آخر الأخبار

هل ينجح اجتماع "الرباعية" في واشنطن بوقف نزيف السودان؟

شارك
أرشيفية.. آثار الدمار جرّاء الحرب في الخرطوم

يترقب السودانيون باهتمام مشوب بالحذر ما يمكن أن تخرج عنه اجتماعات واشنطن التي تشارك فيها المجموعة الرباعية المكونة من الولايات المتحدة والإمارات والسعودية ومصر، والتي يتوقع انعقادها نهاية يوليو.

وتاتي اجتماعات واشنطن في ظل انقسامات كبيرة ووجود سلطتين إحداهما بقيادة الجيش في بورتسودان والأخرى بقيادة الدعم السريع أعلن عنها السبت في نيالا بإقليم دارفور، وسط تصاعد مستمر في الأزمة الأمنية والإنسانية والاقتصادية بسبب الحرب المستمرة في البلاد منذ منتصف أبريل 2023 والتي أدت إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم وسط خسائر بشرية واقتصادية هائلة.

وبعد فشل 10 محاولات إقليمية ودولية بدأت خلال الأسابيع الأولى من اندلاع القتال، حدد مراقبون 6 شروط لإنجاح جهود اجتماعات واشنطن، قاموا بتلخيصها في ضرورة تحديد الجهات التي تعرقل الوصول إلى السلام ومحاسبتها وإنهاء حالة التضارب الإقليمي الحالية، ورسم أهداف واضحة والتأسيس لخارطة طريق متماسكة لوقف إطلاق النار ومن ثم الانخراط في عملية سياسية جادة، ووضع آليات صارمة للتنفيذ.

وطالب "تجمع الدبلوماسيين السودانيين" الذي يضم سفراء ودبلوماسيين بارزين، من بينهم وزير الخارجية الأسبق إبراهيم طه أيوب، أعضاء الرباعية بالتوافق على إجراءات وخطوات تشمل، الوقف الفوري لإطلاق النار الشامل والمستدام، تحت آلية رقابة وتحقق وطنية وإقليمية ودولية.

كما طالب التجمع بإبعاد الجيش وقوات الدعم السريع وأي تكوينات عسكرية أخرى نهائيا عن السلطة وحظر المؤتمر الوطني - الجناح السياسي لتنظيم الإخوان - وعضويته من العودة لممارسة السياسة.

ودعا التجمع إلى تفعيل وإنفاذ القوانين والعدالة الانتقالية لمحاسبة المسؤولين عن انقلاب أكتوبر 2025 والمتورطين في الحرب الحالية والجرائم التي ارتكبت خلالها.

موقف مرتبك

تتضارب مواقف الأطراف السودانية بشأن اجتماعات الرباعية، ففي حين أكدت الولايات المتحدة على لسان خارجيتها أن المرحلة الحالية من المشاورات لن يتم فيها إشراك طرفي القتال أو أيا من القوى المدنية، ظلت هنالك تباينات واضحة بين مختلف الأطراف السودانية حول الجهود الدولية.

وبالنسبة لطرفي القتال، الجيش وقوات الدعم السريع، لم يصدر حتى الآن بيان واضح حول الموقف من تلك الجهود.

ومنذ بدء الجهود الدولية والإقليمية، اتهمت أطراف من بينها المبعوث الأميركي السابق توم بيريلو، تنظيم الإخوان بالسيطرة على قرار الجيش وعرقلة أي جهود دولية أو إقليمية سعت لوقف الحرب.

أما بالنسبة للقوى المدنية التي تشهد انقسامات كبيرة أيضا، فقد قدم تحالف القوى المدنية " صمود" بقيادة رئيس الوزراء السابق عبدالله حمدوك والذي يضم أكثر من 100 كيان سياسي ومهني وأهلي، مقترحات عملية من خلال خطابات بعث بها الأسبوع الماضي للدول الأربع المشاركة في اجتماعات واشنطن.

لكن في الجانب الآخر بدا موقف لكتلة الديمقراطية التي تضم عددا من الكيانات المسلحة والمدنية المتحالفة مع الجيش، مختلفا حيث طالبت باعتماد "إعلان جدة" الموقع في العام 2023 ليكون مرجعية في أي اتفاق يتعلق بإنهاء الحرب، وهو ما أثار عاصفة من الانتقادات تجاهها باعتبار أن أطراف فيها عارضت في وقت سابق "اتفاق جدة" نفسه.

ومن جانبه، أكد تحالف "صمود"، انخراطه المستمر في تهيئة المناخ المناسب لحل الأزمة، التي قال إنه يبدأ بالوصول لخارطة طريق واضحة لوقف إطلاق النار ومن ثم معالجة الأزمة الإنسانية المستفحلة قبل الدخول في قضايا الحل السياسي.

وأوضح المتحدث باسم التحالف بكري الجاك لموقع "سكاي نيوز عربية" أن التحالف شرع في عقد سلسلة من الاجتماعات مع عدد من القوى السياسية بهدف بلورة رؤية سياسية مشتركة لمواجهة تحديات المرحلة الراهنة.

وتطرح "صمود" رؤية تقوم على وقف إطلاق النار وتنفيذ ترتيبات أمنية تشمل بناء وتأسيس المنظومة الأمنية والعسكرية، وجمع السلاح في يد الدولة وفرض سيادة حكم القانون، والدخول في عملية استجابة إنسانية شاملة عبر إيصال المساعدات وتنظيم العودة الطوعية والآمنة للنازحين واللاجئين.

وتتضمن رؤية "صمود" أيضا إطلاق عملية عدالة انتقالية تشمل تفكيك نظام الإخوان وإجراء مصالحة وطنية تضمن كشف الحقائق ومحاسبة الجناة وعدم الإفلات من العقاب.

وفي الجانب السياسي، تركز رؤية "صمود" على تهيئة المناخ لحوار وطني جاد، وصياغة دستور دائم لبناء دولة مدنية ديمقراطية، والإعداد لانتخابات حرة ونزيهة من خلال إنشاء مفوضية مستقلة، بعد فترة انتقالية 5 سنوات.

الوصفة الناجحة

تتزايد المخاوف من أن تواجه أي مخرجات لاجتماعات واشنطن ذات الفشل الذي واجهته المحاولات الدولية والإقليمية السابقة التي سعت لوقف الحرب منذ اندلاعها قبل نحو 27 شهرا.

وفي هذا السياق، لفت الصحفي عثمان فضل الله إلى أن اجتماعات واشنطن المرتقبة تأتي كمحاولة جديدة لكسر الجمود الذي لازم جهود وقف الحرب.

وبيّن فضل الله لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "المطلوب من هذا الاجتماع ليس مجرد تبادل المواقف، بل التوصل إلى مقاربة موحدة تضع حدا للتضارب الإقليمي والدولي، وتؤسس لخارطة طريق متماسكة لوقف إطلاق النار والانخراط في عملية سياسية جادة".

ويربط فضل الله بين إمكانية نجاح هذا المسار والاعتراف بأن الحل العسكري بات مكلفا ولا أفق له، والضغط المنسق على طرفي النزاع لإجبارهما على تقديم تنازلات.

وتابع قائلا إن "الأهم من ذلك أن يخرج الاجتماع من إطار التشاور الدبلوماسي التقليدي إلى مربع الفعل السياسي، عبر التلويح بعقوبات، أو تقديم ضمانات، أو حتى تفعيل أدوات الردع الدبلوماسي والاقتصادي".

وأكد فضل الله على أن تفادي الفشل الذي صاحب أكثر من 10 جولات سابقة، يقتضي تغييرا في المنهج من خلال "التحدث مع القوى الإقليمية بلغة المصالح لا العبارات الأخلاقية المجردة، وإشراك القوى الحقيقية التي تمثل المزاج الشعبي والمجتمعي".

وينبه فضل الله إلى أن الوصول لأي تسوية دون إطار ملزم للرقابة والمحاسبة ستظل حبرا على ورق، موضحا "ينبغي أن تتضمن أي تفاهمات آليات تنفيذ وأهداف واضحة، وجداول زمنية، ومسارات للمساءلة".

تعقيدات كبيرة

تتزامن اجتماعات واشنطن مع تعقيدات كبيرة تشهدها الأزمة السودانية، في ظل اضطراب أمني مريع في عدد من مدن البلاد ومخاوف من أن تؤدي الأوضاع الميدانية الحالية إلى انقسام جديد بعد أن فقد السودان ثلث مساحته في أعقاب حرب الجنوب التي استمرت حتى 2005 وانتهت بانفصال جنوب السودان رسميا في العام 2011.

وفي حين يسيطر الجيش على العاصمة الخرطوم ومناطق شرق وشمال ووسط البلاد، تسيطر قوات الدعم السريع على كامل إقليم دارفور - عدا مدينة الفاشر وأجزاء كبيرة من اقليم كردفان- وهما يشكلان أكثر من 45 في المئة من مساحة السودان الحالية البالغة نحو 1.8 مليون كيلومتر مربع حيث تبلغ مساحتهما مجتمعة نحو 870 ألف كيلومتر مربع.

ويربط الكاتب إبراهيم برسي بين الفهم الصحيح لطبيعة الأزمة السودانية والطريق إلى حلها، حيث قال لموقع "سكاي نيوز عربية" إن "ما يحيط بالأزمة السودانية ليس تعقيدا سياسيا عابرا، بل "تجلٍّ لفشل تاريخي في بناء دولة تتجاوز ثنائية العسكر والمدنية الهشة".

وأشار إلى أن "الحرب التي أشعلها تنظيم الإخوان ليست انفجارا طارئا، بل نتيجة لمشكلات بنيوية متراكمة، أدت إلى عسكرة ممنهجة للوعي الجمعي".

ولفت برسي إلى أن "تعثّر الجهود الدولية لا يُفسَّر بضعف الإرادة وحده بل بفقر مفجع في تخيّل الممكن، إذ لا يزال السودان يُرى كرقعة نزاع لا كأفق تحوّلي".

واختتم برسي تصريحاته قائلا إن طريق الحل لا يبدأ من "هدنة فوق الدم"، بل من سردية جديدة تُبنى على العدالة الاجتماعية.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا