آخر الأخبار

اجتياح الجزيرة وتهجير أهلها بين روايّة (الجيش عرد) الدعامّية ورواية (الانسحاب لتنفيس الضغط على الخرطوم) الحكومّية

شارك الخبر
مصدر الصورة

 

النازح
عبدالله عمر
ود الجزيرة

تسلسل الأحداث:
نهضت مدينة مدني عند الحرب اندلاع هذه الحرب اللعينّة، (وليست العبثية كما يقولون فلا توجد حرب عبثية ولكن قد يبدو سبب إشعالها عبثيا!!!)، بدور العاصمة المؤقتة البديلة واستقبلت الجميع، الوزارات والمؤسسات والجهات الحكومية الرسمية ورجال الأعمال، والجامعات الحكومية والخاصة والتجار وأصحاب المهن وشرعت في تهيئة الأجواء المناسبة لهم للقيام بأداء أعمالهم، علاوة على كونها كانت قبلة للمواطنين النازحين من نيران الحرب في العاصمة.
شاهد المواطنون بقرى شرق الجزيرة سيارات الدعم السريع وهي متجهة جنوبا صوب مدينة مدني، رفع الكثيرون منهم مقاطع فيديو لهذه السيارات مع التنبيه لاستخبارات الجيش وجهاز الأمن!!
خرج إعلام الفلول ليقول إن هذ التحرك جنوبا هو استدراج للدعم السريع لكمين للإيقاع به بعد أن تم الاتفاق مع الدعامي ابوعاقلة كيكل،- وهو الآخر خرج من رحم الجيش- حيث ستكون هنالك نهاية الدعم السريع ونهاية الحرب!!!!
زار المدينة الفريق البرهان بعد خروجه وزيارته للقاهرة وبورسودان، ومن مدني أعلن أمام جنوده بأن الانطلاق لتمشيط وتنظيف العاصمة سيكون من مدني ثم اخذ الطائرة عائدا إلى بورسودان؛ مبتعدا بأكثر من 1000 كلم من موقع انطلاق قوات التمشيط والتنظيف للعاصمة!!!
كانت المدينة مثل مثيلاتها تخضع لحظر التجوال الذي يبدأ عند الساعة الخامسة والنصف مساء. ولذلك صار المواطن يحرص على التقيد بتلك الإجراءات حتى لا يصطدم بالسلطات العسكرية والتي أخذت في التشدد في تطبيق حظر التجوال بصورة بلغت حد اللؤم في الآونة الأخيرة!!
فوجئ المواطنون الذين خرجوا لأداء صلاة الفجر بسيارات الدعم السريع وهي تجوب الأزقة والشوارع في الأحياء، ولم يكن هنالك أي إطلاق للنار ليلا أو اشتباك، فودافون للخروج من المدينة طلبا للسلامة والأمن!!

روايتان لتفسير ما جري:
الروايّة الأولى: (الجيش عرد) أي أن الجيش هرب من المواجهة وهي الروايّة التي روج لها إعلام مليشيات الجنجويد واكتفوا بذلك من تفسير!!؟؟ ثم انصرفوا لجمع الغنائم!! وذلك بترويع المواطنين وإجبارهم على الخروج ومغادرة المدينة وممارسة أعمال النهب والسلب والغصب والسرقة والشفشفة وفي سبيل ذلك لم يتحرجوا من استخدام السلاح القتل!!
الروايّة الثانية: (الانسحاب التكتيكي لتنفيس الضغط على الخرطوم)، وهذه الرواية التي روج لها إعلام الفلول لم تخرج للعلن إلا بعد كم يوم من وقوع الحدث! وهي فترة مارس فيها إعلام الفلول الشماتة التي لامست حدود الفرح على سكان مدني لأنهم داعمون ل(قحت) وأنهم يستأهلون ويستحقون ما حدث لهم!! حتى هذه اللحظة لم يصدر أي بيان أو تصريح من أي جهة سواء الجيش أو الحكومة عما جرى!!!
وقبل أن يستفيق الناس مما حدث لمدينة مدني كانت مليشيات الجنجويد قد اجتاحت كامل ولاية الجزيرة من حدودها الجنوبية إلى حدودها الشمالية، مع نفس الممارسات في ترويع المواطنين وتهدديهم للنهب والسلب جمعا للغنائم!!!
وحتى تلك اللحظة لم يصدر أي بيان أو تصريح من الجيش أو غيره!!!؟؟
وهنا مرة اخرى بادر إعلام الفلول لالتقاط الفرصة وبفرح وشماتة فافت تلك التي أظهروها أول مرة في حالة اجتياح مدني، وهي أن ناس الجزيرة يستاهلون ويستحقون ما حدث لهم لأنهم (تربية شيوعيين)، {وهي عبارة صكها اللئيم عمر حسن أحمد البشير، والذي استحق هذ الوصف الوارد في بيت شعر المتنبي الذي يقول:
إذا انت أكرمت الكريم ملكته +++ وإن أنت أكرمت اللئيم تمردا
لأنه يعلم قبل غيره أن لحم أكتافه هو شخصيا وأفراد أسرته الأقربين يرجع الفضل فيه لأهل الجزيرة تربية الشيوعيين هؤلاء!! والذين فتكت بهم البلهارسيا!! أما اللواحق في جسمه من بطن وأرداف والتي صار يوظفها في الرقص بإيمات إن لم تكن بذيئة فهي من خوارم المروءة وتمارس في الهزيع الأخير من الليل في قاع المدينة!! ولكنه جعلها تؤدى من فوق منصات الخطابة الرسمية وتنقل مباشرة على الهواء!! فهي من هدايا بعض حكام الخليج كما قال هو نفسه!!!}
وعندما بدأ المواطنون يتساءلون:
هل عرد الجيش حقا، كما يقول إعلام مليشيات الجنجويد أم أن هناك صفقة ما أو خيانة قد تمت؟؟
خرجت الروايّة التي تقول إن ما حدث كان انسحابا نفذته قيادة الفرقة الموجودة في مدني وأن تحقيقا سيتم في الذي جرى؟؟؟ وبعد ذلك بفترة ليست بالقصيرة خرج ناطق باسم الجيش ليقول إن قائد الفرقة المعنية (اللواء أحمد الطيب) غير معروف المكان وأنه لم يبلغ قيادته!!!
والمعروف في العرف العسكري أن أول عمل للقائد عندما يعيد تمركزه هو التبليغ لقائده المباشر لتقديم لإيجاز عما جرى وفي انتظار الأوامر الجديدة!! غير أن القائد المعني نسب له في وسائط التواصل أنه موجود وفي انتظار التحقيق!!!
وهنا خرج إعلام الفلول ليقول إن ما جرى كان انسحابا تكتيكيا لتنفيس الضغط على مقرات الجيش في الخرطوم!!
تداعيات الانسحاب التكتيكي:
لم يحدث أي تنفيس للضغط بل حدث العكس تماما هو توسع انتشار مليشيات الجنجويد ليشمل ولاية الجزيرة بكاملها والتي انسحب منها الجيش حيث انضمت لها الكثير من القوات التي لم يقطع خط امدادها ومارست جمع الغنائم (أي النهب والسلب والغصب والسرقة) بشراهة فاقت ما تم في الخرطوم لأنها تعلم أن أقرب وجود للجيش هو في سنار! أي ليس هنالك اي خطر أو تهديد لسلامة الشفشافة والنهابين والقتلة!
مارست مليشيات الجنجويد جميع أنواع الترويع والإيذاء للمواطنين خلال قيامها بأعمال النهب والشفشفة والغصب والسلب والسرقة لجمع الغنائم والتي كانت تجمع في ثلاث مواقع لم تتعرض لأي هجوم سواء بمسيرات أو براميل متفجرة!! بل إن هذه المنهوبات (الغنائم) كانت تخرج في تفويج (كنفوي) من الجزيرة مرورا بجبل أولياء ثم تعبر شمال كردفان حتى تدخل دارفور حيث يتوزع أفراد المليشيات على مناطقهم بما نهبوه وسرقوه وشفشفوه وغصبوه فتنحر الذبائح وتقام الولائم وتنظم الاحتفالات ابتهاجا بعودة أبنائهم سالمين غانمين!!! هذا التفويج لم يتعرض هو الأخر لأي هجوم سواء بمسيرات أو براميل متفجرة!!!
مارست مليشيات الجنجويد الترويع والتخويف للمواطنين لإجبارهم على الخروج من قراهم والنزوح لأي مكان آخر!! بل كانوا يعتدون على من يجدوهم بمنازلهم وسؤالهم عما الذي يبقيهم هنا؟؟
في الجانب الآخر غابت السلطة تماما ومارست نوعا من التعتيم الإعلامي على ما جرى ويجري في الجزيرة!! وذلك بقطع شبكة الاتصالات وترك المواطنين لحالهم وعليهم تدبير أمرهم بأي طريقة!! وهكذا صار المواطن عرضة لأنوع من الإيذاء والترويع والاعتداء لدرجة الإصابات المقعدة أو الموت. قرر سكان القرى الخروج منها ولأي جهة طلبا للنجاة، ولم تظهر السلطة في أي مرحلة من هذه المراحل ولم تقدم اي مساعدة لأي مواطن أو سكان قرية ما!! واتنشر مواطنو الجزيرة شرقا حتى بورسودان وجنوبا حتى الدمازين و شمالا حتى حلفا وغربا حتى كوستي بخلاف من خرج لاجئا إلى الدول المجاورة!
أسئلة تتطلب الإجابة لتحديد الجهة المسؤولية عن قرار الانسحاب وما حل بالجزيرة وأهلها من نهب وقتل وتهجير:
هل تم فعلا اتخاذ قرار بالانسحاب من الجزيرة وما هي الجهة التي اتخذت القرار؟؟ الجيش أم القيادة السياسية؟
حتى يوم الناس هذا لم يصدر اي بيان عن الذي جرى في الجزيرة وتشكيل لجنة للتحقيق كما زعموا!!
هل تمت صفقة بين طرفي الحرب تخرج بموجبها مليشيات الجنجويد من قاعدة مروي – التي سيطرت عليها في بداية الحرب – مع إطلاق سراح الأسرى لديها بما فيهم بعض أفراد طاقم التشغيل المصري!! مع ضمان سلامة قوات المليشيات حتى تصل إلى الخرطوم، وفي مقابل ذلك ينسحب الجيش من الجزيرة ليعطي المليشيات فرصة للتعويض عن الغنائم التي كان يمكن نهبها من مروي ومدنها؟؟
لماذا لم تهاجم الغنائم (المنهوبات والمغصوبات والمسروقات) التي نهبت من الجزيرة بل تركت لتصل سالمة آمنة إلى دار فور؟ (تداولت بعض الوسائط صورة لم يتم التحقق من صحتها عن سيارة دبل كاب قالت إنها لسيارة حكومية تتبع لولاية الجزيرة بلوحتها الصفراء توجد في معرض سيارات في النيجر!!!).
هل تم استخدام مليشيات الجنجويد للانتقام من أهل الجزيرة لأنهم داعمون لإيقاف الحرب وتم تصنيفهم في إعلام الفلول مؤيدين ل(قحت) وأنهم تربية شيوعيين( يستحقون ويستاهلون) ما حدث لهم؟ بمعنى أن مليشيات الجنجويد كانت العصا الغليظة التي وظفت للانتقام من معارضي الحرب والداعين لإيقافها!!!

وحتى تتضح الصورة وتنجلي الحقائق ستظل ديباجة (أبو رغال) على قميص الفريق البرهان مع اسمه وما يحمله من أوسمة ونياشين شتى!! والذي انشغل عن بقاء السودان وتفرغ لمطاردة أضغاث احلام والده لحكم السودان!!!

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا