آخر الأخبار

"جدار المسيّرات".. هل تنجح أوروبا في بناء مظلة دفاعية موحدة؟

شارك
طائرات مسيّرة حلقت فوق عدد من مطارات الدنمارك

حفزت حوادث انتهاك المجال الجوي لدول أوروبية من تسارع الخطى نحو تعزيز منظومات الحماية الجوية، لتضع خطوة "جدار المسيّرات" في صدارة الأولويات، ما يثير تساؤلات عن الإجماع الأوروبي على تلك الخطوة ومصادر التمويل، فضلًا عن مدى مساهمتها في بناء منظومة دفاعية موحدة تُجابه "المفاجآت" في سماء دول التكتل.

في الأسابيع الأخيرة، تحولت المسيرات إلى تهديد مباشر لعمق أوروبا، بعدما شهدت مطارات في الدنمارك والنرويج تحليق مسيّرات مجهولة، أعقبها حوادث مماثلة في بولندا، ما أثار قلقًا متصاعدًا داخل الاتحاد الأوروبي وحلف "الناتو"، ما دفع بروكسل إلى تعجيل مشاورات إنشاء خط دفاع جوي جديد.

ويرى خبراء ومحللون عسكريون في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مشروع "جدار المسيرات" الأوروبي يعكس إدراكا متزايدا لخطورة التهديدات الجوية غير التقليدية، لكنه في الوقت نفسه يواجه تحديات تقنية ولوجستية قد تحول دون تطبيقه بشكل كامل في المدى القريب.

وأشاروا إلى أن المشروع، رغم طابعه الدفاعي، قد يفتح الباب أمام سباق تسلح جديد في الأجواء الأوروبية، وهو ما يحول "جدار المسيّرات" إلى ساحة حرب جديدة بين موسكو والغرب.

ومن المقرر أن تعقد 7 دول من الخطوط الأمامية، بينها دول البلطيق وبولندا ورومانيا وبلغاريا، اجتماعًا افتراضيًا مع المفوضية الأوروبية وأوكرانيا لمناقشة المشروع، ووفق دبلوماسيين أوروبيين، سيطرح الاجتماع مقترحات لتمويل الجدار ضمن أجندة قمة غير رسمية لقادة الاتحاد مطلع أكتوبر في كوبنهاغن.

ويضع المسؤولون الأوروبيون تصورا لنظام متعدد الطبقات يضم رادارات وكاميرات وكاشفات ترددات وأنظمة دفاع جوي قادرة على تعطيل أو إسقاط أسراب مسيّرات، في الوقت الذي أبدت شركات التكنولوجيا الدفاعية الأوروبية استعدادًا للمشاركة، في مؤشر على أن المشروع قد يتحول إلى منصة لتطوير صناعة دفاعية جديدة داخل القارة.

ضرورة.. وتحديات كبرى

وفي حديث خاص لموقع "سكاي نيوز عربية"، يرى محاضر الاستراتيجيات العسكرية بجامعة بورتسموث البريطانية، فرانك ليدويدج، أن مشروع "جدار المسيرات"، امتداد لمبادرة أعلنت عنها ألمانيا وانضمت إليها نحو 20 دولة أخرى منذ عام 2022، لكن المبادرة الأوروبية الأخيرة "جزء من مشروع أكبر بكثير، وجاء بالأساس نتيجة للاختراقات الجوية التي وقعت في بولندا الأسبوع الماضي".

ومع ذلك، قال ليدويدج، وهو مؤلف كتاب "خسارة الحروب الصغيرة" الذي حقق مبيعات كبيرة، إن "إنشاء منظومة تغطي كامل الحدود الأوروبية ضد الصواريخ والمسيرات، فهو أمر غير عملي في الوقت الراهن، وما يمكن تطبيقه فعلياً هو حماية مناطق أو مدن محددة معرضة للخطر، تماماً كما يفعل الأوكرانيون في تأمين مواقع رئيسية مثل كييف".

وأشار إلى الكثير من التعقيدات التي ستواجه تطبيق هذا المشروع الأوروبي، مبينًا أن "الدفاع عن منشأة صغيرة مثل مطار أو قرية ضد أنواع الطائرات المسيرة المختلفة يُعد مهمة صعبة، سواء كانت مسيّرات هجومية كالتي نراها في أوكرانيا مثل "جيران-2"، أو المسيّرات التكتيكية المعززة بالذكاء الاصطناعي".

وأوضح ليدويدج أن "هذا هو نفس التحدي تقريباً الذي واجه مبادرة "القبة الذهبية" التي طرحها الرئيس الأميركي دونالد ترامب".

ولفت محاضر الاستراتيجيات العسكرية بجامعة بورتسموث، إلى أن "ما جرى في بولندا كان نظام دفاع جوي يتعامل مع طائرات مسيرة كبيرة نسبياً، بطيئة الحركة، وبأعداد محدودة، لكن الخوف يكمن في أن تتصاعد حدة هذه الاختراقات لتتحول إلى هجمات أسراب ضخمة من مئات أو حتى آلاف الطائرات المسيرة، وربما بعضها يُدار بواسطة الذكاء الاصطناعي".

وشدد على أن "المخططين العسكريين ينظرون بجدية في توظيف تقنيات الذكاء الاصطناعي لمواجهة تحديات الاختراقات واسعة النطاق، في الوقت الذي يسعى فيه الطرف الآخر لاستخدام هذه التقنيات لتوجيه الدرونز والتحكم بها".

"بمعنى آخر، هناك سباق تقني بين قدرات الهجوم والدفاع، والكفة حالياً تميل لصالح المهاجمين الذين يمتلكون القدرة على شن هجمات واسعة النطاق"، وفق ما ذكر ليدويدج.

وأكد أن "هذه التقنيات ما زالت غير ناضجة، ولم تُطور بعد إلى المستوى الذي يسمح بإقامة "جدار مسيّرات" فعال، والكثير مما يُقال حول هذا المشروع يظل في إطار الخطاب السياسي أكثر منه خطة عملية قابلة للتنفيذ".

تحول كبير جراء حرب أوكرانيا

بدوره، قال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق مايك ملروي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "إحدى أبرز التحولات في طبيعة القتال التي أفرزها الصراع في أوكرانيا هي حرب الطائرات المسيّرة وحرب التصدي لها، حيث شهدت القدرة التدميرية لتلك الوسائل تطورًا متسارعًا أشبه بالتصاعد المتضاعف".

وأوضح ملروي الذي سبق أن عمل في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، أن "الاختراقات التي تتعرض لها دول الناتو الأوروبية لا تقتصر على كونها أعمالًا استفزازية، بل تُسبب مشكلات حقيقية، وفي الوقت نفسه تدفع تلك الدول إلى اختبار وتعزيز قدراتها الدفاعية".

ووفق المسؤول العسكري الأميركي السابق، فإن "الوسائل الدفاعية التقليدية، لم تعد كافية، ومن ثمّ، يتعين على هذه الدول أن تطور فورًا قدراتها الدفاعية والهجومية على حد سواء، ومن هنا تأتي أهمية الخطوة الأوروبية الأخيرة بشأن حائط المسيرات".

ووفق صحيفة "التيغراف" البريطانية، يتصور المسؤولون الأوروبيون حاليًا نظامًا متعدد الطبقات يضم كاشفات ترددات راديوية، وكاميرات، ورادارات، ونظام دفاع جوي قادر على تعطيل أسراب المسيّرات.

ومن بين الأنظمة المتوقع أن تكون جزءًا من المشروع نظام مشترك يُسمى "إيرشيلد"، ويقال إنه يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد الطائرات المسيّرة، مما يعني أنه قد يعمل بشكل آلي بالكامل.

سكاي نيوز المصدر: سكاي نيوز
شارك

أخبار ذات صلة



حمل تطبيق آخر خبر

إقرأ أيضا