آخر الأخبار

اثيوبيا تعلن دخول الاتفاق الإطاري حيذ التنفيذ.. صراعات المياه بين دول حوض النيل تتخذ مسارا تصعيديّا

شارك الخبر
مصدر الصورة

تنذر المواقف المتعارضة لدول حوض النيل بشأن مستقبل تقسيم المياه وإقامة مشروعات تنموية على نهر النيل بالمزيد من التصعيد، مع إعلان دخول الاتفاقية الإطارية لدول حوض النيل “عنتيبي” حيز التنفيذ الأحد، واعتراض مصر والسودان على بنودها، بالتزامن مع تزايد رغبة دول أفريقية أخرى في إنشاء سدود جديدة أسوة بسد النهضة الإثيوبي، ما يشكل توترا بين الدول المتشاطئة على حوض النيل.

وأعلن رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد، بشكل منفرد، الأحد بدء تنفيذ اتفاقية “عنتيبي”، ودعا الدول غير الموقعة إلى الانضمام للتوقيع عليها من أجل “أن نحقق معًا أهدافنا المشتركة في التنمية والتكامل الإقليمي”.

واستخدم الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي خلال كلمته بمناسبة أسبوع القاهرة للمياه، الأحد، خطابا سعى فيه لتجاوز الوصول إلى مراحل التصعيد بتأكيده على أن “مياه النيل مسألة وجود وتتطلب التزاما سياسيا دؤوبا وجهودا دبلوماسية وتعاونا مع الدول الشقيقة لضمان تحقيق الأهداف المشتركة”.

ضياء الدين القوصي: تنفيذ الاتفاقية صعب مع رفض مصر والكونغو والسودان وإريتريا
ضياء الدين القوصي: تنفيذ الاتفاقية صعب مع رفض مصر والكونغو والسودان وإريتريا
وشدد على أن مصر تضع قضية المياه على رأس أولوياتها، وأن نهر النيل يعتبر قضية ترتبط بحياة المصريين وبقائهم لكونه يشكل المصدر الرئيسي للمياه.

وأكدت مصر والسودان السبت أن الاتفاقية الإطارية للتعاون في حوض النيل المعروفة باسم اتفاقية “عنتيبي” التي أبرمتها عدة دول “غير ملزمة” لأي منهما لمخالفتها مبادئ القانون الدولي العرفي والتعاقدي، وشددت الدولتان على “أن مفوضية الست دول الناشئة عن الاتفاق الإطاري غير المكتمل لا تمثل حوض النيل في أي حال من الأحوال”.

وتعود اتفاقية “عنتيبي” إلى عام 2010، ووقعت عليها في البداية دول إثيوبيا وتنزانيا وأوغندا ورواندا، ثم انضمت إليها كينيا وبوروندي لاحقا، وأخيرا صادق برلمان جنوب السودان على الاتفاقية ذاتها ما أدخلها حيز التنفيذ بعد اكتمال النصاب القانوني.

وتُنهي الاتفاقية الحصص التاريخية لمصر والسودان، وتفرض إعادة تقسيم المياه وتسمح لدول المنبع بإنشاء مشروعات مائية دون توافق مع دول المصب، وهو ما ترفضه مصر والسودان اللذان جددا التزامهما الكامل بالتعاون مع دول حوض النيل في إطار المبادئ المتعارف عليها دوليا بما يحقق المنفعة للجميع دون ضرر لأحد.

وتجعل الأجواء السياسية والعسكرية التي تحيط باتفاقية “عنتيبي” الصدام أمرا واردا، حيث أن التشدد الإثيوبي في ملف سد النهضة وفشل المفاوضات للوصول إلى اتفاق قانوني مُلزم، يصعّبان التعويل على الجهود الدبلوماسية، خاصة أن الانخراط المصري المباشر في منطقة القرن الأفريقي دفع أديس أبابا إلى الاقتناع بارتباطه بقضية المياه.

وقد يصبح تدشين اتفاقية “عنتيبي” نقطة تتحدد على أساسها موازين القوى في حوض النيل، ما قد يقود إلى إخراجها من جوانبها الفنية ودخولها معتركا سياسيا وربما عسكريا، كما أن رغبة دول حوض النيل في بناء سدود جديدة بصورة منفردة، أسوة بإثيوبيا، وبلا اتفاق مع مصر والسودان تشكل استفزازا لهما.

وطالب وزير الري المصري هاني سويلم دول حوض النيل الموقعة على “عنتيبي” بمراجعة موقفها والعودة إلى النقاش حول التعاون بين الدول بما لا يحقق ضررا لأي من دول النهر، وأن مصر سوف تشارك في النقاش حول الاتفاقية الإطارية، لأن موقفها عادل ويتسق مع اتفاقيات الأنهار الدولية المعمول بها.

وأكد خبير المياه الدولي ضياءالدين القوصي أن رفض مصر يرجع لما يصل إليها من مياه هضبة البحيرات الاستوائية ويشكل 14 في المئة فقط من إجمالي مياه النيل، في حين أن باقي النسبة توزع على باقي دول حوض النيل، وليس هناك مجال للمزيد من استقطاع هذه النسبة في ظل مشكلات شح المياه التي تعانيها الدولة.

وأضاف في تصريح لـ”العرب” أن “تنفيذ الاتفاقية في ظل عدم توقيع مصر والكونغو والسودان وإريتريا يصعب عمليا، لأن القرارات الخاصة بالأنهار الدولية يتم اتخاذها بالإجماع، وليس من الطبيعي اتخاذ قرارات من ست دول ضد دول تصل إليها كميات قليلة من المياه”.

وأوضح أنه “وفق اتفاقية تقسيم المياه الموقعة عام 1959، وفي ظل التحديات الاقتصادية الحالية، لا يمكن التنازل عن متر مكعب واحد من إجمالي 55.5 مليار متر مكعب سنويا تحصل عليها مصر من دون أن تفقد حصتها منذ عقود طويلة”. وحسب بنود الاتفاقية فإنها تدخل حيز النفاذ بعد 60 يوما من تصديق ثلثي دول حوض النيل على الاتفاقية، وكان آخر المصدقين جنوب السودان في 14 أغسطس الماضي.

وبعد دخول الاتفاقية حيز النفاذ تنشأ مفوضية دول حوض النيل التي تعنى بتنظيم وإدارة السياسات الخاصة بالمياه بين الدول الأعضاء، ويمكن أن تحظى باعتراف من الجهات الدولية، ما يمنح أعمالها بعدا سياسيا وقانونيا.

وأعلنت أوغندا وجنوب السودان مؤخرا عن خطة مشتركة لبناء سدين على نهر نيمور، أحد روافد النيل الأبيض، بموازنة مقدارها 96 مليون دولار، لتوفير الري الزراعي وتطوير إمدادات المياه وموارد الثروة الحيوانية للبلدين، إضافة إلى توليد الطاقة الكهربائية.

وتخطط كينيا لإنشاء شبكة سدود متوسطة الارتفاع تتراوح سعتها التخزينية بين ثمانية و14 مليار متر مكعب، بينما تمتلك إثيوبيا مخططا لإنشاء ثلاثة سدود كبرى على النيل الأزرق، إضافة إلى سد النهضة الذي أصبح واقعا بتخزين 60 مليار متر مكعب.

ولفت الخبير في الشؤون الأفريقية محمد فؤاد رشوان إلى أن دول حوض النيل في طريقها إلى الصراع على موارد المياه، وأن مصر والسودان مقتنعان بأن هناك ضغوطا إقليمية قادت إلى توقيع جنوب السودان على اتفاقية “عنتيبي” أخيرا، ومن ثم دخولها حيز التنفيذ، وأن الدولتين تنظران إلى باقي دول حوض النيل باعتبارها تبحث عن التنمية الخاصة بها فقط من دون مراعاة لباقي الدول.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن “الضغوط التي مارستها مصر على إثيوبيا للوصول إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن سد النهضة هدفها وضع أسس للتعامل مع مشاريع إنشاء 23 سداً على نهر النيل، وحال أقدمت كل دولة على بناء سدها دون النظر لمصالح دولتي المصب فذلك يعني وضع مصر والسودان في ظل فقر مائي ممتد”.

وأشار إلى أنه يمكن تجاوز مسألة الوصول إلى الصراع، حال توافقت دول حوض النيل واقتنعت بأن توجيه استخدامات المياه لمسارات تنموية يستفيد منها الجميع يبقى الحلم الأسلم بدلاً من دخول حروب تستنزف موارد دول تعاني مشكلات اقتصادية.

وتعاني مصر من ندرة مائية، وتُعتبر من أكثر الدول جفافًا بمعدل أمطار سنوي لا يتجاوز 1.3 مليار متر مكعب، في المقابل تتجاوز كمية الأمطار المتساقطة في دول أعالي نهر النيل 1600 مليار متر مكعب سنويًا، ويصل منها إلى مصر 3 في المئة، ما يؤكد عدم وجود ندرة مائية في دول أعالي نهر النيل أو مبرر للتنافس على المياه.

أحمد جمال ـ صحيفة العرب اللندنية

الراكوبة المصدر: الراكوبة
شارك الخبر

إقرأ أيضا