آخر الأخبار

متحف اليمن الوطني.. صرح تاريخي طاله التخريب الإسرائيلي

شارك

في تكرار مأساوي للنمط الذي شهدناه في قطاع غزة، امتدت آلة الحرب الإسرائيلية لتطال كنوز التاريخ في اليمن، مستهدفة مواقع أثرية وتاريخية في عدوان يتجاوز الأهداف العسكرية المعلنة.

هذه المرة، كانت الضحية هي ذاكرة اليمن المحفورة في حجر وجدران المتحف الوطني اليمني في العاصمة صنعاء، الصرح الذي تأسس عام 1971 ويحتضن بين جنباته أكثر من 75 ألف قطعة أثرية نادرة.

اقرأ أيضا

list of 2 items
* list 1 of 2 أيادي الشباب تعيد نسج خيوط التراث المنسي في "بيت يكن" بالقاهرة التاريخية
* list 2 of 2 سجادة تروي تاريخا.. كيف يقاوم السجاد الكردي الاندثار؟ end of list

لم يسلم هذا المبنى التاريخي من القصف الإسرائيلي، الذي استهدف مبنى مجاورا له الأربعاء الماضي، وهذا أدى إلى أضرار جسيمة لحقت بالمتحف، رغم أنه هدف مدني بامتياز، في تناقض صارخ مع ادعاءات تل أبيب بأنها تستهدف فقط مواقع عسكرية تابعة لجماعة الحوثي.

مصدر الصورة آثار القصف بالمتحف الوطني اليمني في العاصمة صنعاء (الأناضول)

خطر جسيم يحدق بآثار اليمن

وفقا لوزارة الثقافة اليمنية التابعة للحوثيين، ألحقت الغارات الإسرائيلية أضرارا بالغة بالمتحف، بينما لا يزال مصير آلاف القطع الأثرية والتماثيل التاريخية المعروضة في الداخل غامضا ومقلقا. وفي مواجهة هذا التهديد، وجهت الوزارة نداء استغاثة عاجل إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة "اليونسكو".

وفي نص النداء، أوضحت الوزارة أن القصف الجوي الإسرائيلي أدى إلى تضرر المبنى التاريخي بشكل كبير، فضلا عن تعريض المقتنيات الأثرية "لخطر جسيم". وأكدت أن المتحف الوطني "يعد أحد أبرز رموز الهوية الوطنية اليمنية، وصرحا ثقافيا وتاريخيا يحفظ بين جدرانه آلاف القطع الأثرية التي تمثل جزءا لا يتجزأ من التراث الإنساني المشترك".

وتعليقا على الحادث، وصف عباد الهيال، رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف باليمن، المشهد بالمأساوي، وقال في تصريحات للصحفيين مساء الخميس: "الانفجارات كانت هائلة، والحالة كانت مأساوية، بعد أن قصفت طائرات العدوان الإسرائيلي مبنى مجاورا. وكان للمتحف الوطني نصيبه من آثار الدمار".

مصدر الصورة مبنى المتحف تعرض إلى أضرار جراء الغارة التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية (الأناضول)

وعن حجم الأضرار المادية، أضاف الهيال: "استطعنا الدخول إلى المتحف، وهو مبنى أثري، وبعد القصف الإسرائيلي انهارت جميع النوافذ، وتضررت بعض الأسقف، كما تضررت الواجهة الخلفية للمتحف بشظايا الصواريخ بشكل كبير". وأكد أنه "لم نتمكن بعد من تقييم حجم الأضرار التي لحقت بالقطع الأثرية النادرة".

إعلان

ووجه الهيال خطابا مؤثرا إلى العالم والمؤسسات الحضارية والثقافية، قائلا: "بغض النظر عن الجهة الحاكمة في صنعاء، إلا أن المتحف الوطني تراث إنساني للأجيال اليمنية جميعا ولكل الأطياف، ويجب أن يندد كل القائمين على الثقافة والآثار في العالم بهذا العمل الإجرامي". كما دعا إلى "تقديم العون غير المشروط، من أجل الحفاظ على هذا الموقع وبقية المواقع الأثرية في اليمن".

تاريخ من الحضارة في وجه الحرب

يأتي هذا الاستهداف في سياق عدوان إسرائيلي أوسع على صنعاء ومحافظة الجوف، أسفر عن 35 قتيلا و131 جريحا، حسب وزارة الصحة بحكومة الحوثيين. وهو يتبع اغتيال إسرائيل لرئيس حكومة الحوثيين أحمد غالب الرهوي وعدد من الوزراء في 28 أغسطس/آب الماضي.

مصدر الصورة المتحف الذي تأسس عام 1971 يضم 75 ألف قطعة أثرية (الأناضول)

يضم المتحف الوطني كنزًا لا يقدر بثمن من تاريخ اليمن السحيق ويحتوي على مجموعة فريدة من القطع الأثرية والنقشية التي تعود إلى الألف الأول قبل الميلاد، من بينها تمثال "معدي كرب" الشهير الذي يعود لما بين القرنين الخامس والسادس قبل الميلاد. كما يعرض في طابقه الثاني قطعا أثرية ونقوشا من تاريخ ممالك اليمن القديم، سبأ وحمير ومعين وحضرموت، في أجنحة مستقلة تروي قصة حضارة عريقة.

مصدر الصورة المتحف الوطني لم يسلم من القصف الإسرائيلي رغم أنه هدف مدني وتراثي (الأناضول)

ومن المفارقات المؤلمة أن المتحف الوطني، إلى جانب متحف الموروث الشعبي المجاور له، كان قد أُغلق عام 2011 بسبب الاضطرابات السياسية، وتعثرت إعادة فتحه لسنوات بسبب الحرب المستمرة منذ نهاية 2014. ولم تعلن جماعة الحوثي عن إعادة افتتاحه إلا في أبريل/نيسان 2024، ليعود ويواجه خطر الدمار بعد أشهر قليلة فقط.

إن استهداف إسرائيل للمتحف الوطني في صنعاء، بعد تدميرها لأغلب المواقع الأثرية في قطاع غزة، يؤكد من جديد أن الحرب لا تقتصر على الأهداف العسكرية، بل تمتد لتشمل محاولة محو الذاكرة وتدمير الهوية الثقافية للشعوب، في انتهاك صارخ لكل القوانين والأعراف الدولية.

الجزيرة المصدر: الجزيرة
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار