آخر الأخبار

هل يتم حظر استخدام الهواتف ووسائل التواصل في مدارس ألمانيا؟

شارك
المزيد من المدارس في ألمانيا تحظر استخدام الهواتف الذكية داخل حرم المدرسةصورة من: Marijan Murat/dpa/picture alliance

في أول يوم دراسي بعد العطلة الصيفية كادت كلارا بتاك أن تنسى هاتفها المحمول في المنزل، ولعل هذا أفضل دليل على أن المتحدثة باسم طلاب ثانوية دالتون في ألسدورف بولاية شمال الراين وستفاليا غرب ألمانيا، قد أدركت أنها لم تعد بحاجة إليه في المدرسة. فمنذ نهاية أبريل/ نيسان تفرض المدرسة حظرا صارما على استخدام الهواتف المحمولة لجميع الطلاب.

وتقول الفتاة البالغة من العمر 17 عاما لـDW : "لم يعد بإمكاني الآن النظر إلى هاتفي المحمول بين الحين والآخر وإرسال رسالة سريعة أثناء الاستراحة. في البداية سأل العديد من الطلاب والطالبات عن سبب ذلك، ولكن مع مرور الوقت أدرك الكثيرون أن الأمر ليس سيئا للغاية وأن له العديد من الجوانب الإيجابية".

ومع ذلك اختلفت الآراء بعض الشيء: "يجد معظم المعلمين أن هذا الأمر جيد جدا ويقبله الطلاب الأصغر سنا، بينما لا يرضى عنه الطلاب الأكبر سنا".

تعد مدرسة دالتون الثانوية واحدة من العديد من المدارس في المانيا التي لم تعد ترغب في الوقوف مكتوفة الأيدي أمام الاستخدام المفرط للهواتف المحمولة من قبل طلابها. بعد عطلة عيد الفصح تم إدخال مفهوم "ذكي بدون هاتف" كمرحلة تجريبية، ومنذ ذلك الحين يجب وضع الهواتف المحمولة في حقائب المدرسة من بداية الدوام المدرسي حتى نهايته. إذا تم ضبط أحد الطلاب وهو يستخدم هاتفه الذكي لا يمكن لوالديه استلام الهاتف حتى اليوم التالي من إدارة المدرسة.

وتقول بتاك: "تمت مصادرة 51 هاتفا محمولا وهو رقم لا بأس به بالنسبة لـ 700 طالب". "والآن نرى أن الأطفال الصغار الذين كانوا يقفون في دائرة وينظرون إلى هواتفهم المحمولة يلعبون معا كرة القدم أو البادمينتون أو الألعاب الجماعية. هذا تغير جذري بالفعل".

كلارا بتاك: حظر استخدام الهواتف المحمولة حتى الصف العاشر أمر منطقي وبعد ذلك يجب تخفيف هذا الحظر في رأيي صورة من: Oliver Pieper/DW

مناقشة ساخنة حول إيجابيات وسلبيات حظر استخدام الهواتف المحمولة

يدور جدل حاد في ألمانيا حول استخدام الهواتف الذكية في المدارس، ويرجع ذلك إلى عدم وجود لوائح موحدة على مستوى البلاد: هل يجب حظر الهواتف أم لا؟ تقترح أكاديمية العلوم ليوبولدينا حظر الهواتف المحمولة حتى الصف العاشر، وتوصي بإبعاد الأطفال دون سن 13 عاما عن الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي . ويطالب هندريك شتريك، مفوض الحكومة الفيدرالية لشؤون الإدمان والمخدرات بوضع حدود عمرية متدرجة لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لكنه يعارض حظر الهواتف المحمولة.

كما يرفض مؤتمر الطلاب الفيدرالي فرض حظر عام على الهواتف الذكية. وبدلا من ذلك يطالب المؤتمر بتعزيز الكفاءة الإعلامية في المدارس.

وماذا عن الآباء؟ إنهم في كل الأحوال منزعجون جدا من موضوع الهواتف المحمولة . فقد أظهر استطلاع أجرته مؤسسة فورزا لاستطلاع الرأي بتكليف من مؤسسة كوربر، أن أكبر عامل إجهاد للآباء والأمهات لأطفال تتراوح أعمارهم بين 12 و18 عاما هو استهلاك أبنائهم لوسائل الإعلام.

في ألسدورف تم استقبال حظر الهواتف المحمولة بشكل إيجابي في الغالب

ربما يجب أن نسأل مارتن فولر، مدير مدرسة دالتون الثانوية في ألسدورف، والذي دفع بفكرة حظر الهواتف المحمولة بنفس القدر الذي دفع به باتجاه الرقمنة في مدرسته من خلال توفير جهاز لوحي مدرسي لجميع الطلاب بدءًا من الصف السابع. ويتحدث فولر بفخر عن نتائج مشروع الهواتف المحمولة الذي قام فريقه بتقييمه بالتفصيل مع الطلاب والآباء والمعلمين.

مارتن فولر: في اليوم الثاني من المرحلة التجريبية عاد الأطفال للعب ببطاقات Unoصورة من: Oliver Pieper/DW

90 في المائة من المعلمين يؤيدون الحظر، حيث لاحظوا تحسنا كبيرا في السلوك الاجتماعي والتركيز لدى الطلاب خاصة الصغار منهم. كما أن غالبية الطلاب في المرحلة الإعدادية يعتبرون الحظر مفيدا للغاية، بينما يظل الطلاب في المرحلة الثانوية الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و19 عاما متشككين إلى حد ما. 85 في المائة من الآباء يؤيدون الحظر، حيث يلاحظون أن أطفالهم أصبحوا أكثر استقلالية ويشيدون بتحسن التواصل حتى في المنزل.

ويقول فولر لـ DW: "آباء الأطفال الأصغر سنا على وجه الخصوص يشكروننا على حظر الهواتف المحمولة، ويشيدون بمبادرتنا قائلين: الحمد لله، الأمر نفسه يحدث في المدرسة الابتدائية". ويأمل في أن يتخذ الآباء إجراءات أكثر حزما فيما يتعلق باستخدام أطفالهم للهواتف المحمولة : "لا يمكننا تعويض كل ما لا يتم القيام به في المنزل. نؤكد دائما على أنه ليس فقط علينا التعاون مع الآباء، بل من الأفضل أن نتحرك في نفس الاتجاه أيضا".

زولينغن: حظر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لجميع طلاب الصف الخامس

على بعد حوالي 100 كيلومتر إلى الشرق في زولينغن تم اتخاذ خطوة إضافية من خلال مشروع فريد من نوعه في ألمانيا: مع بداية العام الدراسي الجديد تم فرض حظر كامل على وسائل التواصل الاجتماعي لجميع تلاميذ الصف الخامس في المدينة: الطلاب الذين تتراوح أعمارهم بين 10 و 11 عاما سيضطرون إلى الاستغناء عن وسائل التواصل الاجتماعي حتى في المنزل. الفكرة جاءت من بوركهارد بروركين الذي كان مدير مدرسة في السابق وهو الآن مسؤول عن شؤون التعليم في الحكومة الإقليمية في دوسلدورف.

ويقول لـ DW: "زولينغن مدينة خاصة، لأننا نجحنا بسرعة في إقناع إدارات جميع المدارس الثانوية الـ 13 بالمشاركة في المشروع: المدارس الثانوية العامة والمدارس الإعدادية وكذلك المدارس الخاصة". ويضيف: "لقد أطلقنا بذلك شراكة تعليمية فريدة بين المدارس والآباء والأطفال".

وهذا يعني: لقد وقعوا جميعا على إعلان نوايا مكتوب يلتزمون فيه بتنفيذ المشروع معا لمدة عام. ويؤكد بروركين أن الاتفاقية غير سارية من الناحية القانونية بالطبع. وهذا أمر مهم بالنسبة إليه: فهي مجرد توصية أو عرض خدمة، وليست بأي حال من الأحوال محاولة من المدرسة للتدخل في تربية الأهل.

ويضيف "العديد من الآباء الذين تحدثنا معهم يدركون أيضا المشكلة الخطيرة المتمثلة في السلوك الخطير في استخدام الهواتف المحمولة وسألونا: لماذا لم نفعل ذلك من قبل. ولكن عندما يقول الطفل محقا: أنت تعزلني أنا الوحيد الذي لا يملك هاتفا محمولا، جميع أصدقائي يملكون هواتف؛ لا يمكن حل هذه المشكلة إلا من خلال التنسيق الاجتماعي. وهذا أمر يصعب على الآباء القيام به بمفردهم".

بوركهارد بروركين: لم نواجه أي انتقادات لمشروع حظر استخدام الهاتف المحمول في اجتماعات أولياء الأمور، بل على العكس ثم الترحيب بهصورة من: Privat

الآباء يرغبون في مزيد من التوعية

تدرك آلف كانوفسكي أيضا هذه المناقشات، فقد كانت ابنتها البالغة من العمر تسع سنوات من آخر من حصلوا على هاتف محمول في فصلها. وتقول كانوفسكي لـ DW: إن الاتجاه نحو استخدام الهواتف الذكية يبدأ منذ المرحلة الابتدائية. وتضيف أن الضغط الذي يتعرض له الطفل لكي لا يصبح منبوذا هائل. الآن أصبحت ابنتها من طلاب الصف الخامس الجدد في زولينغن ولم تكن متحمسة على الإطلاق في البداية لفكرة التخلي عن وسائل التواصل الاجتماعي.

" لم تقبل الفكرة إلا بعد أن شرحنا لها مدى تشتت انتباه الأطفال في حياتهم اليومية بسبب الهواتف المحمولة وعدم قدرتهم على التواصل مع الآخرين". تتمنى كانوفسكي المزيد من التوعية حول هذا الموضوع. "بصفتي أماً شعرت أحيانا بالضغط، خاصة فيما يتعلق بموعد السماح لأطفالي باستخدام الهاتف المحمول والوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي. يجب تطبيق مثل هذه المشاريع في عدة أماكن، حتى يتمكن الأطفال من الاستمتاع بطفولة سعيدة دون تشتيت انتباههم".

سيتم تقييم المشروع في الأشهر المقبلة. ويساعد في ذلك 50 من كشافة الإعلام المدربين في المدارس: وطلاب تتراوح أعمارهم بين 12 و 14 عاما قريبون من عمر طلاب الصف الخامس ومهمتهم حمايتهم من مخاطر الإنترنت. يأمل بوركهارد بروركين أن يتم قبول التخلي عن وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جيد. تشخيصه: الأطفال في حالة أسوأ من ذي قبل. ويقول: "هناك الكثير من الحالات في المدارس بين الأطفال والمراهقين الذين يعانون من الاكتئاب واضطرابات القلق. هذه ظاهرة لم تكن موجودة بهذه الكثرة قبل عشر سنوات، ولكنها الآن منتشرة في جميع المدارس. كانت الجائحة بمثابة عامل تسريع للحريق، ولكن الحريق كان موجودا بالفعل من قبل".

أعده للعربية: م.أ.م

تحرير: عارف جابو

DW المصدر: DW
شارك

إقرأ أيضا


حمل تطبيق آخر خبر

آخر الأخبار