كشفت مصادر سياسية مؤكدة بأن التوترات بين قائد الجيش السوداني، الفريق عبدالفتاح البرهان، والحركة الإسلامية المرتبطة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين، بدأت تتجلى بشكل واضح، مما يثير تساؤلات حول من سيقوم بخيانة الآخر في نهاية المطاف.
وأوضحت المصادر في تصريحاتها لـ”إرم نيوز” أن هناك مؤشرات على تراجع الثقة بين الجانبين، وذلك بعد مرور نحو عامين من التحالف الذي جمعهما ضد قوات الدعم السريع.
“مآرب إخوانية”
صرح مصدر سياسي سوداني لموقع “إرم نيوز” بأن البرهان يبدو مدركًا أن الدعم المطلق الذي يقدمه له الإخوان ليس بدون سبب، وإنما لهدف معين يتعلق بهم، وأنهم في يوم ما سيظهرون له بوجههم الحقيقي.
وأكد المصدر أن البرهان أحاط نفسه بعدد من الميليشيات التي شكلها بناءً على أسس قبلية، مثل “درع السودان والأورطة الشرقية”، بالإضافة إلى المرتزقة الأجانب من مجموعة التيغراي الإثيوبية وآخرين من إريتريا، إلى جانب الميليشيات الإسلامية التي كانت تحيط به من كل جانب.
وأشار إلى أن “البرهان في صراعه مع جماعة الإخوان ليس وحيدًا، بل لديه دعم خارجي من دول ترغب في أن ينفرد بالسلطة، مما يوفر له خططًا ومعلومات وسلاحًا لمواجهة الإخوان، الذين بدورهم يستندون إلى دول تدعمهم بالسلاح والمال لكي يعودوا إلى الحكم مرة أخرى”.
وأوضح أن “الإخوان” من خلال ميليشياتهم المسلحة واختراقهم للجيش كانوا يسعون للهيمنة على البرهان ليصبح تحت سيطرتهم كما كانوا يفعلون مع الرئيس السابق عمر البشير. وبيّن أن هناك الكثير من الدلائل تشير إلى أن الإخوان يشعرون بأن للبرهان تواصلًا خارجيًا خلف ظهورهم، خاصة مع الولايات المتحدة، مما يجعلهم يخشون حدوث انقلاب منه عليهم في أي لحظة.
ونبه إلى أن هذه المخاوف قد سبق أن ذكرها مفتي الإخوان عبد الحي يوسف في ديسمبر الماضي، حين وصف البرهان بأنه “شخص لا يؤتمن” واعتبره “خائنًا بلا دين”.
كما أضاف عبد الحي في ذلك الوقت أن “البرهان يحاول التخلص من الحركة الإسلامية، لكنه عاجز عن ذلك، لأن الحركة الإسلامية متغلغلة حتى داخل مكتبه”، وفق تعبيره.
حشود مصنوعة
أكد المحلل السياسي عمر محمد النور، أن العلاقة بين قائد الجيش السوداني والحركة الإسلامية أوشكت على الانتهاء، لأن كلا الطرفين يسعى للانفراد بالسلطة في السودان.
وأشار النور في تصريح لـ”إرم نيوز” إلى أن البرهان لديه تجربة سابقة مع الرئيس الأسبق عمر البشير، حيث كانت الحركة الإسلامية هي الحاكم الفعلي بينما كان هو رئيساً صورياً، معتبراً أن التجارب السابقة ستدفع البرهان للتعلم من تلك الأخطاء.
وأضاف أن الحركة الإسلامية، التي تسيطر على حكومة بورتسودان، بدأت مؤخراً في تكرار الأساليب التي اتبعتها مع البشير، من خلال تنظيم حشود مصنوعة للتعبير عن آرائها وإرسال رسائل مختلفة إلى الداخل والخارج لزرع الارتباك لدى البرهان.
كما أشار إلى قيام الحركة الإسلامية بحرق العلم الأمريكي قبل يومين خلال مظاهرة في بورتسودان، موضحاً أن هذه الحادثة تعكس في ظاهرها رفض العقوبات الأمريكية على البرهان، ولكن في باطنها تعرقل أي تواصل سري محتمل بين قائد الجيش وواشنطن.
ولم يستبعد النور أن تكون العقوبات الأمريكية التي فرضت على البرهان مؤخراً قد تمت بعلمه، مشيراً إلى أنها كانت أخف من العقوبات المفروضة على قائد الدعم السريع.
وأضاف أن العقوبات لم تشمل النقطة الأهم، وهي منع البرهان من الحصول على تأشيرة دخول إلى الولايات المتحدة، مستدلاً بأن البرهان قد تحدث عن العقوبات الأمريكية في اجتماع مع جنوده قبل صدورها، وأظهر ترحيبًا بها ولم ينتقدها.
وذكر بعض الخبراء الذين تحدثوا لـ”إرم نيوز” أن تنظيم الإخوان المسلمين يسعى للتخلص من البرهان بعد فرض العقوبات الأمريكية، حتى لا يصبح عبئاً على القوات المسلحة التي يعتمدون عليها لاستعادة مشروعهم السياسي.
وأوضح المحلل السياسي داؤود خاطر، أن من يتحكم في قرار الحرب حالياً قد يكررون نفس السيناريو الذي طبقوه مع الرئيس السابق عمر البشير، حيث قاموا بإشراكه في العقوبات قبل التخلص منه من خلال نفوذهم في الجيش.
وأكد أن تلك العقوبات سيكون لها تأثير كبير على تحالف البرهان مع جماعة الإخوان المسلمين، إذ ستبدأ الجماعة بالتنصل منه وتقديمه ككبش فداء لتفادي المزيد من العقوبات على الجيش.
وأضاف: “عندما تصاعدت العقوبات الدولية على البشير، تنصلت منه جماعة الإخوان وقدمت به كبش فداء عبر نفوذها داخل الجيش الذي أعلن دعمه للمحتجين محاولةً لإعادة نظامهم بشكل جديد.”
وختم بالقول: “الآن، سيحاول الإخوان تكرار نفس الأمر مع البرهان، حيث سيتخلصون منه ويقدمون شخصية جديدة من داخل الجيش.”