في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي
في أعقاب قمة شرم الشيخ الدولية بشأن قطاع غزة التي حملت عنوان "قمة شرم الشيخ للسلام"، طرح الكثير من المحللين تساؤلات عن ما إذا كانت الحرب على غزة قد انتهت فعلا؟ وعن أسباب القفز على جذور الصراع؟ وأين الدولة الفلسطينية؟ و ما آلية نزع السلاح؟ ما مستقبل حركة المقاومة الإسلامية ( حماس )؟ محذرين من "سلام سلبي" يتجاهل حقوق الفلسطينيين.
وكانت القمة التي عقدت بمشاركة نحو 20 من قادة العالم، قد شهدت توقيع قادة الولايات المتحدة و قطر و مصر و تركيا على وثيقة اتفاق غزة لضمان إنهاء الحرب بين إسرائيل وحركة حماس في القطاع المدمر، فيما أعرب الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن اعتقاده بأن الاتفاق "الأكبر والأكثر تعقيدا" سيصمد، مؤكدا أن الحرب انتهت.
و في إطار المرحلة الأولى من خطة ترامب أفرجت إسرائيل عن 1968 أسيرا فلسطينيا بينهم أصحاب مؤبدات وأحكام عالية، مقابل 20 أسيرا إسرائيليا على قيد الحياة أفرجت عنهم المقاومة الفلسطينية، كما تسلم الصليب الأحمر رفات 4 أسرى إسرائيليين من قطاع غزة.
ويعتبر الأكاديمي والخبير بالشؤون الإسرائيلية الدكتور مهند مصطفى أن العنوان الأساسي للقمة هو انتهاء الحرب على القطاع، مستندا على الإعلان الأميركي الإسرائيلي في الكنيست والإعلان العربي الدولي في شرم الشيخ عن انتهاء الحرب.
كما أشار مصطفى إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب لدى المحكمة الجنائية الدولية وقف في الكنيست وأعلن بشكل واضح انتهاء الحرب، في رسالة مباشرة لليمين "المتطرف" والوزيرين إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش الذين عولوا على استئناف الحرب.
ويؤكد على أن غزة تحولت بالنسبة لإسرائيل من قضية إستراتيجية إلى قضية أمنية، وأصبحت بقعة للقفز نحو ما يسمى السلام الإقليمي و الشرق الأوسط الجديد.
وفي السياق ذاته، يتوقع أستاذ النزاعات الدولية بمعهد الدوحة للدراسات العليا الدكتور إبراهيم فريحات أن الحرب بشكلها الماضي من الإبادة لن تعود، لكنه يحذر من أن هذا لا يعني حدوث سلام واستقرار حقيقي في غزة أو الضفة الغربية .
ويشير إلى فرق شاسع بين الإغاثة التي دخلت وبين إعادة الإعمار الفعلية، محذرا من استخدام "النموذج السوري" حيث تم ربط إعادة الإعمار بأهداف سياسية دون تحقيق أي منهما.
من جهته، أشاد مدير المؤسسة الفلسطينية للإعلام إبراهيم المدهون بإنهاء الحرب كهدف عاجل بعد تهديد وجودي ليس فقط على غزة بل على القضية الفلسطينية بأكملها.
ويعتبر المدهون القمة نوعا من الضمانة المطلوبة لعدم تجدد الحرب، لكنه يبدي تخوفا من عدم قدرة أميركا أو المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل بالالتزام الكامل.
ويؤكد المدهون على الحاجة العاجلة لأمرين:
ويشير إلى أن السلوك العدواني للحكومة الإسرائيلية هو الضمان الوحيد لبقائها، وأن نتنياهو وحكومته يدركون أن توقف الحرب يعني الذهاب إلى سيناريوهات تفكيك الحكومة ومحاسبة أعضائها.
وفيما يتعلق بالقفز على جذور الصراع وغياب الدولة الفلسطينية، يحذر الدكتور فريحات من أن القمة عملت كل شيء إلا التعامل مع جذور الصراع.
ويشير فريحات إلى أن جذور الصراع المتمثلة بالحرية وتقرير المصير للشعب الفلسطيني تم القفز عليها، مصنفا هذا النوع من السلام بـ"السلام السلبي" الذي يتجاهل الجذور الحقيقية للصراع.
ويؤكد الخبير أن المشكلة الكبرى تكمن في ربط كل الحديث بسلام الشرق الأوسط وليس بالدولة الفلسطينية، موضحا أن ترامب يريد التعامل مع السلام الاقتصادي والتطبيع والاتفاقيات الأبراهامية بدلا من الحل السياسي الجذري.
ومن المنظور الأميركي، يؤكد المحلل الإستراتيجي في الحزب الجمهوري أدولفو فرانكو أن الحرب التقليدية انتهت لأن حماس "هُزمت من المنظور العسكري"، معتبرا ما حدث انتصارا لإسرائيل.
ويتفق جزئيا على ضرورة التعامل مع جذور النزاع، محذرا من أن الصراع سيطفو على السطح مجددا إذا شعر الفلسطينيون بعدم العدالة.
ويوضح فرانكو أن سياسة الولايات المتحدة ترى أن الحديث عن دولة فلسطينية "سابق لأوانه"، مشيرا إلى أن هناك خطوات متعددة يجب تنفيذها قبل الوصول إلى حل الدولتين، ويؤكد أن أميركا لا تعارض حل الدولتين، لكنها تعارض فرضه بشكل سابق لأوانه.
وفي المقابل، يرفض الدكتور فريحات هذا الطرح بشدة، مشيرا إلى أن ترامب "لم ينطق اسم دولة فلسطينية" لا في إدارته الأولى ولا الثانية.
ويطرح فريحات "التحالف السعودي الفرنسي" كبديل شرعي لنهج الإدارة الأميركية، مؤكدا أن هناك زخما دوليا كبيرا لهذا المسار الذي يتعامل فعلا مع قضية الدولة الفلسطينية.
وحول مستقبل حماس، تبرز قضية نزع السلاح كأكبر تحدٍ في المرحلة المقبلة، ويحذر الدكتور فريحات من دخول معضلة "نزع السلاح مقابل مجلس السلام"، معتبرا أن مجلس السلام وصاية واستعمار بجوهره.
ولم تلتزم حماس بأي شيء يتعلق بالسلاح في الاتفاق، كما يقول فريحات، الذي أكد أن نزع السلاح يتطلب إما أفقا سياسيا بمعنى دولة فلسطينية، أو ستحتفظ القوات بأسلحتها كضمان وحيد.
ويشير الدكتور مصطفى إلى تخوفات إسرائيلية من العودة إلى منطق ما قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول، حيث تُترك حماس لتعيد بناء نفسها سلطويا وعسكريا وأمنيا خلال فترة الانتقال.
ويوضح أن إسرائيل تنظر إلى المرحلة الثانية على أنها معقدة، مع تخوف من أن تؤثر حماس بشكل كبير على منظومة نزع السلاح.
وفي هذا السياق، يرى المدهون أن هناك إدراكا دوليا بأنه لا يمكن تجاوز حماس، وأن الحديث عن السلاح له 3 أبعاد:
ويؤكد أن حماس منفتحة ومعنية بضبط الحالة وأن تكون جزءا من الاستقرار.
وفيما يتعلق بخطط الاستيطان والضفة الغربية، يلفت الدكتور مصطفى إلى أن إسرائيل لا تواجه أي لجام لنشاطاتها الاستيطانية في الضفة الغربية، موضحا أن ترامب عمليا أعطى إسرائيل حرية التصرف في الضفة رغم رفضه الضم الرسمي.
ويشير إلى وجود أرضية قانونية إسرائيلية صلبة ضد الدولة الفلسطينية، بما في ذلك قوانين تمنع الاعتراف بقيام دولة فلسطينية وعشرات القوانين التي تعمق السيطرة الاستيطانية.
وفي استشرافه لمستقبل المقاومة، يؤكد الدكتور فريحات على أن المعركة بدأت الآن، معتبرا إياها معركة النضال الوطني الفلسطيني بمرحلة جديدة، ويشير إلى تشكل مناخ دولي كبير على أسس جديدة، حيث تحول الصراع من "قُطري فلسطيني إسرائيلي" إلى صراع على القيم والحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.