حالات الوفاة الناتجة عن سوء التغذية والافتقار للرعاية الصحية.
وأشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن الهجوم العنيف الأخير الذي شنته قوات الدعم السريع على مدينة الفاشر ومعسكرات النازحين المحيطة، أدى إلى سقوط عشرات القتلى والجرحى، ما زاد من تفاقم الوضع الإنساني.
وبينما تستمر المعاناة الإنسانية في التفاقم، يبدو أن مدينة الفاشر تقف على حافة كارثة شاملة، في ظل استمرار الحصار، وتصاعد المعارك، وانعدام مقومات الحياة، حيث يظل آلاف المدنيين يواجهون مصيرًا مجهولًا، يتأرجح بين الجوع والمرض والموت تحت القصف.
عسكريا، أفادت مصادر بتنفيذ سلاح الجو التابع للجيش السوداني، سلسلة من الطلعات الجوية استهدفت مواقع تابعة لقوات «الدعم السريع» في عدد من ولايات كردفان، بالتزامن مع التحركات الجارية في العاصمة.
وأوضحت المصادر أن الهجمات الجوية تركزت على مناطق محيط مدينة بارا ومدينة الأبيض، إضافة إلى النهود في شمال كردفان، كما شملت العمليات العسكرية مناطق الخوي وأبو زبد والفولة في ولاية غرب كردفان.