آخر الأخبار

التوازنات تطيح بحكومة الكفاءات المنشودة في السودان

شارك

نسفت التعيينات الوزارية الجديدة التعهدات التي قطعها رئيس الوزراء السوداني المكلف كامل إدريس، بتشكيل حكومة “كفاءات مدنية”، حيث توزعت التعيينات على الحركات المسلحة، كما شملت حزب المؤتمر الوطني المنحل. وأصدر رئيس الوزراء السوداني فجر الجمعة قرارا بتعين خمسة وزراء بـ”حكومة الأمل”، ليرتفع عدد الوزراء المعينين حتى الآن إلى عشرة.

وبموجب التعيينات الجديدة احتفظ جبريل إبراهيم، الذي يتزعم حركة العدل والمساواة، بحقيبة المالية التي شغلها في العام 2020 بعد توقيع اتفاق السلام، كذلك الحال بالنسبة لمحمد كرتكيلا، القيادي في الحركة الشعبية ــ شمال بقيادة مالك عقار، الذي احتفظ بحقيبة الحكم الاتحادي والتنمية الريفية. كما تم تعيين الجنرال بشير هارون عبدالكريم عبدالله وزيرا للشؤون الدينية والأوقاف، وهو قائد حركة جيش تحرير السودان.

ويرى مراقبون أن رئيس الوزراء المكلف ومن خلفه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان استسلما بالواضح لضغوط الحركات المسلحة في الحفاظ على حصتها من التشكيل الحكومي. ويشير المراقبون إلى أن الحركات المسلحة كانت لوحت في العلن وخلف الكواليس بإمكانية فك التحالف مع الجيش، في حال لم تتم مراعاة حضورها في الحكومة الجديدة.

ويقول المراقبون إن التعيينات الجديدة هي مرآة عاكسة للتوازنات التي خلقتها الحرب في معسكر الجيش، معتبرين أن قيادة الجيش أضاعت فرصة كبيرة في التسويق لحكومة جديدة، قادرة على أن يلتف حولها السودانيون.

وشملت الدفعة الثانية من التعيينات الوزارية عبدالله محمد دَرَف الذي يعتبر من القيادات البارزة في حزب المؤتمر الوطني، المحلول، بولاية كسلا، حيث شغل فيها من قبل منصب وزير الصحة الولائي، قبل أن يصبح نائبا لما يسمى رئيس المقاومة الشعبية في الولاية الواقعة شرق السودان.

ويتناقض هذا التعيين مع تصريحات سابقة لرئيس الوزراء المكلف الذي أكد أنه لن يكون للأحزاب أي حضور في حكومته، ويقول المراقبون إن تعيين درف دليل على التأثير القوي للمؤتمر الوطني المنحل على سلطة القرار داخل معسكر الجيش.

رئيس الوزراء المكلف ومن خلفه البرهان استسلما بالواضح لضغوط الحركات المسلحة في الحفاظ على حصتها من التشكيل الحكومي

وبدأ إدريس الإعلان عن تشكيلته الوزارية في الرابع والعشرين من يونيو، حيث عيّن كلا من معز عمر بخيت وزيرا للصحة، وعصمت قرشي وزيرا للزراعة والري، وأحمد مضوي موسى وزيرا للتعليم العالي والبحث العلمي. كما سبق أن أصدر قرارا بتعيين الفريق حسن داؤود كبرون كيان وزيرا للدفاع، والفريق شرطة بابكر سمرة مصطفى علي وزيرا للداخلية.

وأعلن إدريس، في خطاب ألقاه في التاسع عشر من يونيو أن حكومته ستتكون من 22 وزارة، مشددا على أن عملية التعيين ستتم بشكل تدريجي وفق معايير الكفاءة والخبرة والسمعة المهنية، بعيدا عن المحاصصة الحزبية أو الجهوية.

وشدد رئيس الوزراء المكلف في ذلك الخطاب على أن المرحلة المقبلة تتطلب “رجال دولة قادرين على النهوض بالبلاد ووضعها في مصاف الدول المتقدمة”، داعيا إلى تجاوز مفاهيم المحسوبية والمحاصصة، والالتزام بمبادئ العدالة والشفافية وسيادة القانون.

ويرى سياسيون سودانيون أن إدريس، الذي سبق وأن كان مسؤولا أمميا، فقد مصداقيته، حينما قبل الانخراط في لعبة قيادة الجيش، والمشاركة في محاولة تحسين صورتها بزعم تشكيل حكومة من الكفاءات المدنية. ويقول السياسيون إن التعيينات الأخيرة تكشف أن الحكومة الجديدة لن تكون مختلفة عن السابقة، وأن الاسم الذي أطلق عليها “حكومة الأمل” هي بغير مسمى.

وفي الحادي والثلاثين من مايو أدى إدريس اليمين الدستورية أمام قائد الجيش، رئيسا جديدا لمجلس الوزراء، عقب إصدار البرهان في التاسع عشر من الشهر ذاته، مرسوما دستوريا بتعيينه.

وإدريس، سياسي حاصل على الدكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية بجامعة جنيف في سويسرا، ومرشح سابق لرئاسة السودان في العام 2010. ومنذ عدة سنوات، تُدار الوزارات السودانية بمزيج من وزراء مكلّفين وآخرين عُينوا خلال فترة الشراكة بين المدنيين والعسكريين التي بدأت في 2021.

ويأتي تعيين الحكومة الجديدة في خضم حرب أهلية اندلعت في الخامس عشر من أبريل 2023 بين الجيش وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، أسفرت عن مقتل أكثر من 20 ألف شخص ونزوح نحو 15 مليونا، وفق تقديرات أممية وسلطات محلية، بينما قدّرت دراسة لجامعات أميركية عدد القتلى بنحو 130 ألف قتيل.

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا