آخر الأخبار

انعكاسات انسحاب “العمال الكردستاني” على “قسد” في سوريا

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

دير الزور- في مشهد وُصف بأنه نهاية أطول حرب عرفتها تركيا ، أعلن حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) سحب مقاتليه من أراضيها باتجاه شمال العراق ، في خطوة عدّتها أنقرة بداية ما سمتها "تركيا خالية من الإرهاب".

جاء الإعلان بعد رسالة من زعيم الحزب عبد الله أوجلان ، دعا فيها إلى "الانتقال للنضال الديمقراطي"، أعقبها وقف فوري لإطلاق النار ومؤتمر في جبال قنديل أقرّ حلّ البنية العسكرية للحزب، منهيا مرحلة مسلحة امتدت أكثر من 4 عقود.

ويعود أصل هذا التحول حين دعا دولت بهتشلي ، زعيم حزب الحركة القومية وشريك الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الحكم، لتسوية مع أوجلان. غير أن صداه تجاوز الحدود، إذ أثار تساؤلات عن مستقبل الامتداد السوري للحزب المتمثل في قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، ومدى تأثرها بتفكيك الحزب الأم.

جذور العلاقة

منذ عام 2012، بدأت خيوط العلاقة بين حزب العمال الكردستاني (بي كيه كيه) ومناطق شمال وشمال شرق سوريا تتشكل بتدرج، عبر فرعه السوري "حزب الاتحاد الديمقراطي" (بي واي دي)، الذي أسّس نواة وحدات حماية الشعب (واي بي جي)، التي تحولت لاحقا إلى العمود الفقري لـ"قسد" بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن .

وتشير تقارير "معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى" إلى أن واشنطن تعاملت مع "الاتحاد الديمقراطي" كشريك عسكري فاعل ضد تنظيم الدولة الإسلامية ، لكنها أبقت مسافة سياسية بسبب صلته الأيديولوجية بـ"بي كيه كيه" وهو ما أبقى التوتر مع أنقرة قائما.

كما توضح دراسة لمركز الأبحاث التركي "سيتا" أن تبادل الكوادر وتطابق المناهج القيادية بين الجناحين التركي والسوري يصعّبان الفصل بينهما فعليا، رغم محاولات الطرفين نفي ذلك علنا.

ورغم حرص قيادة "قسد" و الإدارة الذاتية على إظهار استقلالها السياسي، فإن عددا من قادتها لا ينفون انخراطهم في الحركات الكردية المسلحة منذ سبعينيات القرن الماضي، قبل أن يعودوا إلى سوريا مع تصاعد الحرب فيها "لحماية مناطقهم وأهلهم"، كما يقولون.

إعلان

ومع ذلك، بقيت الروابط الفكرية والتنظيمية بين "قسد" والحزب الأم قائمة، رغم محاولات متكررة من الطرفين لنفيها، وفق محللين.

مصدر الصورة الرئيس السوري أحمد الشرع خلال توقيعه "اتفاق 10 آذار" مع قائد قوات "قسد" مظلوم عبدي (الجزيرة)

بين أنقرة ودمشق

يقول المحلل والباحث في "مركز عمران للدراسات"، أسامة شيخ علي، إن نفوذ حزب "العمال" داخل "قسد" لا يزال قويا وفاعلا في معادلة الضغط السياسي بين أنقرة والحزب نفسه، مشيرا إلى أن كلا الطرفين يستخدمان "قسد" كورقة تفاوضية في سياق محادثات السلام الجارية بتركيا.

ويضيف للجزيرة نت أن تقدم الحوار بين أنقرة و"بي كيه كيه" ينعكس مباشرة على شمال شرق سوريا، موضحا أن نجاح مسار السلام التركي "قد يخفف الضغط العسكري والسياسي على قسد ويفتح الباب أمام تقدم موازٍ في المفاوضات بين قسد و دمشق بتنفيذ بنود اتفاق 10 مارس/آذار ".

ويرى الباحث أنه ومع أن الحزب أعلن وقف عملياته وسحب مقاتليه من تركيا، فإنه "لن يتخلى بسهولة عن ورقة سوريا، لأنها تُمثل رصيده الإستراتيجي في التفاوض مع أنقرة".

من جهته، يرى الأستاذ في جامعة كارتكن التركية، قتيبة فرحات، أن نداء السلام الصادر من أنقرة لا يمكن أن يبقى حبيس الجغرافيا التركية، بل لا بد أن يتردد صداه في سوريا، بالنظر إلى استمرار قنوات التواصل والتنسيق بين "بي كيه كيه" و"قسد". لكنه يعتقد أن تأثيره "سيكون محدودا لأن السياقيْن مختلفان جذريا".

ويقول فرحات للجزيرة نت إن "قسد" تتكوّن من خليط واسع من القوى يضم "فلول النظام" السابق ومجموعات إيرانية و"مليشيات" أخرى، مما يجعل قراراتها متعددة المرجعيات. مضيفا أن الحضور التنظيمي المباشر لـ"بي كيه كيه" داخل سوريا، يمنح أنقرة مبررا لتدخل عسكري واسع، إلا أنه يرجح أن يستمر التأثير عبر شخصيات وقيادات محدودة.

ويخلص فرحات إلى أن حلّ حزب "العمال" لا يعني تفكيك "قسد"، فهي -كما يقول- منقسمة داخليا إلى 3 دوائر نفوذ: قسد "الفلول"، وقسد إيران ، وقسد قنديل، ويجمعها موقف عدائي من الدولة السورية.

ويؤكد أن انضمام بعض عناصر "قسد" إلى مؤسسات الدولة السورية لن يُبدد الخطر القائم ما لم يترافق مع "تفكيك عسكري منظم".

قرار مستقل

من ناحيته، قال ممثل الإدارة الذاتية لشمال وشمال شرق سوريا في دول الخليج العربي، سيهانوك ديبو، للجزيرة نت إن حزب العمال الكردستاني يحظى بتقدير واسع لدى الشعب الكردي، نظرا لتضحياته في سبيل ما وصفه بـ"السعي نحو حل عادل للقضية الكردية".

وأشار إلى أن ربط العمال الكردستاني تنظيميا وسيطرته على قرار الإدارة الذاتية "مقاربة قديمة ومضللة مصدرها تركيا وأطراف يسعون لإرضائها" وتحمل أغراضا واضحة لا تمثّل موقف القوى السياسية في شمال شرق سوريا ولا بالمجمل الشعبي الكردي في سوريا.

وشرح ديبو أن المؤتمر الصحفي لقيادات الحزب وبيان الانسحاب يُفهمان، من وجهة نظر الإدارة الذاتية، كخطوات تمهيدية لسلام مستدام في تركيا، وهو أمر له تداعيات إيجابية محتملة على أمن واستقرار المنطقة، وعلى مسار الحوار الجاري بين الإدارة الذاتية والحكومة المؤقتة في دمشق.

وأكد أن الإدارة الذاتية وقياداتها العسكرية "قسد" تتمتع بقرار مستقل وكامل داخل مناطقها، وأن مواقفها لا تحسم خارج إطار المؤسسات المحلية، رغم علاقاتها المتعددة مع التحالف الدولي وبلدان عربية وإقليمية والأحزاب الكردستانية.



مخاوف مبررة

لكن من وجهة نظر المحلل والباحث السوري المقيم في دمشق عباس شريفة، فإن إعلان حزب العمال الكردستاني سحب مقاتليه من تركيا لا يُقرأ في العاصمة السورية على أنه خطوة نحو السلام بقدر ما يُثير مخاوف من إعادة تموضع مقاتلي الحزب داخل الأراضي السورية.

إعلان

ويشير شريفة -في حديثه للجزيرة نت- إلى أن "المحبّذ بالنسبة لدمشق هو حل الحزب داخل تركيا لا خروجه منها"، لأن مغادرة مقاتليه الأراضي التركية قد تعني، في نظر المؤسسات الأمنية السورية، انتقال ثقلهم العسكري إلى مناطق سيطرة قوات "قسد" أو وحدات حماية الشعب، التي تُعدّ الجناح السوري المسلح للحزب، وتتحكم في مساحات واسعة من شمال شرق البلاد.

ويرى الباحث أن دمشق لا ترى في التطور الحالي مكسبا مباشرا، إذ إن "حزب العمال الذي خاض حربا ضد الدولة التركية لـ4 عقود، انتهى به الأمر بالحلّ والاستسلام والانخراط بالعملية السياسية داخل تركيا"، بينما تصر قيادة قسد -حسب قوله- على اعتبار "حل الحزب شأنا تركيا لا علاقة لسوريا به"، وهو ما تراه دمشق محاولة لفصل المسارين السوري والتركي بشكل متعمد.

لكن رغم هذا التحفظ، يعتقد الباحث أن مسار السلام التركي قد يخلق مناخا لتفاهم جديد بين دمشق وقسد، على قاعدة أن انهيار التجربة المسلحة لـ"بي كيه كيه" يمكن أن يفتح الباب أمام صيغة "دمج تدريجي لمؤسسات الإدارة الذاتية في مؤسسات الدولة السورية"، خاصة مع وجود ضغوط دولية وإقليمية متزايدة لإنهاء الملف في "شرق الفرات" ضمن إطار الدولة المركزية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا