في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
"كان السجن يبدو له غير محتمل للأبرياء، واليوم يستطيع أن يشهد أنه كذلك فعلا، إذ يترك أثرا غائرا"، تلك كانت الكلمات التي اختارتها صحيفة لوفيغارو الفرنسية لبدء الحديث عن الكتاب المثير الذي حكى فيه الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي تجربته السجنية القصيرة.
وعنوان الكتاب "يوميات سجين"، وسيصدر في العاشر من ديسمبر/كانون الأول الجاري عن دار "فايار" للنشر.
وفي حديث حصري مع الكاتب شارل جيغو، صرح ساركوزي للوفيغارو بأن "السجن قاس جدا"، وأوضح أن "المسار القضائي، سواء بوعي أو بغير وعي، معد لإضعافك، لجعل المتهم يشعر بالذنب. ذنب ماذا؟ لا أهمية لذلك، إبقاء الرأس منخفضا هي الإستراتيجية التي تفرض عليك، والتي تنتهي حتى باعتمادها أنت نفسك"، وهو يؤكد أنه يرفض هذا الاستسلام.
وتابع ساركوزي أنه حاول بإصدار الكتاب أن يجيب عن "هذا السؤال البسيط: كيف وصلت إلى هنا؟ أن أتساءل عن هذه الحياة الغريبة التي عشتها؟".
وتقول الصحيفة إن كان ثمة معركة أخيرة يرى أنه يجب خوضها، فهي استعادة شيء من الوضوح حول قضية ليبيا ، وعلى نطاق أوسع حول معنى الحياة، وذلك ما يفسر مبادرة ساركوزي لإصدار كتاب، لأنها الوسيلة الوحيدة التي تمكنه من حكاية روايته كاملة غير منقوصة.
وحسب الصحيفة، يقول ساركوزي: "كنت أكتب بقلم حبر على طاولة صغيرة من الخشب، كل يوم، أعطي الأوراق لمحاميّ، فيعطونها لسكرتيرتي لكتابتها على الحاسوب".
ويتابع: "كتبت دفعة واحدة، وبعد خروجي يوم الاثنين، أنهيت الكتاب خلال الأيام التالية. ثم أعدت قراءته، وأدركت أنني رويت عدة قصص: قصة حياتي في السجن، وقصة محاكمتي، وقصة عائلتي التي بقيت متماسكة وقد ساعدتني كثيرا. هذا ما أردته".
صرح ساركوزي للوفيغارو بأن "السجن قاس جدا"، موضحا أن "المسار القضائي، سواء بوعي أو بغير وعي، معد لإضعافك، ولجعل المتهم يشعر بالذنب. ذنب ماذا؟ لا أهمية لذلك"
وذكرت الصحيفة أنها ليست المرة الأولى التي يفضل فيها ساركوزي الكتابة على الكلام، إذ سبق له أن أصدر عام 2000 كتاب "حرّ"، الذي تناول فيه إخفاقاته السياسية وقطيعته مع الرئيس الراحل جاك شيراك .
وصرح العقيد فرانسوا -الذي خاض ساركوزي معركة لنقله قبل عامين من سجن في مدغشقر إلى سجن لاسانتي بباريس- للصحيفة في اتصال هاتفي: "سخر الناس من قِصر المدة التي قضاها، لكن الأمر لا يتعلق بالمدة، بل بالصدمة. بالنظر إلى مكانته، كانت تلك صدمة ثقيلة. أفهم تماما لماذا كتب كتابا، فالكتابة قوة محرِّرة. عندما تجد نفسك في السجن، تصبح بلا فائدة، والكتابة تجعلك مفيدا من جديد".
وتابعت لوفيغارو أن ساركوزي كتب عن الحياة بلا سلطة، حياة صاحب الرقم 320535 داخل السجن، ووصف يوميات رجل عاش 3 أسابيع على منتجات الألبان، والمياه المعدنية، وعصير التفاح، وبعض الحلويات، وبقي محبوسا في زنزانته 23 ساعة من أصل 24، باستثناء فترات الزيارة.
وقالت إنه برغم وجوده في طابق "الشخصيات المهمة"، حيث لا تُغلق الأبواب بالكامل ويسمح بالخروج للممر، فقد كان لا بد لأسباب أمنية أن تبقى زنزانته مغلقة. ويقول ساركوزي عن ذلك: "كنت سأعطي الكثير، لأتمكن من النظر من النافذة، لأستمتع برؤية السيارات تمر".
ساعة واحدة في اليوم كان يقضيها في قاعة رياضة ضيقة -تتابع لوفيغارو- يركض قليلا على جهاز المشي، ثم يحاول الاستحمام بتلك القطرات الشحيحة من الماء. وبعد عودته إلى زنزانته، يكتب، ويشاهد أحيانا مباراة كرة قدم على التلفزيون الصغير.
لم يكن لديه هاتف محمول ولا جهاز لوحي -حسب لوفيغارو- وذلك خلافا لبقية النزلاء الذين يتداولونها خلسة، وكان لديه فقط رصيد محدود لاستخدام هاتف مراقب. كما كان يقرأ لوفيغارو وصحيفة ليكيب الرياضية فقط.
وقالت إنه كان يلتقي بانتظام زوجته كارلا بروني في قاعة الزيارة، وذلك كان يتطلب رحلة طويلة مع تغيير الطوابق، يرافقه فيها حراسه الشخصيون -الذين اختاروا البقاء معه- إضافة إلى السجانين.
حسب لوفيغارو، فقد كتب ساركوزي عن الحياة بلا سلطة، حياة صاحب الرقم 320535، الذي عاش 3 أسابيع على منتجات الألبان، والمياه المعدنية، وعصير التفاح، وبعض الحلويات
وتوضح الصحيفة الفرنسية أن نيكولا ساركوزي كان يجثو على ركبتيه ليصلي، كما كان الكاهن يزوره كل يوم أحد. وبمجرد خروجه من السجن، ذهب مع زوجته إلى الكنيسة حيث غُمر في ماء بارد (12 درجة)، وحضر القداس، واستُقبل بالتصفيق والتشجيع.
وعن ذلك يقول: "خلال تلك الأيام في السجن، تلقيت كمية هائلة من الرسائل، وتمكنت من معرفة أهمية الجذور المسيحية لفرنسا، وذرفت الدموع مرارا وأنا أقرأ تلك الرسائل، هذا التدفق أعطى معنى لمسيرتي السياسية".
وتقول لوفيغارو إن الكتاب أيضا محاولة لإقناع الناس ببراءته، حيث يطارده سؤال: "كيف قبلت عقول راجحة، رغم عدم تعاطفها معه، أن تأخذ على محمل الجد ادعاءات زمرة من مقربي القذافي ووسطاء مشبوهين؟".
المصدر:
الجزيرة