آخر الأخبار

جيوسياسية الاستحواذ.. الخلفيات الاقتصادية لحصار ترامب نفط فنزويلا

شارك

في حال واجهت مشكلة في مشاهدة الفيديو، إضغط على رابط المصدر للمشاهدة على الموقع الرسمي

يمثل الحصار الأميركي الحالي على فنزويلا تطبيقا عمليا لعقيدة جيوسياسية صريحة تبناها الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه، تتجاوز الأهداف السياسية التقليدية إلى أطماع اقتصادية مباشرة.

1- العقيدة الإستراتيجية.. "أخذ النفط" ومشروع 2025

تتلخص هذه الرؤية في مبدأ "إلى المنتصر تعود الغنائم"، وقد صرح ترامب سابقاً ومستشاروه بأن النفط يجب أن يكون "تعويضاً" للولايات المتحدة مقابل تدخلاتها.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 من يدفع ثمن التضييق على نفط فنزويلا أميركا أم الصين؟
* list 2 of 2 هل تستهدف أميركا الجزء الأخطر في أسطول النفط بفنزويلا؟ end of list

وتستند تحركات ترامب ضد نفط فنزويلا إلى وثيقة "مشروع 2025" لمؤسسة التراث، التي أعادت إحياء " مبدأ مونرو" بنسخة أكثر تشدداً "لأزمة ترامب".

ويرى "مشروع 2025" أن السيطرة الأميركية المطلقة على موارد الطاقة في نصف الكرة الغربي ضرورة وجودية لقطع الطريق على النفوذ الصيني والروسي.

ولشرعنة هذه السيطرة، صُنف النظام الفنزويلي ومؤسساته النفطية ضمن قوائم "الإرهاب"، ما حوّل النفط الفنزويلي قانونيا من سلعة تجارية إلى "أصل غير مشروع" يمكن مصادرته، وهو ما ترجم فعليا في أواخر 2025 بفرض حصار بحري واعتراض ناقلات النفط.

السيطرة الأميركية المطلقة على موارد الطاقة في نصف الكرة الغربي ضرورة وجودية لقطع الطريق على النفوذ الصيني والروس

2- "الجائزة".. أضخم احتياطي نفطي في مواجهة الانهيار

اقتصادياً، تدور المعركة حول أكبر احتياطي نفطي مؤكد في العالم، والذي يقدر بنحو 303 مليارات برميل، متفوقاً على السعودية، إلا أن قيمة هذا الاحتياطي تآكلت بسبب الانهيار الكارثي في القدرة الإنتاجية:


* الانهيار الإنتاجي: هبط إنتاج فنزويلا من 3.4 ملايين برميل يوميا في عام 1998 إلى مستويات تراوحت بين 800 ألف و900 ألف برميل يومياً في عام 2025.
* التحدي التقني: يتركز معظم النفط في "حزام أورينوكو" وهو نفط ثقيل جداً يحتاج إلى مخففات (Diluents) كانت تأتي سابقاً من الولايات المتحدة، وأدى الحظر الأميركي لهذه المواد إلى شلل القدرة التصديرية وأجبر كراكاس على الاعتماد على إيران في صفقات مقايضة معقدة.

3- آلية الخنق الاقتصادي.. هندسة الإفلاس

لم يكن الانهيار الفنزويلي عشوائياً، بل نتيجة "هندسة مالية" عبر العقوبات هدفت إلى دفع الدولة نحو التخلف عن السداد، مما يتيح للدائنين وضع يدهم الأصول السيادية:

إعلان

* عقوبات 2017 و2019: منعت الحكومة من إعادة هيكلة ديونها وحظرت تصدير النفط لأميركا (أكبر سوق نقدي لها)، مما تسبب بخسارة إيرادات نفطية تعادل 213% من الناتج المحلي الإجمالي بين عامي 2017 و2024.
* الانكماش: انكمش الاقتصاد الفنزويلي بنسبة تجاوزت 75%، وهو أكبر انهيار اقتصادي لدولة خارج أوقات الحروب، مما أدى إلى تضخم مفرط وتدمير القوة الشرائية.

4- معركة "سيتغو".. الخصخصة القسرية

أخطر ما في السيناريو الاقتصادي هو انتقال المعركة من الحصار إلى "الاستحواذ" عبر المحاكم الأميركية، وتعد شركة "سيتغو" الذراع التكريرية لفنزويلا في أميركا، الجوهرة التي يجري التنافس عليها.

في تطور حاسم لعام 2025، وافق القضاء الأميركي على بيع الشركة الأم لـ "سيتغو" قسرياً لسداد ديون متراكمة تجاوزت 20 مليار دولار، والفائز المبدئي هو صندوق التحوط ( إليوت) Elliott Management المدعوم من الملياردير بول سينغر المعروف بلقب "النسر المالي" بصفقة قيمتها 5.9 مليارات دولار فقط، رغم أن تقييم الشركة الحقيقي يتجاوز 11 مليار دولار.

ويمثل هذا البيع "خصخصة قسرية" لأهم أصل فنزويلي في الخارج، وتنتقل ملكية مصافي تكرير حيوية من الدولة الفنزويلية إلى مستثمرين أميركيين بأسعار بخسة، ما يحرم فنزويلا مستقبلاً من أهم منفذ لتسويق نفطها الثقيل ومصدر رئيسي للعملة الصعبة.

لا يهدف حصار ترامب الاقتصادي بالضرورة إلى احتلال عسكري تقليدي، بل يسعى إلى تفكيك السيادة الاقتصادية لفنزويلا

5- البعد الجيوسياسي.. روسيا والصين


* الصين: بصفتها أكبر دائن (أكثر من 60 مليار دولار)، وتتبنى بكين إستراتيجية "الإقراض الدفاعي" للحفاظ على تدفق النفط لسداد الديون، وتساعد فنزويلا على الالتفاف على العقوبات عبر " أسطول الظل".
* روسيا : لعبت دور المنقذ المالي سابقاً، لكنها قلصت انكشافها المباشر، ومع ذلك، تبقى موسكو داعماً سياسياً وعسكرياً رئيسياً لمنع سقوط النظام كلياً بيد واشنطن ، مستخدمة فنزويلا كورقة ضغط في صراعها العالمي مع الغرب.

6- السيناريوهات المستقبلية.. ما بعد مادورو


* السيناريو الأول، نموذج "شيفرون" النفط مقابل الديون: وهو السيناريو الأكثر واقعية حالياً، وتستمر الشركات الغربية (مثل شيفرون) في العمل بموجب تراخيص استثنائية، وتذهب عوائد النفط لسداد ديون الشركات الأميركية مباشرة من دون أن تمر بخزينة الدولة الفنزويلية، وهذا يحقق هدف "أخذ النفط" من دون الحاجة لتغيير النظام عسكرياً.
* السيناريو الثاني "خطة البلاد" والخصخصة الشاملة: في حال نجح الضغط الأميركي في تغيير النظام، سيتم تفعيل خطة المعارضة المعروفة بـ"خطة البلاد"، والتي تتضمن تعديل قانون المحروقات لإنهاء احتكار الدولة والسماح للشركات الأجنبية بتملك حصص الأغلبية في الحقول النفطية، وربما استخدام "مبادلة الديون بالملكية" لبيع الحقول للدائنين.

في المجمل، لا يهدف حصار ترامب الاقتصادي بالضرورة إلى احتلال عسكري تقليدي، بل يسعى إلى تفكيك السيادة الاقتصادية لفنزويلا عبر أدوات مالية وقانونية.

والنتيجة النهائية المرجوة هي تحويل فنزويلا من دولة تسيطر على نفطها إلى مجرد "حارس" للحقول، بينما تذهب العوائد والأصول الإستراتيجية (مثل سيتغو) لسداد الديون وتغذية المصافي الأميركية، مما يعيد دمج أكبر احتياطي نفطي في العالم ضمن المدار الأميركي بشروط "السوق" لا بشروط "السيادة".

إعلان
الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار