في تغريدة له مؤخرا، تحدث المبعوث الأمريكي، توم بريللو، عن الوضع الإنساني في السودان قائلا إن 10% فقط من مواد الإغاثة الغذائية والدواء يسمح لها بالخروج من بورتسودان والوصول إلى مستحقيها.
واتهم بيرييلو مفوضية العون الإنساني بأنها تمنع مرور 90% من هذه المواد الإغاثية وأن السلطات في بورتسودان تعمل على تأخير وإعاقة وصولها إلى مستحقيها في الفاشر وكادوقلي والخرطوم ونيالا.
واعتبر الأستاذ محمد الشابك، الخبير في شؤون العمل الإنساني، في حديث لراديو دبنقا أن هذه التغريدة جاءت لسببين، أولهما انهيار الوضع الإنساني في السودان وازدياد الضغوط على المجتمع الدولي للاستجابة.
ونوه إلى أن الأحداث في شرق الجزيرة وتصعيد العنف في الفاشر أديا إلى موجات جديدة من النزوح خلال الأسبوعين الماضيين، ويخلق ذلك حالة إنسانية متدهورة بسبب زيادة النازحين ومطالبات عديدة بالاستجابة ويضع المجتمع الدولي والفاعلين السودانيين في مجال الإغاثة تحت الضغوط وتحت سهام الانتقادات.
وأضاف “وعبر تغريدته يحاول المبعوث الأمريكي تبرير هذا التدهور بإعاقة وصول المساعدات الإنسانية من قبل السلطات السودانية”.
مستقبل معبر أدري
وأشار الشابك إلى أن السبب الثاني مرتبط بمحاولة المبعوث الأمريكي استباق المهلة التي حددتها الحكومة لاستمرار فتح معبر أدري وانسياب مواد الإغاثة.
وذكر الخبير في الشؤون الإنسانية بأن الفريق عبد الفتاح البرهان، قائد الجيش السوداني، كان قد أعلن في يوم 15 أغسطس الماضي، وخلال مفاوضات جنيف، أن الحكومة وافقت على فتح معبر أدري لإدخال المساعدات الإنسانية لمدة ثلاثة أشهر وتنتهي في منتصف نوفمبر، أي بعد أسبوعين فقط.
وأضاف الشابك في حديث لراديو دبنقا أن الحكومة، وعبر عدد من المتحدثين، المحت أو هددت أو توعدت بأنها لن تجدد المدة المسموح بها، بل أن وزير المالية في تصريحات له قبل أيام أعلن أنه لا يؤيد تجديد فترة السماح بفتح معبر أدري إلا في حال الالتزام بشرطين.
وأضاف أن الشرط الأول هو وضع أجهزة للتعرف على المواد العابرة والشرط الثاني تواجد أطقم من الشرطة والجمارك والمقاييس في معبر أدري.
ومن ثم جاءت تصريحات مندوب السودان في الأمم المتحدة قبل يومين بأن معبر أدري يهدد الأمن السوداني بالنظر إلى استخدام المعبر في إدخال أسلحة متطورة ومضادات للطائرات وأن فتح المعبر أدى إلى ازدياد العنف بشكل مباشر في الفاشر.
تحويل الخلاف إلى فرصة للتفاوض
ووصف الخبير في شؤون العمل الإنساني مثل هذه التلميحات والتصريحات من الحكومة بالمقلقة بالنسبة للمجتمع الدولي وخصوصا الجهات الفاعلة في مسألة إيصال المعونات الإنسانية.
واعتبر محمد الشابك أن التسابق بالتصريحات قد يوفر فرصة وسانحة لاتفاق مشترك في حال ما إذا كانت الحكومة السودانية ترغب فعلا في أن يكون لديها فريق على الحدود التشادية وأجهزة للفحص فإن ذلك يتطلب اتفاق بين الحكومة السودانية والحكومة التشادية وبين الجيش وقوات الدعم السريع التي تسيطر على الأرض.
وشدد الشابك على أن هذه الفرصة لإبرام اتفاق إنساني بين طرفي الحرب يستند إلى سابقة باسم “فريق المراقبة المشترك” J MC في الفترة التي سبقت اتفاق “نيفاشا”، وكان الاتفاق بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان لتمرير المساعدات الإنسانية إلى منطقة جبال النوبة.
ومضى قائلا إن التفاوض في الشأن الإنساني يمثل فرصة يمكن أن تقود إلى التفاوض في القضايا الأخرى، لأن القضية ليست معبر أدري فقط، فالإغاثة التي تمر عبر “الدبة” يتم إيقافها عند وصولها لمناطق شمال دارفور ومليط.
وتابع قائلا “كل ذلك يوفر أرضية سانحة لبدء مفاوضات حقيقية بين طرفي الحرب حول الوضع الإنساني”.
دبنقا