آخر الأخبار

“الكوليرا في الفاشر”.. كارثة من نوعٍ آخر تفتك بالمواطنين

شارك

دارفور – مبارك علي

في أحد محليات مدينة الفاشر، وتحديدًا الطويلة، جلس عبد الحافظ آدم محاولًا إنقاذ والدته المصابة بالكوليرا باستخدام عشب بلدي. يقول بصوت واهن لـ(الغد السوداني): “حفيت قدماي بحثًا عن أي علاج يوقف الإسهال المستمر، لكن المراكز الصحية بالفاشر خالية من الأدوية والعلاج.”

الكوليرا لم تُعفِ صغيرًا ولا كبيرًا، والوضع الصحي في المدينة ينذر بكارثة بشرية. مثلث الرعب ـ الجوع والمرض والخوف ـ يطوّق إنسان الفاشر ليلًا ونهارًا، نتيجة للحصار الجائر الذي فرضته قوات الدعم السريع على المدينة.

ويضيف عبد الحافظ بحزن: “الفاشر تفتقر إلى أبسط الخدمات الصحية، المرضى يفترشون الأرض في انتظار رحمة الله، بعد أن أصبحت المدينة خالية من كل شيء؛ لا غذاء ولا دواء. الحصار فاقم انتشار الوباء، ومنع دخول المحاليل الوريدية التي تُعد أساسية لعلاج الكوليرا.”

أزمة جديدة

أعلنت منظمة أطباء بلا حدود تسجيل (40) وفاة بالكوليرا في السودان خلال أسبوع واحد، مؤكدة أن البلاد تشهد أسوأ انتشار للمرض منذ سنوات، بفعل الحرب الدائرة.
وقالت المنظمة إن فرقها عالجت أكثر من (2300) مريض بالكوليرا في إقليم دارفور وحده، بمراكز تديرها وزارة الصحة. وأضافت أن المواطنين يواجهون وباءً جديدًا يضاف إلى معاناتهم الممتدة منذ أكثر من عامين.

في معسكر أبو شوك للنازحين، تقول “أم أحمد” وهي تمسح دموعها: “فقدت ابني قبل أسبوعين بسبب الكوليرا، لم نجد العلاج ولا الإسعاف، وعندما وصلنا أقرب وحدة علاجية كان الأطباء مرهقين بكثرة الحالات، والدواء شحيح.”
وتضيف: “نشرب من بئر مشتركة رغم تلوثها، لانعدام البدائل. يوميًا نسمع عن إصابات ووفيات جديدة.”

افتقار للبنية التحتية

طبيب بمستشفى الفاشر التعليمي ـ فضّل حجب اسمه ـ يقول لـ(الغد السوداني): “نستقبل يوميًا عشرات الحالات، أغلبهم أطفال ونساء. التحدي الأكبر هو نقص المحاليل الوريدية وضعف الكادر الطبي.”
ويتابع بحسرة: “الكوليرا باتت بعبعًا مخيفًا، فالمياه غير آمنة، ولا توجد توعية أو كلور للتعقيم، ما ساهم في انتشار المرض.”

وأضاف: “الحصار دمّر الخدمات الصحية. المستشفيات الكبرى التي كانت ملاذًا للمرضى داخل وخارج الولاية انهارت كليًا، ولم تعد هناك أجهزة أو أدوية أو أسرّة.”
ونبّه إلى أن بيئة دارفور باتت خصبة لانتشار الكوليرا، محذرًا من أن الأعداد في تصاعد مستمر.

إحصائيات مفزعة

أفادت تنسيقية النازحين بدارفور أن العدد التراكمي للإصابات بلغ (4175) حالة، بينها (73) وفاة، فيما سُجلت (77) إصابة جديدة يوم الجمعة الماضي فقط.
وأضافت أن الوباء يتفشى بمعدلات مقلقة في مخيمات طويلة، جبل مرة، نيالا، زالنجي، وشعيرية. كما بلغت الحالات في طُبرة (114) إصابة، وفي قولو بجبل مرة (962) إصابة و(51) وفاة، بينما وصلت في معسكر كلمة إلى (435) إصابة و(45) وفاة.

وأشارت التنسيقية إلى أن الوباء ينتشر بمعدلات غير مسبوقة، وأن جهود المنظمات الإنسانية والمتطوعين لا تكفي لمواجهة التحديات المتمثلة في تزايد الإصابات ونقص الإمدادات.

من جانبها، أكدت وزارة الصحة في إقليم دارفور أن حصيلة الوفيات تجاوزت (400) حالة، فيما فاق عدد المصابين (6000) منذ بداية التفشي قبل أشهر، محذرة من استمرار التصاعد دون تدخل عاجل.

تحذيرات دولية

قالت ماتيلدا فو، مديرة الحملات في المجلس النرويجي للاجئين بالسودان، إن الفرق الإغاثية تواجه صعوبة كبيرة في التعامل مع العدد المتزايد من المصابين، خاصة في مخيم طويلة. وأوضحت أن وتيرة الإصابات تتسارع بشكل خطير، لا سيما في المناطق الحدودية بين السودان وتشاد.

الغد السوداني

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا