آخر الأخبار

بعد عامين من الحرب... "نيويورك تايمز" تدخل الخرطوم وتقف على أطلالها

شارك

ملخص

أظهرت المشاهد الميدانية في واحدة من أكبر المدن الأفريقية بوضوح التحولات الكبيرة التي طرأت على الحرب في الأيام الأخيرة، من دون أن تقدم مؤشراً على اقتراب نهايتها، وبدا حجم الدمار واضحاً وصادماً بالنسبة إلى أول فريق صحافي غربي يدخل المدينة منذ اندلاع الحرب.

أصبحت “نيويورك تايمز” أول صحيفة غربية يدخل مراسلوها الخرطوم منذ اندلاع الحرب الأهلية بين الجيش وقوات “ الدعم السريع ” قبل عامين، وذلك بعد أيام من استعادة الجيش السيطرة على القصر الجمهوري وبعض مناطق العاصمة، في تحول قد يعيد رسم مسار الحرب.

ويصور التقرير الخرطوم كمدينة مهجورة تماماً، ولم يتبق من أيامها المفعمة بالأمل إلا عدد قليل من الجداريات الباهتة والمثقوبة بالرصاص، التي تذكر بانتفاضة 2019 التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير، ويشير إلى أن بعض المحتجين الشباب الذين شاركوا بالانتفاضة حملوا السلاح مع الجيش واحتفلوا أخيراً في الجمهوري بإخراج قوات “الدعم السريع”.

وكتبت “نيويورك تايمز”، “في القصر الرئاسي الذي مزقته المعارك في قلب العاصمة السودانية المدمرة، تجمع الجنود بعد ظهر الأحد تحت ثريا ضخمة، يحملون بنادقهم وقاذفاتهم على أكتافهم ويستمعون إلى الأوامر، ثم خرجوا عبر السجاد الأحمر الذي كان يرحب يوماً بالضيوف الأجانب، متجهين إلى وسط المدينة الخالي، في مهمة لتطهير الجيوب الأخيرة من مقاومة مقاتلي “قوات الدعم السريع” الذين اشتبكوا معهم طوال عامين”.

دمار هائل

أظهرت المشاهد الميدانية في واحدة من أكبر المدن الأفريقية بوضوح التحولات الكبيرة التي طرأت على الحرب في الأيام الأخيرة، من دون أن تقدم مؤشراً على اقتراب نهايتها، وبدا حجم الدمار واضحاً وصادماً بالنسبة إلى أول فريق صحافي غربي يدخل المدينة منذ اندلاع الحرب.

وبحسب التقرير فإن جامعة الخرطوم، التي كانت مركزاً للنقاشات السياسية أصبحت عرضة للنهب، في حين تحولت مبان وزارية شاهقة ومقار شركات، بني بعضها بأموال من احتياطات السودان الضخمة من النفط والذهب، إلى هياكل محروقة.

كما تعرض القصر الجمهوري الذي شيدته الصين، وكان حتى سنوات قليلة مقراً مشتركاً لقادة الجيش المتناحرين لدمار هائل، إذ انهارت الأسقف والجدران وغطى الغبار والركام الأجنحة الوزارية وقاعات الاستقبال. وكان المصير نفسه لمقر القيادة العامة للجيش، إذ حوصر عدد من كبار الجنرالات طوال أول 18 شهراً من الحرب.

تراجع “الدعم السريع”

وبحلول يوم الأحد استعاد الجيش السيطرة على البنك المركزي ومقر جهاز الاستخبارات الوطني وفندق كورنثيا الشاهق المطل على نهر النيل، ويرى مدير مشروع القرن الأفريقي في مجموعة الأزمات الدولية آلان بوسويل أن “سيطرة الجيش على كامل المدينة مسألة وقت”، مرجحاً تراجع قوات “الدعم السريع” إلى معقلها في دارفور.

ومع ذلك، لا أحد يتوقع نهاية قريبة للحرب، فكلا الطرفين يحظى بدعم قوى خارجية سلحتهما بصورة مكثفة خلال العامين الماضيين، وقدر نائب رئيس مجلس السيادة السوداني مالك عقار أخيراً وجود 36 مليون قطعة سلاح صغيرة في البلاد، التي كان عدد سكانها قبل الحرب 48 مليوناً.

وبحسب الأمم المتحدة، أجبرت الحرب بين الجيش و”الدعم السريع” 12 مليون شخص على النزوح، وأودت بحياة عشرات الآلاف، وأطلقت الشرارة لواحدة من أسوأ المجاعات في العالم منذ عقود، وسط مخاوف من تحول الحرب إلى صراع إقليمي يشمل دولاً مجاورة مثل جنوب السودان وتشاد.

ووثقت “نيويورك تايمز” آثار المعركة العنيفة الجمعة الماضية التي انتهت بسيطرة الجيش على القصر الجمهوري، ومقتل مئات من مقاتلي قوات “الدعم السريع” وفرار آخرين. وأظهر مقطع فيديو تحققت منه الصحيفة عشرات من الجثث على طريق القصر، بجانب مركبات محترقة أو مثقوبة بالرصاص. وقال الضابط الذي التقط الفيديو، “إنه موسم اصطياد الفئران”.

وكشف المتحدث باسم الجيش عن أن “مئات” من مقاتلي “الدعم السريع” قتلوا، في حين أكد بعض الجنود أن عشرات من قوات الجيش أيضاً لقوا حتفهم في هجمات بالطائرات المسيرة وفي معارك أخرى.

مساعي السلام

فشلت مساعي إدارة الرئيس السابق جو بايدن في التوسط في اتفاق سلام العام الماضي، وليس واضحاً ما إذا كان الرئيس دونالد ترمب سيبدي اهتماماً بالنزاع الدموي الذي تخشى دول الجوار تحوله لصراع إقليمي. ويرى أنصار ترمب أن الموارد المعدنية الهائلة في السودان قد تجذب انتباهه، وفق التقرير.

ومع تطهير وسط المدينة من قوات “الدعم السريع”، انتقلت المعركة إلى مطار الخرطوم الدولي، الذي يبعد نحو كيلوين ونصف عن القصر، وتظهر صور الأقمار الاصطناعية أن مدرجات المطار تعرضت لقصف كثيف، وتتناثر فيها بقايا طائرات مدنية دمرت منذ اندلاع القتال عام 2023.

واعتمد الجيش السوداني أيضاً على الطائرات المسيرة والمساعدة الخارجية، ففي العام الماضي حصل على طائرات إيرانية ساعدته في التقدم داخل الخرطوم، كما تسلم ثماني طائرات تركية من طراز “بيرقدار” TB2، التي يعتبرها المسؤولون الأميركيون من أكثر الأسلحة فاعلية في النزاعات الأفريقية، بحسب وثائق حصلت عليها “نيويورك تايمز”.

ومع انتقال السيطرة من قوات “الدعم السريع” إلى الجيش، أعرب مسؤولون في مجال حقوق الإنسان عن قلقهم من احتمال تعرض المدنيين المتهمين بالتعاون مع المتمردين لأعمال انتقامية، وفق التقرير. وفي يناير الماضي، وجهت اتهامات للجيش بتنفيذ اعتداءات وحشية ضد مشتبه بهم في دعم قوات “الدعم السريع”، بعد استعادة السيطرة على مدينة ود مدني. وقال متطوعون في غرف الطوارئ، التي تدير مئات المطابخ الخيرية في الخرطوم، إنهم يخشون أن يستهدفوا أيضاً.

وأوضحت “نيويورك تايمز” بأنه إذا نجح الجيش في حسم معركة الخرطوم، فمن المرجح أن تنتقل بؤرة الحرب إلى إقليم دارفور، إذ تفرض قوات “الدعم السريع” حصاراً خانقاً على مدينة الفاشر المنكوبة، وهي المدينة الوحيدة في دارفور التي لا تزال خارج سيطرتها. وفي يوم الجمعة الماضي، استولى “الدعم السريع” على بلدة المالحة، على بعد نحو 210 كيلومترات شمال الفاشر، وأفاد سكان بأن المقاتلين يمنعونهم من مغادرة المدينة، وسط تقارير عن اعتقالات وعمليات قتل.

اندبندنت عربية

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا