آخر الأخبار

شارع الصحف» في الخرطوم يرزح تحت الركام

شارك

الخرطوم: وجدان طلحة

رغم توقف العمليات العسكرية في العاصمة السودانية الخرطوم، فإن الحياة لم تعد إلى طبيعتها، لا سيما في قطاع الصحافة، ولم تستأنف الصحف الورقية الطباعة، بعد أن كانت قد توقفت عن الصدور، منذ اندلاع الرصاصة الأولى من الحرب بين الجيش و«قوات الدعم السريع» منتصف أبريل (نيسان) 2023.

تقع معظم مقار دور الصحف الورقية السودانية وسط الخرطوم القديمة (تتجمع معظمها في شارع يطلق عليه عرفاً بشارع الجرائد)، ويقع بين شارعي علي عبد الله غرباً، وشارع المك نمر غرباً، وهي منطقة استراتيجية تقع بالقرب من القيادة العامة للجيش، والقصر الجمهوري، لذلك فهي تعد من المناطق الأكثر تضرراً من المعارك الطاحنة التي دارت هناك لأشهر طويلة.

مدخل جريدة «السوداني» إحدى كبرى الصحف المستقلة وقد يبست الأشجار على جانبيه (الشرق الأوسط)

تعرضت بعض المباني في المنطقة لدمار كبير، وأخرى لحقت بها أضرار جسيمة، وما تبقى منها تحيط بها تلال من الركام والنفايات، والعربات القتالية المحترقة، ما يؤكد للناظر أن المنطقة كانت ساحة معارك ضارية.

مواقع للتمركز

تقول مصادر ميدانية إن «قوات الدعم السريع» استخدمت بعض مباني الصحف مواقع تمركز وسكن، وتركت خلفها متاريس ترابية، وبقايا سيارات محطمة لا تزال آثارها ماثلة حتى الآن.

«شارع الصحف» وسط الخرطوم، هو المركز الرئيس لمقرات ودور الصحف الورقية، إلى جانب العشرات من المؤسسات الإعلامية، وأخذ اسمه منها، لذلك كان يمثل ملتقى للصحافيين والنشطاء والقراء، وفيه كُتبت تحقيقات نالت جوائز، وطرحت مبادرات إنسانية ومهنية أسهمت في تطوير العمل الإعلامي في البلاد. لكن الشارع الآن خاوٍ على عروشه تماماً، وحتى الأشجار التي اعتاد الصحافيون الجلوس تحت ظلها، واحتساء أكواب القهوة، وتبادل «النميمة الصحافية» جفت، وتحولت إلى هياكل يابسة، يُتوقع اقتلاعها قريباً، بعد أن فقدت ظلها، وثمرها.

مقر صحيفة «الشرق الأوسط»… بقيت اللافتة فقط تحكي عما كان وحدث (الشرق الأوسط)

يمكن الوصول إلى مقار ودور الصحف عبر شارع المك نمر، وهو أقرب طريق إلى شارع الجرائد، لكن الطريق وعلى نظافة وسطه، فإن المياه الراكدة والنفايات تجعل المسير عبره «محفوفاً» بالمخاطر الصحية. وحين تدخل الشارع، تجد بعض أبواب دور الصحف مفتوحة على مصراعيها، وحين تلج إلى داخلها، تظهر لك آثار الدمار بوضوح: «حوائط مخترقة بالرصاص، صالات تحرير محروقة، وأوراق متناثرة غطى التراب لونها الأبيض، إلى جانب بقايا أثاث خشبي محطم»، وساحات نمت عليها الأعشاب البرية الجافة، وربما تخبئ المكاتب ما هو أكثر فداحة.

ورغم حجم الدمار الكبير في الدور، لا تزال بعض لافتات الصحف معلقة في أمكنتها، فلافتة صحيفة «السوداني» و«أخبار اليوم»، وكذلك «الشرق الأوسط» التي كانت تطبع في الخرطوم قبل الحرب، ما زالت على حالها، لم تمسسها قذائف أو رصاصات طائشة، بينما تمزقت لافتات أخرى بفعل الحرب، والإهمال.

صحافيون ضحايا

ووفقاً لنقابة الصحافيين السودانيين، الممثل الشرعي لهم، فإن عامي الحرب شهدا مقتل 31 صحافياً وإعلامياً، بعضهم بعمليات اغتيال ممنهجة، أو نتيجة تعرضهم للقصف العشوائي الذي أصابهم مباشرة. وذكرت النقابة في بيانات سابقة أن 239 صحافياً وصحافية تعرضوا للاعتقال والاحتجاز، بينما تعرض العشرات للضرب والملاحقة والتهديد، ليصل عدد الذين تعرضوا لانتهاكات موثقة إلى 556 صحافياً.

من تحرك احتجاجي سابق للصحافيين السودانيين (مواقع التواصل)

وفقاً للنقابة، فإن أكثر من 500 صحافي وصحافية لجأوا إلى خارج البلاد منذ اندلاع الحرب، ويواجهون تحديات قانونية، وضغوطاً معيشية متعددة.

وتؤكد نقابة الصحافيين أن الحرب تسببت في انهيار شبه كامل ببيئة العمل الصحافي، وبات أكثر من ألف صحافي خارج دائرة العمل، خاصة في القطاع المستقل، أما من يعملون في المؤسسات الإعلامية الرسمية، فإن بعضهم يتقاضون رواتب جزئية، أو أُحيلوا إلى التقاعد القسري دون تسوية لحقوقهم.

الشرق الأوسط

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا