دعا رئيس مجلس الوزراء السوداني، كامل إدريس، الاتحاد الأفريقي إلى إعادة عضوية السودان كـ»حق مكتسب»، مؤكداً أن بلاده استوفت كافة الشروط المطلوبة لرفع التعليق، بما في ذلك تعيين رئيس وزراء مدني وتشكيل حكومة من كفاءات وطنية مستقلة.
ضرورة ملحة
جاءت هذه الدعوة خلال لقاء جمعه أمس في مدينة بورتسودان مع الممثل الخاص لرئيس مفوضية الاتحاد الافريقي ورئيس مكتب الاتصال التابع للاتحاد في السودان، السفير محمد بلعيش.
وأوضح إدريس أن السودان قد اضطلع منذ عقود بدور مركزي في العمل الأفريقي المشترك، حتى قبل تأسيس الاتحاد، مما يجعل من عودته إلى مقعده الطبيعي داخل المنظمة القارية ضرورة ملحة.
وأضاف أن الحكومة الجديدة، التي يترأسها، على أتم الاستعداد للتعاون مع الاتحاد في كافة الملفات التي تخدم مصالح القارة، شريطة احترام سيادة السودان وكرامة شعبه، مشدداً على أن ذلك «خط أحمر» لا يمكن تجاوزه.
وفيما يخص الأوضاع الداخلية، أكد على أهمية أن يكون أي حوار سياسي «سوداني – سوداني» يعقد داخل البلاد، مشيراً إلى استعداد حكومته لتهيئة المناخ الملائم لإنجاح أي مبادرة للحوار الوطني.
فيما أكد بلعيش دعم الاتحاد الأفريقي الكامل لعودة السودان إلى موقعه الطبيعي في المنظمة، مشيراً إلى أن هناك اجتماعاً مرتقباً لمجلس السلم والأمن الأفريقي في الرابع من أغسطس/ آب المقبل لبحث ملف السودان.
ولفت إلى دعم الاتحاد المؤسسات الشرعية في البلاد، ومساندته لجهود إعادة إعمار ما دمرته الحرب، إلى جانب تسهيل العودة الطوعية للنازحين واللاجئين.
وفي أعقاب الانقلاب العسكري على الحكومة الانتقالية في أكتوبر/ تشرين الأول2021، علق الاتحاد الأفريقي عضوية السودان إلى حين استعادة الحكم المدني في البلاد.
في سياق متصل، توالت ردود الأفعال السياسية والدبلوماسية بشأن إعلان تحالف «تأسيس» التابع لقوات الدعم السريع عن تشكيل حكومة موازية للحكومة السودانية الحالية.
فقد أدان مجلس السلم والأمن الأفريقي في اجتماعه رقم (1992) بشدة تشكيل هذه الحكومة، معتبراً أنها تهدد وحدة البلاد واستقرارها.
وأكد على رفض أي محاولة لزعزعة سيادة السودان وسلامة أراضيه، داعياً الدول الأعضاء في الاتحاد الأفريقي والمجتمع الدولي إلى عدم الاعتراف أو تقديم أي دعم للحكومة الموازية التي أعلن عنها قائد قوات «الدعم السريع» محمد حمدان دقلو «حميدتي» من مدينة نيالا، عاصمة ولاية جنوب دارفور.
وأشار البيان إلى أن السلطة الشرعية الوحيدة في السودان هي مجلس السيادة الانتقالي والحكومة التي تشكلت مؤخراً، مجدداً الدعوة إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار، والدخول في مفاوضات جادة تفضي إلى حوار وطني شامل.
كما أدان التدخلات الخارجية التي قال إنها «تؤجج الصراع»، مطالباً بوقف كل أشكال الدعم العسكري والمالي للأطراف المتنازعة، ومؤكداً استمراره في الانخراط النشط لمعالجة الأزمة السودانية.
داخلياً، أعربت قوى سياسية سودانية بارزة عن قلقها الشديد من تداعيات هذا التطور.
ووصف الحزب الشيوعي السوداني خطوة تشكيل الحكومة الموازية بأنها «نتاج لانقلاب عسكري غير شرعي» وقع في 25 أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وأدى إلى ما وصفها بـ»الحرب اللعينة» التي دمرت البنية الاجتماعية والاقتصادية في البلاد وتسببت في مقتل وتشريد الآلاف. وقال إن وجود حكومتين في البلاد يهدد وحدة السودان بشكل مباشر، مضيفاً أن هذا السيناريو يعيد إلى الأذهان تجربة اتفاقية نيفاشا التي أدت إلى انفصال جنوب السودان. كما حذر من أن بند «تقرير المصير» الوارد في دستور تحالف «تأسيس» قد يفتح الباب لتفكيك السودان، خاصة مع اشتداد التدخلات الإقليمية والدولية التي تعمل، حسب تعبير الحزب، على «نهب موارد السودان» عبر دعم أطراف النزاع.
ودعا إلى «إسقاط الحكومتين غير الشرعيتين» وقيام تحالف جماهيري واسع لاسترداد الثورة وتحقيق الحكم المدني الديمقراطي، وإنهاء دور العسكر والدعم السريع والمليشيات في الحياة السياسية والاقتصادية، إلى جانب تفكيك منظومة التمكين وإعادة ممتلكات الشعب المنهوبة، وعدم الإفلات من العقاب.
تحذير من «الصوملة
فيما أصدر التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة «صمود» بياناً حذر فيه من أن السودان بات يدخل «منزلقاً وجودياً هو الأخطر في تاريخه»، مشيراً إلى أن الحرب المندلعة منذ 15 أبريل/ نيسان 2023، والتي رفضها التحالف منذ بداياتها، قد وصلت إلى مرحلة خطيرة بوجود «سلطتين متنازعتين» .
وأكد أن لا شرعية لأي سلطة منذ انقلاب أكتوبر/ تشرين الأول 2021، وأن الأولوية يجب أن تكون لوقف الحرب ومعالجة الكارثة الإنسانية، وليس لتشكيل حكومات تعمق الانقسام. وقال إن مشروع تفتيت السودان هو مشروع قديم، غذاه نظام «الحركة الإسلامية»، وقاد إلى تقسيم البلاد وإبادة جماعية في دارفور، وإن استمرار الحرب سيقود إلى فوضى تهدد ليس فقط السودان، بل منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر بأكملها.
في ظل هذه المعطيات المتشابكة، أكد تحالف «صمود» على أهمية تنظيم أوسع جبهة مدنية ديمقراطية مناهضة للحرب، واستنهاض الشارع السوداني للضغط من أجل وقف القتال فوراً، والدفع نحو تسوية سياسية تعالج جذور الأزمة، بعيداً عن أي صفقات تعيد إنتاج الأنظمة الاستبدادية أو تقود إلى تجزئة البلاد.