تسببّت الطائرات بدون طيار التي أطلقتها “قوات الدعم السريع” في حدوث خسائر فادحة بين المدنيين والعسكريين في مدينة الفاشر غرب السودان، وذلك في مرحلة جديدة من مراحل الحرب.
بعد أن كانت “الدعم” تستخدم الطائرات المسيرة الانتحارية من طراز “RF260” التي تتمتع بتأثير محدد، بدأت في إدخال طائرات مسيرة أحدث في عملياتها القتالية.
وبحسب ما أفاد به ضابط في الجيش السوداني، فإن هذه الطائرات من طراز “long wing II” وهي مصنوعة في الصين، وقد توسعت عمليات الطائرات المسيرة لتشمل مناطق كانت تعد آمنة.
وذكرت مصادر متطابقة أن “قوات الدعم السريع” قامت يوم الأحد بمهاجمة سوق في مدينة الفاشر باستخدام أنواع حديثة من الطائرات المسيرة، مما أسفر عن مقتل 35 شخصاً، بينهم 8 عسكريين، بالإضافة إلى عشرات الجرحى والمصابين.
وذلك بعد يوم واحد من استهداف طائرة مسيرة مشابهة لأحد المستشفيات “السعودي”، حيث أسفر الهجوم عن مقتل 8 أشخاص، وتسبب في دمار كبير للمبنى. استهدفت طائرة مسيّرة قوات المدرعات في مدينة الفاشر يوم الاثنين الماضي، حيث أطلقت عدة صواريخ مما أسفر عن مقتل حوالي 25 جندياً، من بينهم 5 ضباط، وذلك وفقاً للناشط محمد خليفة الذي يتابع أوضاع الحرب. منذ بداية الحرب، يعتمد الجيش السوداني على الطائرات الحربية والطائرات المسيّرة في نزاعه ضد “قوات الدعم السريع”، بينما تستخدم هذه الأخيرة طائرات “انتحارية” من نوع “RF260” التي تم تصنيعها في الصين.
يسعى الطرفان لتحديث تجهيزاتهما من الطائرات المسيرة القتالية والاستطلاعية. وقد تم نقل أخبار مؤخراً تفيد بأن الجيش السوداني حصل على طائرات مسيرة تركية من طراز “بيرقدار” الشهيرة، بالإضافة إلى طائرات مسيرة إيرانية من نوع “مهاجر 6″، إلى جانب طائرات مسيرة انتحارية تجارية تم تطويرها محلياً. استخدمت “قوات الدعم السريع” بشكل مكثف الطائرات من دون طيار “الانتحارية”، التي يعد معظمها من أصل صيني، ويتم الحصول عليها غالباً من أسواق السلاح السوداء. في المقابل، يشير الجيش إلى أن هذه الطائرات تأتي من مصدر إقليمي، بالإضافة إلى الطائرات المعدلة التي استولت عليها بعد سيطرتها على “مجمع جياد العسكري” التابع للجيش.
نقلت “سودان تربيون” عن ضابط في الجيش السوداني أن الطائرة المسيرة التي استخدمتها “قوات الدعم السريع” مؤخراً هي من طراز “لونغ وينغ II” المصنعة في الصين، وقد تم نقلها جواً إلى مطار نيالا والفاشر. في الثاني من ديسمبر الجاري، صرح وزير الدفاع السوداني الفريق ياسين إبراهيم، خلال مؤتمر صحفي في بورتسودان، بأن الطائرات المسيرة الاستراتيجية التي تُستخدم في الهجمات ضد قواته تنطلق من مطارات في دولة تشاد.
كما وصف الناشط محمد خليفة هذه الطائرات بأنها “حديثة” وصواريخها دقيقة الإصابة، وتحمل قذائف فائقة الانفجار. تُعتبر الطائرة المسيرة التي استهدفت قائد الجيش عبد الفتاح البرهان في يوليو الماضي خلال حفل تخريج ضباط في منطقة “جبيت العسكرية” شرق البلاد واحدة من أخطر العمليات التي شهدت تطور استخدام المسيّرات، حيث أسفرت عن مقتل 5 أشخاص من بينهم حراس شخصيون له وعدد من الضباط، على الرغم من أن المنطقة تبعد آلاف الكيلومترات عن مناطق سيطرة “قوات الدعم السريع”. في تقريرها الذي صدر في 12 ديسمبر الحالي، أفادت “مبادرة جمع البيانات وتحليلها ورسم خرائط الأزمات” المعروفة اختصاراً بـ”ACLED”، بأن التهديدات القادمة من “أعلى” في السودان بدأت تؤثر على مناطق كانت آمنة، بسبب استخدام الطائرات المسيرة القتالية، مما أدى إلى تراجع الإحساس بالأمان في المناطق النائية عن أماكن النزاع.
وأشارت إلى أن استمرار النزاع دفع الطرفين المتقاتلين إلى الحصول على أنواع متنوعة من الطائرات المقاتلة المسيرة وتوزيعها، مما أدى إلى استخدامها على نطاق واسع جغرافي، وبذلك أصبحت مناطق كانت آمنة معرضة للهجمات.
وفقاً للمبادرة، نفذ الجيش خلال السنة الأولى من الحرب أكثر من 280 غارة باستخدام الطائرات دون طيار، حيث كانت 98% منها في الخرطوم، بينما قامت “قوات الدعم السريع” بتنفيذ أكثر من 10 غارات بالطائرات دون طيار. أوضحت أن القوات المسلحة تستخدم الطائرات المسيرة بأسلوب تكتيكي لتعزيز هجماتها، بينما تعتمد “الدعم” عليها بطريقة أكثر استراتيجية، حيث تستهدف استنزاف الجيش في المناطق التي كانت تُعتبر آمنة، وتقوم بخلق شعور بالتهديد يدفع الجيش إلى توسيع دفاعاته، مما يُضعف قدرته على مواجهة الاشتباكات الطويلة. شنت قوات “الدعم السريع” في الأشهر الأخيرة هجمات بطائرات مسيرة استهدفت عدة مناطق تحت سيطرة الجيش، لا سيما مدن عطبرة والدامر وشندي وكوستي وربك والقضارف، حيث استهدفت مقار عسكرية ومطارات وقواعد جوية، وأكد الجيش أن دفاعاته تمكنت من التصدي لهذه الهجمات بنجاح.