في اليوم 675 من حرب الإبادة على الشعب الفلسطيني بقطاع غزة، استشهد مراسلا قناة الجزيرة في مدينة غزة أنس الشريف ومحمد قريقع مساء الأحد بقصف إسرائيلي استهدف خيمة للصحفيين بمحيط مستشفى الشفاء بالمدينة شمالي القطاع.
أعلن المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة، ارتفاع عدد القتلى الصحفيين إلى 237 صحفيا، منذ بداية الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي، وذلك إثر استشهاد مراسلي قناة الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، إضافة إلى الصحفي إبراهيم ظاهر، ومصورين اثنين وهم: مؤمن عليوة، ومحمد نوفل.
كما كان دائما يترك أثرا مميزا أينما حلّ خلال 22 شهرا من تغطيته حرب الإبادة الإسرائيلية على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، لم يترك الصحفي أنس الشريف مراسل قناة الجزيرة، اغتياله يمرّ بلا وصية مؤلمة، تحمل وجع شعبه، وتحمل رسالة واضحة لمن سكتوا عن دماء الأبرياء ومن رضوا بالظلم والقهر.
وعقب اغتيال الشريف بصاروخ إسرائيلي استهدفه و4 من زملائه بطاقم الجزيرة في مدينة غزة، نشرت إدارة حسابه بموقع "إكس" وصيته التي كتبها في أبريل/نيسان الماضي، وأوصى فيها الشريف بعدم نسيان غزة وتحرير فلسطين وعدم الاستسلام للاحتلال.
وفيما يلي نص الوصية:
"هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة. إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي. بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندا وصوتا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة "المجدل" لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ. عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف. أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم. أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران. أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة. أُوصيكم بأهلي خيرًا، أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيّام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم. وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عونًا ورفيق دربٍ حتى يشتدّ عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة. أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي. أدعو الله أن يُربط على قلبها، ويجزيها عنّي خير الجزاء. وأوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيامٍ وشهورٍ طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكلّ قوّة وإيمان. أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندًا بعد الله عز وجل. إن متُّ، فإنني أموت ثابتًا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمنٌ بلقائه، ومتيقّن أن ما عند الله خيرٌ وأبقى. اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورًا يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي. سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل. لا تنسوا غزة… ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول.
أنس جمال الشريف
06.04.2025.
وصية مراسل الجزيرة الشهيد أنس الشريف قبل اغتياله:
شبكة الجزيرة الإعلامية:
أعلنت حكومة غزة، أن اغتيال الاحتلال الإسرائيلي 5 صحفيين في مدينة غزة بينهم مراسلا الجزيرة أنس الشريف ومحمد قريقع، "تمهيد لخطة الاحتلال الإجرامية للتغطية على المذابح الوحشية الماضية والقادمة التي نفّذها وينوي تنفيذها في القطاع".
وأوضحت في بيان، أن اغتيال الاحتلال للصحفيين والمؤسسات الإعلامية جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية