آخر الأخبار

انتقادات تطاول سياسات المركزي السوداني النقدية: ضعيفة ولا تخدم الاقتصاد

شارك الخبر

يتعرض البنك المركزي السوداني لانتقادات واسعة بعدما شرعت المصارف في تنفيذ السياسات النقدية الجديدة، وسط ارتباك مالي صاحَب عملية استبدال العملة من فئتي 500 و1000 جنيه، وشح في المعروض منها مقابل ارتفاع في الطلب، وانتهاء أوان الاستبدال الذي تم تمديده مرتين على التوالي. كما تعرضت إحدى خزائن المركزي السوداني لنهب كميات كبيرة من الفئات المسحوبة التي لا تزال سارية ومبرئة للذمة في بعض الولايات.

ويرى مراقبون تحدثوا لـ”العربي الجديد”، أن بنود السياسة النقدية الجديدة تقليدية، وأن بعضاً منها غير واقعي، مثل مطالبة البنك المركزي المصارف ببناء احتياطيات من النقد الأجنبي لصالحه، وتوسيع فرص التمويل المصرفي، رغم صعوبة ذلك في ظل استمرار الحرب وشح الموارد، وعدم قدرة المصارف على أداء دورها المطلوب. وتضمنت بنود السياسة خفض الاحتياطي النقدي إلى نسبة 10%، وضرورة النظر في التركيبة الفئوية الحالية للعملة الوطنية لمحاصرة وضبط الأموال المنهوبة لمواكبة التطورات في القطاع المصرفي، بالإضافة إلى استكمال استبدال فئة 1000 جنيه و500 جنيه، والنظر في إصدار فئات نقدية جديدة.

كما تتضمن تحقيق الاستقرار في سعر الصرف والاستمرار في تحريره، وخفض معدلات التضخم، باستهداف نمو اسمي في عرض النقود بمعدل 60.9%، ونمو القاعدة النقدية بنسبة 56.1% في العام 2025. كما أكدت على التوسع في الشمول المالي بالتركيز على خدمات التمويل الأصغر والصغير، وتقوية المؤسسات المالية المصرفية وغير المصرفية من خلال تشجيع المصارف على تقوية مراكزها المالية، وخفض معدلات التمويل المتعثر، وتعزيز الأطر التطبيقية، وتعزيز الإشراف على نظم الدفع والمبيعات الرقمية.

سياسات المركزي السوداني

وأشارت السياسات الجديدة إلى وضع تصور لإعادة هيكلة الجهاز المصرفي من خلال خيارات زيادة رأس المال، دمج المصارف، أو التملك، أو الاستحواذ أو التصفية، بعد حصر وتقييم الخسائر التي حدثت جراء الحرب للمصارف أو المؤسسات المالية غير المصرفية، فضلاً عن توسيع فرص التمويل المصرفي. ونصت أيضا على تعزيز جهود مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار السلاح من خلال تطوير آليات المراقبة والمتابعة لجهود الدولة لاسترداد الأموال المنهوبة، وشددت على أحكام إجراءات استرداد حصائل الصادر وتنظيم عمليات الاستيراد والتصدير مع تعزيز دور محفظة استرداد السلع الاستراتيجية بهدف خفض الطلب على النقد الأجنبي في السوق الموازي، فضلاً عن تعزيز جهود جذب تحويلات المغتربين والاستمرار في بناء احتياطيات النقد الأجنبي للبنك المركزي.

وحظرت السياسات الجديدة على المصارف منح تمويل للحكومة الاتحادية وحكومات الولايات، وشركات الصرافة والتحويلات، كما منعت تمويل المتاجرة في العملات الأجنبية، وشراء الأسهم والأوراق المالية أو سداد عمليات تمويلية قائمة أو متعثرة.

احتجاجات في مدينة بورتسودان على استبدال الأوراق النقدية، 31 ديسمبر 2024 (فرانس برس)
اقتصاد الناس
أزمة سيولة خانقة تفاقم معيشة السودانيين

وقال المحلل الاقتصادي هيثم فتحي، لـ”العربي الجديد”: “إن السياسة النقدية الجديدة وضعت لتُستخدم أداةً لإبقاء الوضع الاقتصادي تحت السيطرة، ولا تخدم أي توجه نحو نموذج اقتصادي ممنهج ومعرف”، وحمّل سياسات البنك المركزي مسؤولية استمرار تدهور قيمة الجنيه، والوضع المعيشي القاسي الذي يعيشه الشعب السوداني، ولفت إلى “فشله في اتباع سياسات ناجعة قادرة على السيطرة على سعر صرف العملة الوطنية، وحماية قيمتها”، وأشار إلى أن سعر الصرف تتحكم به السوق الموازية، وبنك السودان يحاول اللحاق بها عبر رفع السعر، لكنه مع ذلك يفشل.

وأوضح أن تراجع قيمة الجنيه السوداني أدى إلى خفض رواتب الموظفين، وارتفاع الأسعار لتواكب سعر الدولار، ما أدى إلى وصول القوى الشرائية إلى مستوى شبه معدوم، وأكد أن التدهور الجديد تواكب مع قرار المالية رفع سعر الدولار الجمركي. وقال فتحي: “في تقديري أن المشاكل الهيكلية التي لازمت الاقتصاد السوداني منذ بداية الحرب تسببت في إنهاك الموارد النقدية للبلاد”، وأبان أهمية دور المساعدات الخارجية في تعزيز احتياطيات العملة الأجنبية.

وأشار فتحي إلى أن تباطؤ التضخم يشير إلى عودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد بفعل سياسات التشديد النقدي الأخيرة، مع تراجع تأثير صدمات سعر الصرف والعرض السابقة، وتوقع حدوث تقارب في مستويات معدل التضخم الحالية حتى الربع الرابع من عام 2025، أخذاً في الاعتبار إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة المتخذة والمتوقعة. وواصل فتحي انتقاداته لسياسات البنك قائلاً: “عمليًا لم يعد المصرف يمتلك سياسات حقيقية فعّالة، فهو يستخدم سياسة سعر صرف ثابت للجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية دون تركه مرنًا أمام آلية العرض والطلب في السوق”، وأشار إلى استمرار عراقيل سياسة التحول نحو الدفع الإلكتروني، خاصة المرتبطة بالنظام المالي والتقني العام لدى وزارة المالية.

إجراءات تشجيعية فقط
ووصف المدير العام السابق للبنك السوداني الفرنسي عثمان التوم، في حديث لـ”العربي الجديد”، سياسات البنك بـ”التشجيعية في محاورها كافة، والتي يجب أن تحدث فيها خطوات عملية لتحقيق الأهداف المنشودة”. ورهن التوم نجاحها بـ”تحديد وسائل التنفيذ للوصول إلى النتائج الملموسة، خاصة عملية فتح الحسابات بدون فروع، والتي يعتبرها مشروعًا كبيرًا وضروريًا يتطلب وضع آلية لتنفيذه وفق إطار زمني محدد”.

وتساءل التوم عن متطلبات بنك السودان فتح حسابات بدون فروع، وعدد البنوك التي ستلتزم بتنفيذها، والقيد الزمني لذلك، ومتطلبات ربط البنوك عن طريق الـIBAN، ومن سيقوم بتوفيرها، وما هو الإطار الزمني لجاهزيتها، ودعا للتركيز على تنفيذ السياسة بدلًا من الحث والتشجيع فقط، لترجمة السياسة إلى أعمال محسوسة تخدم الغرض وتساهم في حل المشكلة.

واقترح التوم إفراغ السياسة في مصفوفة تحدد المطلوب عمله، والجهة المنوط بها التنفيذ، ومتطلبات التنفيذ، والفترة الزمنية لذلك، ورصد النتائج للتأكد مما إذا كانت حسب ما هدفت إليه السياسة أم هناك انحراف يحتاج إلى معالجة.

وقال المحلل المصرفي لؤي عبد المنعم إن السياسة النقدية للعام 2025 تهدف إلى زيادة عرض النقود بمعدل 60.9% ونمو القاعدة النقدية بمعدل 56.1% لزيادة حجم الإنفاق الكلي، عبر زيادة الأموال المتداولة بما ينعكس على زيادة سعر الفائدة وأرباح الودائع والتمويل، والتي تتناسب عكسياً مع حجم الاستثمار الذي تراجعت قيمته بسبب التضخم، وأشار إلى قيام بنك السودان بخفض الاحتياطي النقدي إلى 10% لتمكين المصارف من زيادة أرصدة التمويل ودعم التنمية الاقتصادية بالتركيز على تمويل الصادرات والزراعة والصناعة، وقال إن “هناك عدة إجراءات متبعة لزيادة عرض النقود عبر تأمين وتعزيز استرداد حصائل الصادرات وتعظيم تحويلات المغتربين من الخارج إلى الداخل”. ودعا عبد المنعم لتعزيز ولاية البنك المركزي على النقد الأجنبي للدولة، وبناء احتياطيات للبنك المركزي، بالإضافة إلى خفض الطلب على النقد الأجنبي وترشيد استخدامه، وأشار إلى ضرورة زيادة الإنفاق الكلي في الطلب على المنتجات، وتعزيز أداء الشركات من حيث الإنتاج والتوظيف.

العربي الجديد

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر


حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا