في تطور مفاجئ ضمن مسار الصراع الفلسطيني الإسرائيلي أعلنت حركة المقاومة الإسلامية ( حماس ) عن مفاوضات مباشرة ومتقدمة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، في خطوة تعد الأولى من نوعها، وقد تمهد لتفاهمات تقود إلى وقف شامل لإطلاق النار في قطاع غزة .
ويرى الخبير الأمني والعسكري أسامة خالد أن التفاهم، الذي تم التوصل إليه بشأن إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي حامل الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر، يمثل إحراجا سياسيا لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، نظرا لتعارضه مع الأهداف المعلنة لحكومته بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأوضح خالد -في مقابلة مع الجزيرة نت- أن نتنياهو يحاول التقليل من شأن هذا التفاهم في الداخل الإسرائيلي وعلى المستوى الإعلامي، مع التمسك بسياسات عسكرية وسياسية منفصلة عن الرؤية الأميركية التي تنطلق من اعتبارات مصلحية دون الدخول في مواجهة مباشرة مع واشنطن قد تضر بعلاقاتهما الإستراتيجية.
من جهته، اعتبر المحلل السياسي والمختص في الشأن الإسرائيلي مصطفى إبراهيم أن الاتفاق الأخير بين حماس وواشنطن لا يقتصر تأثيره على إطلاق سراح الجندي عيدان فقط، بل يفتح الباب أمام معادلة تفاوضية جديدة تقودها الإدارة الأميركية من خارج التنسيق الكامل مع حكومة نتنياهو.
وتحدث إبراهيم -في مقابلة مع الجزيرة نت- عن بوادر تحولات سياسية أعمق في الداخل الإسرائيلي، حيث بدأت الاحتجاجات تتصاعد من عائلات الأسرى والمعارضة، تزامنا مع توتر العلاقة بين نتنياهو وترامب الذي كان له دور في إبرام هذا التفاهم، خاصة بعد أن تبين أن نتنياهو أُبلغ بتفاصيل الصفقة في وقت متأخر.
وأشار إلى أن ما وصفه بعض المحللين الإسرائيليين بـ"التحرك خارج الصندوق" من جانب ترامب قد يشكل بداية لمسار تفاوضي جديد بشأن غزة، ويدفع الولايات المتحدة إلى مواصلة الحوار مع حماس رغم الاعتراضات الإسرائيلية.
كما رأى إبراهيم أن زيارة ترامب المقررة إلى الشرق الأوسط تحمل زخما سياسيا ودبلوماسيا قد يدفع واشنطن نحو إبرام اتفاق شامل يشمل إطلاق سراح جميع الأسرى، في وقت تصر فيه إسرائيل على مواقفها التقليدية.
لكنه رجح أن الضغوط الأميركية، بالإضافة إلى التباينات الداخلية في إسرائيل، قد تجبر نتنياهو على إعادة النظر في سياساته، خصوصا في ظل اتساع فجوة الخلاف بينه وبين المعارضة حول إدارة الحرب والتفاوض.
وقال خالد إن التفاهم تم بدفع من وسطاء إقليميين مثل قطر ومصر وتركيا، بهدف احتواء التصعيد في الشرق الأوسط.
وأضاف أن الإنجاز المحقق يخدم أولويات أميركية آنية أكثر من كونه يعبر عن تحول إستراتيجي في السياسة الأميركية تجاه القضية الفلسطينية.
وخلص إلى أن ما جرى يظل تطورا مؤقتا يخدم المصالح الأميركية دون أن يعكس تحولا جوهريا في تعاطي الولايات المتحدة مع أطراف الصراع في المنطقة.